حملة متوقعة ومعلومة الأهداف والدوافع شنتها عدداً من الصحف الإسرائيلية علي وزير الخارجية أحمد أبوالغيط في أعقاب التصريحات التي أدلي بها أثناء زيارة بالغة الأهمية قام بها إلي لبنان مطلع الأسبوع الجاري.. وعلي طريقة «القص واللزق» أقتطعت تلك الأقلام الإسرائيلية كلمات أبوالغيط من سياقها لتدبج حملتها. في بيروت قال أبوالغيط نصا نحن نقف مع لبنان وسوريا في وجه أي عدوان إسرائيلي وأن الهدف من زيارته لبيروت هو توطيد العلاقات الثنائية وتأكيد دعم مصر للبنان في جميع الظروف، ثم رد الوزير علي سؤال ينم عن أجندة صاحبه وهو عما إذا كانت مصر تحمل رسالة تحذير من إسرائيل إلي لبنان فأكد بأنه لا يحمل أي رسائل من عدو لشقيق عربي. ورغم وضوح المعني من السياق بأن أبوالغيط نعت إسرائيل بأنها عدو للبنان التي هي الشقيق العربي إلا أن الصحف الإسرائيلية تبارت في الهجوم علي أبوالغيط وزعمت أنه يصف إسرائيل بأنها عدو لمصر ونحن هنا لا نوضح موقفاً سياسياً لأن مثل هذا التوضيح له دوائره ولا ندافع عن وزير خارجية مصر لأن غضب إسرائيل لن يجدي معه ورضاءها لن يضيف إليه.. ولكن نوضح أبعاد حملة كشفتها نفس السطور التي كتبت للهجوم وهي حسب ما زعمت إحدي هذه الصحف أن أبوالغيط يكره إسرائيل لأنه لا يقيم أي علاقات مع نظيره - المتطرف - أفيجدور ليبرمان. أما الأبعاد الأخري فيمكن استشفافها بسهولة من خلال تتبع حزمه من المواقف الدبلوماسية المصرية في الآونة الأخيرة خاصة فيما يتعلق بالتحركات المصرية لجعل المجتمع الدولي يضغط علي إسرائيل لانضمامها لمعاهدة منع الانتشار النووي والتحرك لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلح الدمار الشامل وذلك من خلال المؤتمر المهم الذي سينعقد داخل أروقة الأممالمتحدةبنيويورك لمراجعة معاهدة منع الانتشار نهاية الشهر المقبل وتدرك إسرائيل أن الوضع الدولي والأقليمي قد يخدم السعي المصري الدءوب في هذا الأمر أخذاً في الاعتبار التسريبات الإعلامية التي تتحدث عن احتمال تجاوب الدول الخمس أعضاء مجلس الأمن مع الأطروحات المصرية، ولا يغفل في هذا السياق رسالة ضمنية حملتها تصريحات الوزير أبوالغيط لإسرائيل يوم السابع عشر من أبريل الجاري في معرض حديثه عن الفرق بين قمة الأمن النووي التي استضافتها واشنطن ومؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار عندما قال أبوالغيط بلهجة متشددة إن مصر ستقدم رؤيتها للوضع النووي في الشرق الأوسط وعلي مستوي العالم بشكل متكامل أمام مؤتمر نيويورك وتعلم إلي أين تمضي في هذا الموضوع ولا تخضع لأي «احراج» أو «ابتزاز» وستستمر في طرح مواقفها بقوة إلي أن يتحقق لها ما تريد من أجل المنطقة كلها. وتأتي الأهمية هنا في التوقف أمام مفردتين وهما «احراج» و«ابتزاز» واللتين تأتي هذه الحملة الإسرائيلية تحت هاتين الكلمتين أو إنهما بالفعل هما العنوان العريض غير المكتوب للحملة التي تشنها إسرائيل وصحفها علي وزير خارجية مصر.. والذي جاءت زيارته وتصريحاته في بيروت بالمصادفة في نفس اليوم الذي نشر فيه حلقة جديدة من شهادته علي حرب أكتوبر المجيدة والتي روي خلالها الكثير من الأسرار التي تجسد العبقرية المصرية التي حطمت إسطورة الجيش الإسرائيلي واستعادة الأرض والتي نعيش هذه الأيام في أعياد تحريرها.