تعترض شركات التأمين العاملة في مصر علي مشروع قانون التأمينات الاجتماعية الجديد. اعتراض الشركات نابع من تشابه الطريقة التي سيعمل بها النظام الجديد مع الطريقة التي تعمل بها الشركات التي تقدم خدمة التأمين علي الحياة الأمر الذي يعرض هذه الشركات لمنافسة كبيرة. نظم التأمين علي الحياة التي تقدمها الشركات أثبتت كفاءة كبيرة إلي الدرجة التي دفعت الحكومة لاقتباسها في القانون الجديد للتأمينات. بينما يواجه نظام التأمين الحكومي في كثير من بلاد العالم شبح الإفلاس والعجز عن مواجهة مطالبات المستحقين, فإن نظم التأمين علي الحياة التي تقدمها الشركات تحقق أرباحا كبيرة. النظام المقترح من جانب الحكومة لن يحقق أرباحا, ولكنه سيكون قادرا علي تمويل الميزات الإضافية التي يقدمها التأمين الحكومي, وهو ما يمثل بالفعل تحديا لشركات التأمين. المجتمع المصري كله سيصبح أفضل حالا مع بدء تطبيق النظام الجديد للتأمينات. مزايا القانون الجديد لا تنحصر فقط في المزايا الإضافية التي سيحصل عليها المشتركون في النظام, وإنما تشمل أيضا رفع معدلات الادخار في الاقتصاد الوطني, بما يتيح موارد إضافية للاستثمار والتنمية. شركات التأمين هي الخاسر الوحيد من تطبيق هذا القانون, ولكن هذه تضحية وخسارة مقبولة. اعتراض شركات التأمين علي القانون فيه قدر من الأنانية, وقدر آخر من محاولة رهن التطور للمصالح الخاصة. إذا قبلنا اعتراض شركات التأمين علي القانون فسنكون كما لو كنا قد رفضنا إدخال تكنولوجيا التليفون المحمول مراعاة لمصالح شركة الاتصالات التي تخشي من تحول الناس عن خدمات التليفون الأرضي لصالح المحمول. صحيح أن الشركة المصرية للاتصالات تواجه صعوبة في إدارة الاستثمارات الهائلة التي وضعتها في شبكات التليفون الأرضي, لكن المجتمع المصري كله أصبح أفضل حالا بعد إدخال التليفون المحمول, وهذه تضحية مقبولة. علي شركات التأمين تطوير خدمات تأمينية جديدة لا يشملها القانون الجديد. ربما تقرر شركات التأمين التخلي عن جزء من أرباحها الكبيرة, مقابل تشجيع الناس علي مواصلة التعامل معها. ربما يكون عليها أن تخرج من نشاط التأمين علي الحياة كلية, وتركز بدلا من ذلك علي نظم التأمين علي الممتلكات وغيرها من الأشياء التي لايغطيها القانون الجديد للتأمينات. فقانون التأمينات الجديدة خطوة كبري للأمام لا بد من الحفاظ عليها وتشجيعها, ربما ما قد يترتب عليه من تحديات لشركات التأمين.