لطالما عانت العديد من الدول من الحركات الثورية والإحتجاجية التي ترغب في الانفصال بقطعة من وطن ما تحت العديد من الدعاوي التي تؤيد وجهات نظرهم في مواجهة وجهات نظر أخري لا تقل عنها قوة وحجة لتنقسم البلاد بعدها بين مؤيد لهذا وذاك، ويعتبر النموذج الإسباني هو الأقوي بين دول العالم في هذا المجال حيث تواجه البلاد الموجة الأقوي من الانفصاليين بإقليمي كتالونيا والباسك، وهما من أكبر أقاليم الدولة الإسبانية ويعملان بإستمرار علي إثبات هويتيهما المنفصلتين وأنهما ليسا جزءين من أسبانيا لا جغرافيا ولا ثقافيا وهو الاتجاه البارز في إقليم كتالونيا تحديدا وهو نموذج مثالي لثقافة الانفصال السلمي حيث يتكون من أحزاب محلية قومية متعصبة لما يسمي بالقومية الكتالونية والحال مثله في الباسك الإسباني التي توجد بها حركة إيتا التي تصنف كحركة إرهابية تسعي للإنفصال عن طريق العنف .. هذان الإقليمان يواجهان حربا ثقافية وإعلامية شرسة يقابلانها بالمثل وفي بلد ديمقراطي مثل إسبانيا يعتبر المثقفون هم رأس الحربة في تلك المعارك ويمثل مثقفو مدريد الحلقة الأبرز ويطالبون باستمرار في رفع العلم الإسباني في الفعاليات الكبري في كتالونيا والباسك والاهتمام باللغة الإسبانية في مواجهة اللغات المحلية التي يتهمونها بأنها ستتسبب في ضياع هوية الأمة وتقسيمها لحساب المتطرفين.. سنتياجو أبوسكال وجوستابو بوينو اثنان من مثقفي مدريد ومن أبرز المدافعين عن القومية المحلية في إسبانيا قاما بتأليف كتاب " في الدفاع عن أسبانيا " فندا فيه حجج الانفصاليين والرد عليها حيث يدعي الانفصاليون أن الإقليمين كانا دولتين منفصلتين وتم ضمهما بالقوة منذ مئات السنين وتحت القمع والقتل والتنكيل بأهلهم وأبائهم في تلك الأقاليم وهو ما تجلي أكثر خلال عهد الديكتاتور فرانكو عندما نكل بالمعارضين في فترتي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي والتي تسمي بالحرب الأهلية التي أدت لمزيد من انقسام البلاد وقوة شوكة الانفصاليين فيما بعد . ويعمل الكتاب علي تغذية الروح الوطنية والتعريف بالتاريخ الإسباني العريق وتنوع حضارته وثرائها وهو ما أدي لانتشارها علي نطاق واسع حيث يتحدث 400 مليون شخص تقريبا اللغة الإسبانية حول العالم وهي ما يجعل إسبانيا في حد ذاتها مشروعا ثقافيا وحضاريا فريدا من نوعه، ويفند الكتاب حجج الانفصال ويكذب العديد ويشكك في رواياته التاريخية التي يستند إليها ويلقي باللوم في انتشار دعاوي الانفصال علي المتطرفين والمستفيدين سياسيا في تلك الأقاليم، وقد أدي تطرف تلك الأحزاب خاصة في إقليم الباسك إلي نشوء حركة علي غرار إيتا التي تصنف كحركة إرهابية قامت بالعديد من عمليات التفجير والإرهاب وعمليات الاغتيال ضد المسئولون الإسبان خاصة الأمنيين منهم كما حاولت من قبل إسقاط طائرة الملك خوان كارلوس ملك إسبانيا في عملية أثارت جدلا وردود فعل واسعة، وأنشئت منظمة إيتا عام 1959 واسمها هو اختصار لجملة "وطن الباسك والحرية " هدفها الرئيسي الاستقلال بالإقليم المقسم بين دولتي فرنساوإسبانيا .