قبل أسبوعين أعلن الموقع الإلكتروني للحزب الوطني الديمقراطي عن حوار تفاعلي مع وزير التعليم العالي هاني هلال مع زوار الموقع، وفي مثل هذه الحوارات التفاعلية يمكننا اكتشاف مدي قناعة الناس بمن سيجري الحوار معه، ومدي سخونة القضايا التي يمكن مناقشتها معه، وهل يأمل الناس في أن حوارهم مع الضيف يمكن أن يأتي بمردود.. أم لا؟ أكتب هذه المقدمة باعتبارها مدخلا مهما لملاحظات علي الحوار حيث ذكر المسئولون عن الموقع أنه وصلهم 209 أسئلة فقط لوزير التعليم العالي بينما آخر حوار مع وزير التعليم السابق يسري الجمل وصله نحو ثمانمائة سؤال، وهو تقريبا نفس متوسط مشاركات المواطنين في الحوارات التفاعلية التي تجري عبر موقع الحزب الوطني.. وهو ما يعود بي لأسئلة مقدمة المقال: هل لا توجد قناعة لدي المواطنين بأن وزير التعليم العالي لديه إجابات عن أسئلتهم حول الوضع المتردي للتعليم الجامعي في مصر؟ هذا من حيث الشكل أما من حيث الموضوع، وإجابات الوزير عن أسئلة المواطنين فأبدأ من إجابة السؤال الأول حول مدي رضاء الوزير عن أدائه في منصبه، وبالطبع قال الوزير إنه راضٍ ليس بنسبة 100% ثم أتبع ذلك بالقول "الشيء الوحيد اللي مبسوط منه هو الحراك الذي تم في التعليم العالي وزمان كنا دائما نشتكي من أحوالنا ولكن اليوم أصبحنا نناقش الحلول المطروحة مثل دخل أعضاء هيئة التدريس وهذه قضية مهمة، ولكن زمان كنا نشتكي ونسكت ولكن الآن نفكر في تحسين الحال وإن شاء الله أنا راضٍ عما أحققه والقيمة الكبيرة الذي ندفعها جميعا من جهد وعرق فأعتقد أن التعليم العالي يستاهل منا بذل المجهود"! والحقيقة ان الشيء الوحيد الذي يبسط وزير التعليم العالي في الجامعات كما قال هو لا يعود إليه، فالحراك الذي يتحدث عنه الوزير، ليس من صنع يديه، أو هو نتاج سياساته، وإنما عبر حراك اجتماعي وسياسي كبير تعيشه مصر، أطلقه النظام السياسي الذي سمح بحرية التعبير، هما أظهر هذه التحركات الاحتجاجية المهنية والاجتماعية في كل قطاعات مصر بعد سنوات طويلة من الركود.. لذلك فالحراك ليس إنجاز الوزير، وإنما السؤال هو ماذا أنجز للتعامل مع هذا الحراك في الجامعات وبين أعضاء هيئات التدريس؟ أعتقد أن أحد أبرز مشاكل التعليم الجامعي، هي نفس مشكلة مصر الأزلية، وهي أن كل وزير يأتي إلي منصبه، يبدأ من جديد، ولا يحاول المراكمة علي ما سبقه، لذلك يتميز العمل الوزاري الحكومي بالانقطاع ولا يقوم أبدا علي التواصل، فكل وزير يريد أن يترك بصمته، بالانقلاب علي من سبقه، ووضع استراتيجية جديدة تستند إلي قناعته الشخصية. وأعتقد أنه في قضية مثل التعليم ينبغي علينا التفكير بجدية في تشكيل مجلس أعلي أو هيئة قومية تكون مهمتها التخطيط المستقبلي، ومتابعة التنفيذ في الواقع، والربط بين التعليم العام والتعليم الجامعي وعندها قد لا نحتاج لمنصب وزير التعليم العالي، ولن ننشغل كثيرا بفكر معالي الوزير، ونجاحاته الشخصية ورؤاه المنفردة والمتفردة!