كما تحتاج السلعة للترويج، فإن الفكرة الجديدة أو التشريع الجديد يحتاج للتسويق، وربما يرفض الناس مشروع قانون يحقق مصالحهم، لأنهم لم يتعرفوا علي مزاياه. هكذا كانت طريقة الطرح وغياب قدر وافر من الشفافية، علي رأس الأسباب التي دفعت الكثيرين لمعارضة مشروع قانون التأمين الصحي الجديد، قبل أن يعرفوا بنوده بدقة. «روز اليوسف» استطلعت آراء خبراء شاركوا في إعداد مسودة مشروع القانون الجديد اعتبروه نقلة نوعية توفر خدمة صحية أفضل لكل المصريين، لكن منهم أيضاً من اعترف بحاجة القانون الجديد لمصادر تمويل جديدة. في المقابل عبر آخرون عن مخاوفهم من خصخصة هيئة التأمين الصحي، وحذروا من الإضرار بالمساواة بين مستحقي التأمين، استناداً إلي اعتراضات قسم الفتوي والتشريع بمجلس الدولة علي 12 بنداً في مسودة المشروع الجديد.. إلي التفاصيل. الإنفاق الحكومي الدكتور سمير ضيائي رئيس هيئة التأمين الصحي سابقاً يوضح أن تزايد أعداد المنتفعين بخدمات التأمين الصحي42 مليونًا مع انخفاض الانفاق الحكومية عليها أدي لتزايد الشكاوي والمطالبة بتشريع جديد يضمن مستوي خدمة أفضل. وكما يقول ضيائي فإن العديد من الخبراء فكروا في تجميع التشريعات المنظمة لقطاع التأمين الصحي وإعادة هيكلة الهيئة، فيما طالب آخرون بإنشاء شركة قابضة لتقديم الخدمات التأمينية وهو ما رفضه القضاء الإداري، وشدد البعض علي ضرورة وجود تشريع جديد يضمن مصادر تمويلية لرفع أجور العاملين وتحسين مستوي الخدمات المقدمة. ويتابع ضيائي.. فكرة وجود هيئة مستقلة تشرف علي أداء الخدمة وتنافس مستشفيات القطاع الخاص والحكومي والعام في التعاقد وتقديم خدمة أفضل، هي أمر مطلوب، ولكننا نطالب المسئولين بضرورة توخي الحذر وألا يكون الهدف من تلك الهيئة فصل الخدمة عن التمويل، من أجل تحصيل الاشتراك والرسوم ومن ثم الربح فقط، لأن هذا يتنافي مع نظام التأمين الصحي القائم علي مبدأ التكافل الاجتماعي كما أنه لا يمكن تحصيل الاشتراكات وأن يكون هناك إلزام لجميع المواطنين بالاشتراك في النظام الجديد. ويطالب ضيائي بزيادة الانفاق الحكومي إلي 7% من إجمالي الإنفاق العام كمرحلة أولي، علي أن يصل إلي 15% للقطاع الصحي بشكل عام. ويري «ضيائي» ضرورة أن تكون رسوم الاشتراك ملائمة لظروف المجتمع المصري، كما أن إعلان الهيئة عن قيامها بتولي نفقات العلاج ل20% فقط من الشعب المصري مجاناً بدون اشتراكات هو أمر غير واقعي لأن من ينطبق عليهم عدم القدرة العلاجية يتعدون 40% من إجمالي الشعب المصري. امكانيات علاجية من جانبه يؤكد حسن عبد الفتاح رئيس هيئة التأمين الصحي سابقاً أن التأمين الصحي يجب أن يقدم رعاية صحية غير مشروطة بقدرة المواطن ويحقق مبدأ التكافل الاجتماعي ويسعي لإضافة امكانيات علاجية جديدة، وهو ما يفتقده النظام الحالي، ونطالب بتوفيره في مشروع القانون الجديد. ويطالب عبد الفتاح بأن يشمل التشريع الجديد عناصر التأمين الصحي، حيث تطوير أداء العاملين وزيادة الحوافز وتطبيق سياسة العقاب في حالة وجود قصور أو إهمال . إعادة الهيكلة ويرفض د.محمد حسن خليل منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة إلغاء الهيئة الخدمية الموجودة حاليا لافتاً إلي أنها بحاجة لإعادة الهيكلة والتطوير وزيادة الإنفاق الحكومي الذي لا يتعدي 3.5 مليار جنيه سنوياً.. مشدداً علي ضرورة الالتزام بمبدأ المساواة بين جميع المواطنين وإدراج جميع الأمراض تحت مظلة التأمين الصحي فلا يمكن أن يعالج مريض السكر ويترك مريض زراعة الكبد لأنه من ضمن قائمة الأمراض الكارثية باهظة التكلفة العلاجية. فيما يشير محسن عزام نائب رئيس هيئة التأمين الصحي إلي تدهور وضع الخدمات المقدمة من خلال الهيئة لدرجة عدم التمكن من زيادة رسوم الأنفاق حتي مبلغ 75 ألف جنيه للمنتفع حتي ولو كان من ضمن الأمراض الكارثية التي تتعدي نفقات علاجه 100 ألف جنيه. التكافل الاجتماعي الدكتور شكري سرور الممثل القانوني بلجنة إعداد مشروع قانون التأمين الصحي الجديد يوضح أن القانون الجديد يقوم علي فكرة التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع وتقديم خدمة صحية أفضل من خلال مجموعة من المواد القانونية تشمل بعض العناصر أبرزها فصل الخدمة عن التمويل بحيث يقتصر دور الهيئة علي الإدارة وتحصيل الاشتراكات والرسوم العلاجية. سرور يؤكد أن اتهام التشريع الجديد بالخصخصة والرغبة في الربح ليس له أساس من الصحة وتكلفة تطبيق القانون سنويا تتعدي 27 مليار جنيه ولا يمكن للهيئة الحالية التي تعاني من عدم توازن اقتصادي ومديونيات أن تقدمه لهذا رأت اللجنة ضرورة البحث عن موارد خاصة أن الدولة لا يمكنها تحمل تلك الأعباء الحالية لهذا فالاشتراكات والرسوم «العينية» هي الحل ويعفي منها قرابة 20% من إجمالي الشعب المصري من غير القادرين ويحدد ذلك وزارة التضامن الاجتماعي علي أن يطبق القانون بشكل التزامي علي جميع المصريين. ويلفت إلي قيام وزارة المالية لعمل دراسة لتحديد قيمة الاشتراكات والرسوم بما يتناسب مع طبيعة المنتفع. تمكين الهيئة مديحة خطاب عضو لجنة إعداد التشريع تؤكد أنه طبقاً للبيانات الرسمية يتحمل المنتفع حالياً قرابة 65% من تكلفة العلاج المقدم له. خطاب تري أن القانون الحالي لا يراعي العدالة والتكافل الاجتماعي ولكن القانون الجديد يلزم جميع المواطنين علي الاشتراك بما يكفل تمكين الهيئة من توفير نفقات علاج مجانية لقرابة 20% من إجمالي السكان والمساهمة بشكل جزئي ل10% آخرين.