يقف الكاتب الصحفي وائل قنديل مدير تحرير جريدة الشروق في النور مبتعدا عن ألعاب الضوء والظلال، إذ أنه يتخذ موقفا واضحا وصريحا في مواقف يفضل فيها كثيرون اتخاذ مواقف "غامضة" تحتمل كل التفسيرات، حتى لايخسرون اليمين واليسار، لكن قنديل في عموده اليومي بجريدة الشروق، يكتب متطلعا إلى رضا الله والضمير فحسب، فصنع عبر هذه المعادلة البسيطة المعقدة قاعدة كبيرة من القراء تهتم وتحتفي برأيه، دعك من أن منصبه المهم في جريدة يومية مستقلة في وقت شديد الحساسية من عمر مصر يجعل الحوار معه ممتعا ومهما.. فإلى التفاصيل.. كيف تري انتخابات مجلس الشعب.. وماذا تتوقع لنتائجها؟ المشهد السياسي المصري يؤكد أن هناك حالة من الارتباك واللخبطة الشديدة ,الحكومة والمعارضة لا يعرفان ماذا يفعلان وهناك بعض المشاهدات البسيطة الواضحة بقوه التي تشير الي الحالة التي تعيشها السياسة المصرية منها الاتفاقات التحتيه التي حدثت بين الحكومة ومايسمي بالمعارضة المستأنسة لتمرير طبخة سياسية يتم من خلالها تشكيل مجلس الشعب القادم وقد أشرت الي هذه الطبخة قبل ذلك وأطلقت عليها مسمي"نظام المحاصصة" بمعني أن تحصل الأحزاب الشهيرة كالوفد والتجمع ومعها جماعة الاخوان المسلمون علي عدد محدد من المقاعد في مجلس الشعب ويتخلل هذه الصفقة استدعاء نوعا من العبوات الحزبية الصغيرة والتي لا تعدو كونها أحزاب يفط ولافتات ليكون لها دور بحيث يبدو المسرح وكأنه هناك معركة سياسية حقيقية. وهل يتم ادارة هذه اللعبة بشكل جيد؟ بالطبع لا,خذ مثلا حكاية الدوائر المفتوحة التي مررها الوطني تؤكد أنه لاتوجد هناك أي محاولة للتخطيط او اجراء تكتيكات ومناورات سياسية فهي حالة لا أب لها ولا أم واتمني أن أعرف من هو العبقري صاحب فكرة الدوائر المفتوحة هذه، فمع احترامي للدكتور مفيد شهاب ومبرراته لتلك الفكرة علي أنها تمت مراعاة لاعتبارات القبليات فهذه ترجمة حقيقية وفقا لعلم الحسابات الانتخابية للصفقة التي تمت وبمقتضاها يتم تمرير مقاعد لأحزاب المعارضه طبقا لسيناريو معد سلفا يتم من خلاله تفتيت الكتلة التصويتية للحزب الوطني علي عدد اوسع من المرشحين ليكون هناك مستفيد وحيد من ذلك وهو مرشح الحزب المعارض . اللعبة مفضوحة إذن؟ بالتأكيد ودعنا نتفق علي أن الحزب الوطني الآن يقوده مجموعة من "الالتراس" التي جعلتنا نترحم علي أيام كمال الشاذلي والحرس القديم للحزب الوطني فحينما تنظر إلي مجلس الشعب وقت أن كان أمين التنظيم وزعيم الاغلبية كانت هناك علاقه صحية وتتمتع بشئ من الاحترام بين المنصه ممثله في رئيس مجلس الشعب وبين القاعه ممثلة في النواب سواءا من الوطني او المعارضه والمستقلين في ظل ممارسة سياسية قد تكون غير حقيقية أيضا في ذلك الوقت إلا أنها كانت تتمتع بالحد الأدني من الاحترام فلم نسمع وقتها بنواب يطالبون بضرب نواب اخرين بالاحذية,أو نائب يطالب بضرب المتظاهرين بالرصاص الا أن الوطني كان يستطيع ضبط الامور قليلا ويتم التعامل مع الامور بنظره أو كلمة أما الآن في ظل مجموعة الالتراس فأنت تري انفعالات منفلته طوال الوقت,واستخدمت مفردات غريبة جدا علي الحياة السياسيه والبرلمانية بشكل يجعل المجلس اشبه بمدرج درجه تالتة. احتفيت بمشروع د. البرادعي للتغير ثم عدت وانتقدت غيابه المتكرر.. هل هناك تناقض؟ هناك مجموعه من الاحباطات والأخطاء المنهجية التي تمثلت في الغياب المتكرر للبرادعي وعدم إبداء الجدية الكافية والاصرار علي مشروع التغييرومراوحته علي تقديم نفسه كمفكر أو منظر وبين كونه شريك وقائد حقيقي للتغيير أحدث خلخلة وتخبط في مسار التغيير والاصلاح وهو ما أعطي الفرصه للاستعانة باطرافها التي تسميها معارضه لكي تملأ هذا الفراغ . لماذا تتكرر في مصر ظاهرة النجم السياسي الذي يظهر فجأه ويخبو سريعا؟ أحد الاشياء التي ضاعفت من فرص البرادعي أنه لم يكن زعيما سياسيا أو هتيفا ولكن في النهاية هناك أثمان لابد أن تدفع وخطوات يجب تطبيقها علي أرض الواقع ولها تراكم ،لذلك عندما يظهر البرادعي لمدة أسبوع واحد تتزايد الرغبه في التغيير والثقه في القدرة علي إحداثه وما أن يسافر تهبط الهمم وينخفض المؤشر إلى ماقبل مجيئ البرادعي أصلا، وهو ما ينعكس علي مؤشر لتوقيعات فحينما يكون موجودا ويتجول في المحافظات تتزايد التوقيعات ثم تهبط بشده عندما يسافر. هل يمكن إحياء مشروع البرادعي من جديد؟ الوحيد القادر علي الاجابه على هذا السؤال هو محمد البرادعي نفسه لأنه هو الوحيد الذي يستطيع أن يحسم أمره وأري أن الفرصة لم تمت بعد ولكننا أضعنا وقتا طويلا وفرصا كثيرةه لمراكمة العمل والانطلاق أكثر من ذلك. هل هذه الاخطاء هي ما اعطت الفرصه للنظام كي يلعب منفردا؟ أري أن ما يحدث هو تقسيمه أو مباره ودية يختار فيها الوطني من يفوز عليهم بما يوحي أن هناك مباراه حقيقية. وماهو دور حزب الوفد في هذه التقسيمة؟ الوفد أسدي خدمه جليله للنظام المصري لأنه نسف فكرة المقاطعة ونجح في شق الموقف الموحد لائتلاف المعارضة المصرية بمقاطعة الانتخابات باعلانه منفردا دخول الانتخابات وعلي دربه سارالاخوان ودخلت اللعبة ودخلت بنسب أقل احزاب التجمع والناصري والاحزاب التي لا أذكر أسماءها. ماهي مصلحة الوفد في كسر ائتلاف المعارضة المصرية؟ الوفد سيحصد عددا كبيرا من المقاعد في الانتخابات وسيصبح الكتلة المعارضة الاولي في البرلمان وكتلة ال88 مقعد المستقلين ستذهب لحزب الوفد ولكن بعدد أقل. كيف أثر رأس المال على الصحافة المصرية؟ لابد أن أن نفرق في البدايه بين طبيعة رؤوس الأموال في مصر وبالتالي سيظهر الفارق علي الصحف فمثلا هناك فارق شاسع بين عصام فهمي كصاحب راس مال أصدرجريدة " الدستور " وبين رضا ادوارد الذي أجهض الصحيفة وشوه معالمها ورغم ذلك فان رأس المال أصبح أحد أذرع الدولة التي تستخدمها في ألاعيبها حتي لو تخفي في ثياب أخري لأن رجال الاعمال هم صنيعة الدولة ربتهم علي عينها فمن ظهر منهم وتم تلميعه فهو بمباركة الدولة ومن خفت وأندثر كان ذلك أيضا لرغبة الدولة. وما هو السبيل لانقاذ الصحافة المصرية من بطش رأس المال؟ أعتقد أن الحلم الجميل الذي أطلقه السفير ابراهيم يسري باصدار صحف حرة باكتتاب عام تكون ملكا حقيقيا للشعب قد يكون هو الحل ولكني لست متفائلا به لأن الدوله ستضع أمامه العراقيل ولن تسمح له بالظهور. وكيف تنظر إلى جريدة "الدستور" الآن؟ جريدة الدستور ماتت بعد أن نزع ملاكها الجدد علامتها التجاريه المتمثلة في إبراهيم عيسي وصحفيي الدستور الذين صنعو مجدها وتميززها وأنا أراها كمن حول مركز تنوير ثقافي ومنتدي فكري الي "كوافير"أو" صالة جيم".