عاجل - عودة يحيى السنوار.. لماذا كان غياب رئيس المكتب السياسي لحماس؟    أبو الوفا رئيسا لبعثة منتخب مصر في موريتانيا    ريحة من الشيخ زايد إلى الحدائق، أسباب انتشار الدخان الخانق في 6 أكتوبر    تامر عاشور وحماقي في حفل واحد، اعرف الميعاد والمكان    اكتشفي أهم فوائد واستخدامات، البيكنج بودر في البيت    تغطية إخبارية لليوم السابع حول حقيقة انفجارات أصفهان وسيناريوهات الرد الإسرائيلى    ترامب: لو كنت رئيسا ما وقعت حرب أوكرانيا وروسيا    إيمان العاصي: استعنت بمدرب أداء لتقديم"برغم القانون"    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    أمير توفيق يكشف سبب فشل صفقة انتقال محمد بن رمضان للأهلي    رد ناري من أمير توفيق على دونجا بشأن تفاوض الأهلي معه    ارتفاع حاد في أسعار النفط بعد تصاعد التوترات في الشرق الأوسط    6 سيارات إطفاء لسيطرة على حريق محطة صرف صحي ب أبو رواش    جريمة هزت أسيوط| قتل شقيقه ووضعه في حفرة وصب عليه أسمنت    رياح وشبورة.. الأرصاد تكشف الظواهر الجوية المتوقعة اليوم الثلاثاء    دخان كثيف يغطي الشيخ زايد.. والأهالي يعانون من صعوبة التنفس    أسعار اللحوم والدواجن اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر بسوق العبور للجملة    قيس سعيد بعد فوزه بفترة رئاسية ثانية: سأبني تونس وأطهرها من الفاسدين    مفتي الجمهورية الأسبق يكشف عن فضل الصلاة على النبي    هل يوجد إثم فى تبادل الذهب بالذهب؟ أمين الفتوى يجيب    خطة النواب: مصر مطالبة بدفع 1.3 مليار دولار لصندوق النقد الدولي لهذا السبب    أمن مطار القاهرة يحبط محاولة تهريب كمية من النقد الأجنبي بحوزة مسافرة عربية    عمرو خليل: فلسطين ستظل في قلب وعقل مصر بعد عام من العدوان على غزة والضفة    سعر سبيكة الذهب 10 جرام btc اليوم الثلاثاء 8-10-2024 في مصر    منير مكرم يكشف آخر التطورات الصحية لنشوى مصطفى: عملت دعامات وخرجت من المستشفى    معلومات عن إلهام عبد البديع بعد طلاقها.. انفصلت في نفس شهر زواجها    إيمان العاصي تكشف ل«صاحبة السعادة» عن أصعب مشاهد «برغم القانون»    ملف يلا كورة.. مجموعات الأبطال والكونفدرالية.. تصريحات أمير توفيق.. وقرعة الدوري المصري    «أخذت أكبر من حجمها».. تعليق صادم من عصام الحضري بشأن أزمة قندوسي    لماذا كان يصوم الرسول يوم الاثنين والخميس؟.. «الإفتاء» تجيب    بلاغة القرآن| تعرف على تفسير سورة الناس    رياضة ½ الليل| 76 ركلة جزاء بين سموحة والزمالك.. الأبرز    «أحمد» يحول بدلة تحفيز العضلات إلى علاج لزيادة قدرة التحمل: تغني عن المنشطات    خمسة لطفلك| تعرف على أهمية الوجبات المدرسية للأطفال    صحة المنوفية تنظم دورات تدريبية للأطقم الطبية    غزه الفاضحة .. قناة فرنسية: الإمارات تشارك "اسرائيل" بعمليات عسكرية في غزة (فيديو)    ننشر نص التحقيقات مع صاحب الاستديو في واقعة سحر مؤمن زكريا| خاص    4 جثث و 6 مصابين إثر حادث تصادم في بني سويف    «إسقاط عضوية إسرائيل».. ننشر بيان مؤتمر التحالف التقدمي العالمي    حدث منتصف الليل| تفاصيل عودة خط قطارات السكة الحديد لسيناء.. والمهن الطبية تعلن زيادة مساهمات الأمرا    المدير الفني لنادي بلاك بولز: الزمالك أحد أكبر فرق إفريقيا ومواجهته صعبة.. والمصري البورسعيدي مميز    حسام حسن يحدد موعد انضمام صلاح ومرموش لمنتخب مصر    بالصور.. محافظ المنيا يشهد حفل الجامعة بالذكرى ال51 لانتصارات أكتوبر المجيدة    رئيس مجلس أمناء حياة كريمة: تجار أعلنوا رغبتهم المشاركة فى حملة توفير اللحوم بأسعار مخفضة    حزب الله يقصف تجمعًا لقوات الاحتلال وصفارات الإنذار تدوى فى الجليل الغربى    القس منذر إسحق: نريد الحياة للجميع ولا سلام دون عدل    أبناء الجالية المصرية بالسعودية يحتفلون بذكرى نصر أكتوبر المجيد    «فرعون شديد».. عمرو أديب عن تألق عمر مروموش    رسميا بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024 (تحديث الآن)    مصرع 5 أشخاص وإصابة 5 آخرين إثر انهيار منجم في زامبيا    شاهد جمال الممشى السياحي بكورنيش بنى سويف ليلاً    عمرو خليل: فلسطين هي قضية العرب الأولى منذ عام 1948.. فيديو    تنسيقية شباب الأحزاب: الرعاية الصحية ركيزة قادرة على دعم الحياة الكريمة    بالزي الفرعوني.. استقبال مميز للطلبة في كلية الآثار بجامعة دمياط    «النواب» يوافق على زيادة حصة مصر في صندوق النقد الدولي    جامعة عين شمس تنظم احتفالية كبيرة بمناسبة الذكرى 51 لانتصارات أكتوبر    رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة شغل وظائف معلم مساعد 2024    مرشح "الأوقاف" في مسابقة ماليزيا للقرآن الكريم يُبهر المشاركين والمحكمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الغضب».. غياب بطعم الحضور.. وحضور يُشفي من الغياب!

تعامل فيلم (personal effects) أو كما عرض تجاريًا في إحدي الصالات المصرية تحت عنوان (الغضب) مع منطقة المشاعر والأحاسيس الإنسانية فأبدع وأمتع. الفيلم أمريكي كتب له السيناريو وأخرجه «ديفيد هولاندر» ولكنه عمل مختلف يذكرك علي نحو ما بالأفلام الأوروبية وتحديدًا الفرنسية التي تقدم لمسات وتحليلات تهز المشاعر للعواطف وللانفعالات، والصعوبة هنا أن الفيلم - الذي يبدو كمشهد واحد طويل متصل - يتعامل مع إحساسين معقَّدين ومرتبطين ولكنه ينجح في نقلهما بامتياز: الأول هو الشعور بالفقد عندما يغيّب الموت شخصًا عزيزًا فيتحول العالم إلي فراغ، والثاني هو الإحساس بالحب الذي يحوّل العالم إلي أطياف مُلَّونة. الفقد والحب هما وجهان لعملة واحدة، والفيلم يقدِّمهما بهذا المعني من خلال تفصيلات غاية في الدقة والعذوبة، ربما كادت مشاهد ما قبل النهاية أن تدمِّر كل شيء، ولكننا عدنا أخيرًا إلي شاطئ السلامة لنستمتع بأحد أجمل وأرق أفلام العام الأجنبية، وليستمر الجدل بين فقدان الحياة واستعادتها من جديد من خلال الحب.
ولأن الفيلم يعتمد بشكل كامل علي تلك اللمسات، فإن هناك صعوبة حقيقية في أن تقدم عنه للقارئ صورة متكاملة، علي سبيل المثال: يمكن أن تتحدث عن بطلة الفيلم - وهي سيدة في منتصف العمر، ويمكن أن تنقل كلمات دعوتها لبطل الفيلم - وهو شاب في الرابعة والعشرين من عمره، لكي يحضر معها مناسبة أحد حفلات الزفاف، ولكن ما لا تستطيع أن تنقله تعبيرات وجهها وتعبيرات وجهه. كلماتهما تقول إن حضورهما الحفل نوعٌ من العمل، ولكن الوجوه تقول إنهما كاذبان. هذا فقط مجرد نموذج للطريقة التي تعامل بها السيناريست المخرج في موضوعه، وقد نجح تمامًا في توظيف اللقطة الكبيرة المقرَّبة لإشباع لحظاته الإنسانية في كثير من المشاهد، وانطلق الممثلون ليعبِّروا ليس فقط عن المعاني المباشرة، ولكن عن المعاني العميقة، فأضافوا وتوحَّدوا مع شخصياتهم، ووصل إلينا كل شيء لأن ما يصدر من القلب يصل إلي القلب.
ثنائية الفقد والحب موجودة عند بطلي الفيلم: «ليندا» (ميشيل فايفر) التي قتل زوجها «لاري» بالرصاص، والتي تعاني من صدمة ابنها المراهق البدين «كلاي» - وهو الأصمّ الأبكم - من هول الحادث، والاثنان ينتظران حكم القضاء علي القاتل، «ليندا» - كما ستقول عن نفسها - تعودت علي الانتظار طوال حياتها، ومشاعرها تجاه زوجها الراحل لا تخرج إلاّ في صورة دموع أثناء حضورها حفلات الزفاف التي تعمل في مجال تنظيمها لحساب إحدي الجمعيات. علي الجانب الآخر، يعاني «والتر» «آشتون كوتشنر» من قصة أخته الوحيدة «آني» التي قتلت في إحدي الحانات. شاب عملاق يمارس المصارعة وتفوق فيها لينضم إلي المنتخب، ويعمل في الترويج لمبيعات أحد محلات الدجاج، حيث يرتدي بدلة صفراء علي هيئة دجاجة، ويعرض علي المارة تجربة أصناف الطعام ليتلقي عبارات السباب.
لكن كل شيء تغير بعد مصرع أخته. أصبح جزء كبير من وقته يقضيه في المحكمة يستمع إلي محامي المتهم بقتل أخته يصفها بالعاهرة، يعود إلي المنزل ليرعي ابنة أخته الصغيرة ويحاول تعويضها. ويتعامل مع أمه العجوز بأقل قدر من الكلمات، الأم تحاول أن تخرجه من حالته وتدِّعي التماسك، ولكننا سنكتشف كم هي هشَّة وضعيفة عندما تنهار وهي تبيع أسطوانات الابنة الراحلة، وتحاول استردادها بعد أن دفع المشتري نقوده. ومرة أخري، لا يمكن وصف هذه المشاهد، وإنما لابد أن تراها لتصلك هذه المشاعر النبيلة.
في المحكمة وفي جلسات الفضفضة النفسية تلتقي «ليندا» مع الشاب المصارع الخجول الذي لا يشرب ولا يرقص ولا يدخن، والذي تصفه هي - فيما بعد - بأنه «دجاجة حزينة»، ولأنها تنظم حفلات الزفاف ستدعوه لمرافقتها لمجرد أن يسيطر عليها عندما تبكي إذ تتذكر زوجها الراحل، ولأنه يلاحظ معاناة ابنها وسوء تكيفه مع ظروفه النفسية، فإنه يتبني فكرة أن يجعله يتدرب معه علي المصارعة.
الحب يبدو هنا كما لو كان الدواء الوحيد المتاح لتعويض الاحساس بالفقد والغياب، رغم أنه تعويض غير كامل.
الحب سينمو «رغم فارق السن - بين «ليندا» و«والتر»، ابنة الأخت الصغيرة ستجد في «والتر» ما يعوض غياب الأم، و«كلاي» سيجد فيه بديلاً عن الأب الغائب، وسيتأكد هذا المعني عندما تعطي «ليندا» مسدس الأب الفارغ الذي يحمله «كلاي» ل«والتر»، وفي خلفية الأحداث ظلال المحاكمة لقاتل «آني» ولقاتل «لاري» وينسج السيناريو عدة مشاهد بارعة سواء بين «ليندا» و«والتر» أو بين «والتر» و«كلاي» أو بين «والتر» وأمه العجوز وابنة أخته الطفلة، كلها تركز علي أننا نموت بالفقد ونحيا - ولو مؤقتاً - بالحب. ورغم أن «والتر» وهو عمود الفيلم «الأساسي » ضخم البنيان» إلا أنه «طيب القلب» - يحب أخته الراحلة، وينتظر أن يحدد موقفه من المتهم بقتلها وفقاً للحكم. في الجزء الأخير من الفيلم يصدر الحكم بإدانة قاتل «لاري» في حين يبرئ المحلفون قاتل «آني». يقرر «والتر» أن ينتقم لأخته فيهاجم المتهم بعد تبرئته، وفي مشهد آخر جيد يبكي الرجل مؤكداً أنه لم يقتلها أبداً، بل دافع عنها ضد آخرين حتي النهاية، ورغم ذلك يظل «والتر» فاقداً اتزانه، وهنا يقع بعض الاضطراب في تصرفاته حيث يقرر الابتعاد عن «ليندا» وابنها «كلاي»، ويزيد الاضطراب عندما يقرر «كلاي» أن يحمل مسدس والده ليقتل الرجل المتهم بقتل شقيقة «والتر»، الغريب أن «والتر» نفسه تراجع عن قتله، ويقود هذا الاضطراب في النهاية إلي إطلاق كلاي النار علي المتهم البريء فيصيب «والتر»، واستهدف السيناريو بهذا المشهد المفتعل تماماً أن يذهب «كلاي» إلي السجن، وأن يعود «والتر» مصاباً إلي «ليندا» أي أن ما استعادته «ليندا» بالحب بعودة «والتر» فقدته بذهاب ابنها «كلاي» إلي السجن لتستمر ثنائية الفقد والحب حتي النهاية. المعني جميل، ولكن التجسيد الدرامي، ضعيف ومفتعل ولا يليق بفيلم يغزل أحداثه علي مهل وبذكاء وبتفصيلات إنسانية مؤثرة.
لكن التجربة عموماً أكثر من جيدة. هناك مشاهد بأكملها قدمت بإتقان وبراعة من خلال مشخصاتية وموهوبين. وبصفة خاصة كانت المفاجأة بالنسبة لي في أداء آشتون كوتشنر الذي لم يثبت فقط أنه مشخصاتي بارع ولكنه قدم أيضاً أحد أفضل أدواره. لقد كنت أراه مجرد ممثل وسيم طويل عريض يصلح لمسلسلات «السيت كوم» أو للأفلام الخفيفة، ولكننا هنا أمام ممثل شديد الوعي امتزج مع شخصية «والتر» فأصبح جزءاً منها وأصبحت جزءاً منه، لم تفلت منه لحظة واحدة أعقد المشاعر والأحاسيس من الخجل إلي الغضب إلي الانتقام إلي الشعور بالعطف والحب: بل إنه قدم لمسات كوميدية جيدة في مشهد السيطرة علي بكاء «ليندا»، أما ميشيل فايفر» فقدمت أيضاً كل مشاعر السيدة العاشقة في منتصف العمر، بالإضافة إلي أحاسيس الأم التي تخاف علي ابنها الوحيد، والزوجة التي تحولت إلي أرملة بعد حادثة عبثية، وبالطبع فإن المخرج «ديفيدهولاندر» وقيادته لممثليه كانت وراء إجادة الجميع بمن فيهم الممثل الذي لعب دور المتهم البريء بقتل الأخت «آني» الذي ظل صامتاً طوال مشاهد المحكمة، ولكنه الصمت البليغ الذي يتجاوز الكلام.
غلبت علي الفيلم الدرجات الرمادية مع لقطات قليلة كانت الألوان فيها أقرب إلي الدفء من الواضح أنه لا شيء عند صناع الفيلم يعوض غياب الأحباب الذين ننتظر عودتهم.. دون ملل!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.