تعود علاقتي بالمأثورات الشعبية، حينما عدت من إيطاليا عام 1976، حاملاً درجة علمية تعادل درجة الدكتوراه المصرية، وعُينت مدرساً للتصميم بكلية الفنون التطبيقية. وحيث كانت هذه الكلية ضمن منظومة محترمة من الكليات والمعاهد العليا، تابعة لوزارة التعليم العالي، حتي صدور قرار جمهوري بتحويل تلك الكليات والمعاهد العليا عام 1972 إلي جامعة حلوان . وأمهل القرار الجمهوري أعضاء هيئات التدريس ومعاونيهم فترة زمنية سبع سنوات، لتعديل أوضاعهم العلمية، وضرورة الحصول علي درجة الدكتوراه لمن يرغب الاستمرار والانخراط في السلك الجامعي ، وحيث كان يطلق علي من حصل علي درجات معادلة للدكتوراه من جامعات أجنبية بأنها درجات غير مؤهلة بالدرجة الكافية (وهذا غير الواقع !!) فقد تقدمت بتسجيل درجة دكتوراه في الفلسفة في الفنون التطبيقية عام 1979، و كانت عن دراسات في واحات مصر الغربية مقارناً بين فن العمارة و النسيج في تلك المناطق، وتهديدها بالاندثار في المناطق النائية نتيجة وصول البث التليفزيوني، وتغيير نمط الحياة لدي سكان تلك الواحات. وبدأت الدراسة في السنوات التمهيدية للدكتوراه مع أساتذة أجلاء علي رأسهم الأستاذة الدكتورة «نعمات أحمد فؤاد» والأستاذ الدكتور «محمد طه حسين» والأستاذ الدكتور «عبد المنعم صبري» والأستاذ الدكتور «عبد الرحمن عبد العال عمار» والأستاذ الدكتور «عمر النجدي» وغيرهم من كبار الفنانين والأدباء والمعماريين المصريين وكذلك الأجانب من عدة جامعات هامة في ألمانيا وإيطاليا وانجلترا من خلال القنوات العلمية المشتركة. وكانت الدراسة التي اهتممت بها ضمن إعدادي لرسالة الدكتوراه، هي المأثورات الشعبية في واحات مصر الغربية، فكان اهتمامي ينصب علي العلاقات المرتبطة بين الصانع و الحرفي في صناعة الغزل والنسيج والكليم والسجاد وكذلك الصانع أو المشيد (لبيته) ومسجده وكنيسته ومدرسته في تلك المناطق، ومدي الارتباط بين كل الفنون سواء منها المفروش علي الأرض أو القائم عليها من أبنية، و كان لجوئي إلي كلية الآداب - جامعة القاهرة - ومركز دراسات الفنون الشعبية التابع لوزارة الثقافة والذي كان له موقع في وسط البلد في حي التوفيقية، و كان المُعِينْ لي في هذه المرحلة عوناً كاملاً، الأخ والأستاذ الدكتور «أحمد علي مرسي» أستاذ الأدب الشعبي بقسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة القاهرة. وكانت مساهمته العلمية في الرسالة التي أعددتها والتي أيضاً نالت شرف مناقشتها من لجنة المناقشة والحكم بمشاركته فيها (د. مرسي)، ومنذ عام 1984، سنة حصولي علي هذه الدرجة العلمية (دكتوراه في الفلسفة) وكنت أشغل وظيفة أستاذ مساعد في الفنون التطبيقية منذ تلك الفترة - كان الاهتمام البالغ مني بتطور الدراسات الشعبية، والمأثورات والأدب الشعبي بصفة عامة، وحينما قرأت خبراً في جريدة «العالم اليوم» يوم الخميس الماضي عن مشروع لتوثيق وتنمية المأثورات الشعبية في مصر، والذي بادر بإنشائه المجلس الأعلي للآثار، وتخصيص مقر بمنزل (الخرزاني) بمنطقة (السحيمي) بالقاهرة التاريخية، و يقوم علي تنفيذه جمعية المأثورات الشعبية بهدف الحفاظ علي الأدب والفنون والمأثورات الشعبية من الاندثار وتصنيفها حسب طبيعة المناطق السكنية والجغرافية. حمدت الله، علي أن هناك من تذكر أن لمصر (فولكلورها)، وأعتقد أن القائمين علي هذا المشروع سوف يدعون الدكتور «أحمد علي مرسي» وزملاءه وطلابه، وربما بعضاً من أساتذته ممن أعطاهم الله عمراً مديداً لليوم ليشاركوا في هذا المشروع الثقافي الوطني!!