كيف تتحول الدول الصغيرة إلي أرض لتصفية الحسابات بين الدول..ما هي القوانين التي تحكم هذه اللعبة السياسية وما أثرها علي تلك الدول الصغيرة من حيث تشكيل كيانها السياسي من أحزاب لجيش لشعب ؟..كل هذه الاسئلة يناقشها الكاتب الصحفي دايفيد هيرست -محرر جريدة الجاردين البريطانية في بيروت لاكثر من 40 عاماذ في كتابه الجديد Beware of Small States: Lebanon, Battleground of the Middle East ملقيا الضوء علي لبنان كدراسة حالة من خلال إستعراض تاريخ هذا البلد الصغير بالوطن العربي و نشأة دولةاسرائيل وتدخلها في هذا البلد فضلا عن علاقة لبنان بالدول التي عبر الخليج "ايران"وكيف تحول إلي ساحة صراع لتصفية الحسابات بعد أن كان باريس العرب لعقود من الزمن من خلال استعراض بعض الاحداث التاريخية المؤثرة في هذا البلد. ويقول هيرست أن لبنان علي الرغم من كونها بلداً صغيرا إلا أنها تعاني من التدخلات الخارجية منذ الحرب الاهلية عام 1982 والتي دعمتها كل من اسرائيل والولايات المتحدة والعراق من أجل تقويض الدور السوري بلبنان، ومن بعدها يأتي الغزو الاسرائيلي لجنوب لبنان مع وجود اللاجئين الفلسطينيين. ويضيف هيرست أن لبنان في ذلك الوقت انقسمت إلي دولتين ، تكونت الدولة الأولي من دولة عرفات والممثلة في اللأجئين الفلسطنين لحين طردهم من لبنان بعد مذبحة صابرا وشاتيلا -والتي راح ضحيتها ما يقارب من 7 آلاف قتيل حيث قامت جماعة مسلحة مارونية بقتل وإغتصاب الآلاف من النساء والاطفال والشيوخ ردآ علي مقتل الرئيس اللبناني "بشير الجميل " و 25 من أتباعه وتمت تلك المذبحة علي الرغم من تطويق القوات الاسرائيلية للمخيم ،حيث يشير البعض إلي تورطها في هذه المذبحة رغبة في التخلص من الفلسطينيين. ويستأنف هيرست قائلا أن الدولة الثانية تمثلت في دولة حزب الله الشيعية، والذي قام بتصفية حسابات وحروب بالوكالة أخرها حرب 2006 ويري هيرست أن تلك الحرب كانت حربا فاصلة في تاريخ لبنان ،نظرآ لان حزب الله خاض حربا ضد دولة كاملة فضلا عن إتخاذه قرارآ منفردآ إلي دخول لبنان في حرب مدمرة. ومع ذلك يظهر هيرست بعض الاعجاب لقوة مثل هذا الحزب من إخفاء اسلحتة وتوجيه ضرباته لاسرائيل قبل وصول القوات النظامية إلي أماكن تواجده. ومن جهه أخري، يظهر الدور السوري في تشكيل التاريخ اللبناني من حيث تدخلاتها في الانتخابات وإيجاد تكتلات ،فضلا عن الاتفاقيات المزدوجة وعمليات الاغتيال التي تقوم بها ويضيف هيرست أن سوريا تحارب اسرائيل علي الاراضي اللبنانية بدلا من أراضيه التي تجمد الوضع فيها منذ حرب أكتوبر. وفي النهاية هذا الكتاب يخلص هيرست إلي نتيجة مفادها أن أي حرب قادمة بين العرب واسرائيل ستكون علي الجبهة اللبناية نظرآ لأنها الحدود المشتعلة عسكريا منذ 36 عاما - من وجهه نظره -خارج نطاق غزة والضفة الغربية ، ويضيف أن تلك الحرب لن تقتصر علي حزب الله واسرائيل فقط بل ستضم كل من حماس وسوريا وبالتأكيد ايران.