قرار جمهوري باستخدام السوفر كسعر فائدة مرجعي مع البنك الإسلامي للتنمية    جامعة بنها تتقدم 370 مركزا على مستوى العالم بالتصنيف الأمريكي "US news"    «التضامن» تقرر توفيق أوضاع 8 جمعيات في محافظتين    أسعار السمك البلطي والبوري اليوم الخميس 27-6-2024 في محافظة قنا    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 27 يونيو 2024    مسئولو الإسكان يبحثون مع شركات بريطانية سبل الشراكة والاستثمار.. تفاصيل    وزير المالية الفرنسي: إيرادات الضرائب الأعلى من المتوقع عززت خزائن الدولة ب3 مليارات يورو    لا داعي لاستخدام السخان في الصيف.. خبير يقدم نصائح لترشيد استهلاك الكهرباء    تداول 8 آلاف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    قوات الاحتلال تواصل نسف مبان سكنية غرب مدينة رفح الفلسطينية    اليوم.. تصفيات فردي الناشئين ببطولة العالم للخماسي الحديث    عاجل.. الأهلي يطلب 145 مليون لرحيل نجمه للدوري الكويتي    شوبير: إنسحاب الزمالك بدا وكأنه مرتبط بالأهلي فقط    مجموعة صعبة للسعودية ومتوازنة للعراق في تصفيات كأس العالم 2026    فيديو.. الأرصاد: قيم الحرارة في أغلب أيام صيف 2024 أعلى من المعدلات المعتادة    تعليم القليوبية: غلق موقع تظلمات الشهادة الإعدادية يوم الاثنين القادم    نشرة مرور "الفجر".. انتظام بميادين القاهرة والجيزة    «هنعوض في يوليو».. تعرف على أكثر الأبراج حظًا في الشهر المقبل    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا نقصد من قراراتنا000!؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 27-6-2024    وزير الصحة يوجه بمراجعة عدد العمليات الجراحية لسرعة الانتهاء من قوائم الانتظار    الرعاية الصحية تكرم الصيادلة والأطباء الأكثر تميزا في تطبيق أنشطة اليقظة الدوائية    «الأرصاد» تحذر من الرطوبة اليوم.. تصل ل90% على السواحل الشمالية    شوبير: أزمة بين الأهلى وبيراميدز بسبب الثلاثى الكبار بالمنتخب الأولمبى    بكين تعارض إدراج الاتحاد الأوروبى شركات صينية فى قائمة عقوباته    عادل المصري يعلن أهداف مجلس إدارة غرفة المنشآت والمطاعم السياحية في الولاية الجديدة    في ذكرى ميلاده .. محطات فنية في حياة صلاح قابيل    موسى أبو مرزوق: لن نقبل بقوات إسرائيلية في غزة    بولندا تهنئ مارك روته على تعيينه في منصب السكرتير العام الجديد للناتو    ثورة 30 يونيو.. ذكرى إنقاذ مصر من الإرهاب والدم إلى التعمير والبناء    وقعت عليهم حيطة.. مصرع طفل وإصابة اثنين آخرين في أسيوط    الصحة تحذركم: التدخين الإلكترونى يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية    قرارات عاجلة حول مصرع مريض نفسي سقط من شرفة عيادة طبيبه بالجيزة    ننشر شروط وموعد التقديم بالمدرسة الفنية للتمريض في المنيا    هل اقتربت إيرادات فيلم ولاد رزق 3 من 180 مليون جنيه؟.. شباك التذاكر يجيب    القناة ال 12 الإسرائيلية: الجيش بدأ تحريك قوات للشمال استعدادا لحرب محتملة مع حزب الله    القسام تبث لقطات من استهدافها لميركافا إسرائيلية    غارة إسرائيلية تستهدف مبنى شمال مدينة النبطية في عمق الجنوب اللبناني    هجوم حاد على حسن شاكوش وعمر كمال بسبب كليب الراقصة ليندا (فيديو)    دعاء الاستيقاظ من النوم فجأة.. كنز نبوي منقول عن الرسول احرص عليه    تسجيل 48 إصابة بحمى النيل في دولة الاحتلال الإسرائيلي خلال 12 ساعة    طارق الشناوي: بنت الجيران صنعت شاعر الغناء l حوار    حظك اليوم| برج الجدي الخميس27 يونيو.. «وقت مناسب للمشاريع الطويلة»    جيهان خليل تعلن عن موعد عرض مسلسل "حرب نفسية"    17 شرطا للحصول على شقق الإسكان التعاوني الجديدة في السويس.. اعرفها    إصابة محمد شبانة بوعكة صحية حادة على الهواء    مجموعة من الطُرق يمكن استخدامها ل خفض حرارة جسم المريض    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    "الوطنية للإعلام" تعلن ترشيد استهلاك الكهرباء في كافة منشآتها    منير فخري: البرادعي طالب بالإفراج عن الكتاتني مقابل تخفيض عدد المتظاهرين    شل حركة المطارات.. كوريا الشمالية تمطر جارتها الجنوبية ب«القمامة»    «نجار» يبتز سيدة «خليجية» بصور خارجة والأمن يضبطه (تفاصيل كاملة)    "ما علاقة هنيدي وعز؟"..تركي آل الشيخ يعلق على ظهور كريم عبدالعزيز مع عمالقة الملاكمة    ميدو: الزمالك «بعبع» ويعرف يكسب ب«نص رجل»    مدير مكتبة الإسكندرية: استقبلنا 1500 طالب بالثانوية العامة للمذاكرة بالمجان    الكنائس تخفف الأعباء على الأهالى وتفتح قاعاتها لطلاب الثانوية العامة للمذاكرة    هيئة الدواء المصرية تستقبل وفد الشعبة العامة للأدوية باتحاد الغرف التجارية    هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث دون محلل؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معني حياتي الحالية وبمن أقتدي
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 20 - 04 - 2010

عدم الانحياز والحياد الإيجابي ليست فقط رؤية سياسية ظهرت في باندونج 1955 عن طريق تكتل مجموعة من الدول في العالم الثالث أبرزها: مصر بقيادة ناصر، والهند بقيادة نهرو ويوغسلافيا بقيادة تيتو وارتكزت هذه الرؤية في الفلسفة السياسية علي عدم الانحياز لأي من المعسكرين المتنازعين «الولايات المتحدة الأمريكية - الاتحاد السوفيتي السابق، 1945-1990» في ذلك العالم الذي كان يسمي حينذاك بالعالم الثنائي القطبية.
إلا أن عدم الانحياز كمصطلح لم ينشأ في باندونج بل هو مصطلح روحي صوفي ظهر مواكبا للحداثة في العالم في مطلع القرن السادس عشر الميلادي وارسي معالمه الروحية القديس الإسباني «أغناطيوس دي ليولا» مؤسس الرهبنة اليسوعية «الجزويت» 1520 ميلادية والروحانية مدرسة للحياة الروحية أي النظرة إلي الأشياء والأحداث من منظور روحي وعن العلاقة بين النظرة المادية والنظرة الروحية انشغلت الفلسفة طوال تاريخها بين إجابتين علي سؤال واحد: أيهما أسبق وله الأولوية عن الآخر المادة أم الروح؟ فمن يعطي الأولوية للمادة صار من أبناء مدرسة الفلسفة المادية والعكس من يعطي الأولوية للروح صار من أنصار المدرسة المثالية ومن ثم انقسم الفلاسفة إلي رؤيتين لتفسير العالم رؤية روحية مثالية ورؤية تفسر كل شيء من منظور مادي حتي ظهر القديس أغناطيوس برؤية للعالم من منظور روحي في جدل مع مادية العالم في عصر الحداثة وأعتقد أنه سبق في ذلك «هيجل» الفيلسوف المثالي الذي ارسي معالم الجدل ما بين الروح والمادة نعود إلي رؤية عدم الانحياز الأغناطية وفق «معجم الإيمان المسيحي: حالة إنسانية «نفسية» عند الذي يتمتع باستقلال جذري عن كل ما ليس يرتبط بالله وبتأهب صحيح لكل ما قد يطلبه الله منه ليس عدم الانحياز عدم اهتمام بالمخلوقات ولا تخليا فعليا عن كل شيء بل هو نوع من الحرية الروحية الداخلية الواعية المقصودة وتجرد باطني تام هذه الحالة الإنسانية شرط ضروري علي كل مسيحي يريد أن يعيش ملء إنسانيته وأن يمتثل امتثالا تاما لمشيئة الله في شأنه وينطبق هذا المعني «اللاهوتي» علي الإنسان الصوفي المؤمن بالله بغض النظر عن دينه ومن ثم فالصوفية متواجدة في كل الأديان السماوية مثل اليهودي الاندلسي الأصل المصري الموطن موسي بن ميمون وفي الإسلام نجد ابن عربي وابن رشد وآخرين.
وهذه الحالة الروحية الصوفية وسيلة وليست غاية أي هي وسيلة للوصول لرؤية الله في كل شيء ومن ثم فهي ليست دروشة ولا انعزالاً عن العالم ومنذ تأسيس الحركة الرهبانية المصرية علي يد القديس أنطونيوس عام «351» في الصحراء الغربية وكيف انتشرت هذه الحركة بالروح لتشعل نارا صوفية في ربوع مصر والعالم ومازال لهيبها يتوهج علي مدي سبعة عشر قرنا من الزمان تخبو هذه النار تارة وتتوهج تارة أخري وتنتقل بالروح من مكان إلي آخر لكنها أبدا لم تخمد ووفق الكتابات العديدة والمصادر الأكثر تعددا فإن نشأة هذه الحركة الاحتجاجية الروحية ظهرت في صحراء مصر للأسباب التالية:
البحث عن الاتباع الجذري والاقتداء بشخص المسيح الاحتجاج الروحي علي تحول المسيحية إلي دين ودولة في عهد الإمبراطور الروماني قسطنطين سنة «313-337» وما تلي ذلك من تأسيس حياة الشركة علي يد القديس باخوميوس «أبوالشركة» في النصف الثاني من القرن الرابع والتي ارتكزت علي ممارسة الرهبان بما في ذلك المتوحدون لعمل يقتاتون منه علي قاعدة روحانية «مشاهدة الله في العمل».
والحركات الصوفية في مختلف الأديان تتطلب ممن يعيشونها ممارسة العمل ولا يتعارض ذلك مع من يكرسون حياتهم لخدمة الله والإنسان عبر العالم وعلي هذه القاعة وجد صوفيون كثيرون رهبان أو مدنيون كرسوا حياتهم لخدمة الله من خلال تبني قضايا إنسانية علمية كانت أو اجتماعية مثال رهبان دير أبومقار الرهبان اليسوعيين والفرنسيسكان والدومنيكان ومنهم علماء استطاعوا أن يقدموا للعالم الكثير من المنجزات في شتي أنواع العلوم مثل «مندل» في علم الوراثة ومنهم من حصل علي نوبل في العلوم أيضا ومن خلال جهادهم الروحي العلمي للعالم تأسست الجامعات الأشهر مثل السربون وجورج تون وأكسفورد وأكثر من مائة جامعة أخري الآن ارتبط تأسيسها برهبانيات واديرة بل ومدن تم تأسيسها مثل «سان بولو» العاصمة البرازيلية التي أسسها الأباء اليسوعون وسان فرانسيسكو التي أسسها الآباء الفرنسيسكان ولم تعرف مصر استصلاح الأراضي وتخضير الصحراء إلا عبر الرهبنة المصرية وكذلك نشأة الحركات الاجتماعية الخيرية التي سبقت المجتمع المدني عبر آباء صوفيين مصريين مثال أغلب المدارس الكاثوليكية والمستشفيات مثل اليوناني والإيطالي والقبطي والمؤساة ومؤسسة مصطفي محمود الخيرية.
وفي الإعلام والفن تبرز أسماء كثيرة منها مهرجان الفيلم الكاثوليكي الذي أسسه الأب يوسف مظلوم الفرنسيسكاني والسينما المستقلة التي بدأت مع الراهب اليسوعي الراحل فايز سعد والأب وليم سيدهم اليسوعي وفي الإعلام وفي السياسة نستطيع أن نجد راحلين وأحياء منهم الصحفي البطريرك شنودة الثالث والقمص متي المسكين والأب الدومنيكاني جورج قنواتي والصوفي مصطفي محمود والكاتب الشاعر عبدالرحمن الشرقاوي والسياسي الصحفي خالد محيي الدين وآخرين أطال الله أعمارهم ورحم الله من رحلوا وأعان من هم علي الطريق من الشباب الصوفي المعاصر.
هؤلاء الذين لم يسعوا للشهرة أو المال أو السلطة حتي وإن جاءت إليهم وعاشوها فكانوا مثل الذين في النار ولم تخترق ثيابهم هؤلاء الذين سعوا للسبق الصحفي أو العلمي أو الفني من أجل الإنسان ولم يسخروا الإنسان من أجل السبق وهكذا كرسوا حياتهم لكل إنسان ولكل الإنسان. كان هذا رداً علي سؤال من أحد تلاميذي في التكوين الصحفي عن معني حياتي الحالية وبمن اقتدي؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.