يخطئ من يعتقد ان الأزمة التي تعرض لها د. يوسف القرضاوي القيادي الإخواني السابق وعزله من منصبه في رئاسة جمعية (البلاغ) القطرية لم يكن سوي سحابة صيف أو انه مجرد سوء فهم أو اختلاف في الآراء، فما جري للقرضاوي صاحب موقع "اسلام اون لاين" كان انقلابا لا يقل في حجمه عن الانقلاب الذي شهدته قيادة جماعة الإخوان المحظورة قبل شهور وأسفر عن سيطرة القطبيين عليها.. هو نتيجة طبيعية له أخذت نفس صورته. علم القرضاوي تلاميذه ان "المؤمن لا يلدغ من ذات الجحر مرتين"، لكن الواقعة الاخيرة تبرهن علي انه لم يطبقه في تعامله مع الجماعة المحظورة، فرغم خروجه عن تنظيمهم لاحساس بداخله بانه بات اكبر من الجماعة وان مكانته الطبيعية في قيادة الاسلام السني ككل، ومن هنا جاء سعيه لرئاسة ما يسمي ب"الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، الا ان طلاقه منهم لم يكن "طلاقا بائنا"، ربما حرصا علي عدم خسارتهم أو اتقاء لشرهم، وهو ما جعله عرضة لتعامل اخواني علي ارضية اقل كثيرا من تلك التي ارادها لنفسه. لم تمنع إقامة الشيخ الثمانيني في قطر وقربه من السلطة السياسية الايادي الإخوانية من الوصول اليه، خاصة في ظل علاقة اخوان قطر القوية مع السلطة هناك، وعندما وقعت الأزمة اصدرت وزارة الشئون الاجتماعية قرارا بحل مجلس الإدارة الذي يراسه وتعيين مجلس جديد لتسيير الامور لحين اجراء انتخابات أخري. ظل القرضاوي علي مدار السنين الطويلة التي قضاها في قطر لا يألو جهدًا في تقديم الشكر والامتنان في كل مناسبة و كان آخر حلقات هذا الشكر قبل شهر واحد عندما قال: إن الله أكرمني بدولة قطر التي أفسحت لي الطريق، ولم يقف أمامي أي عائق في سبيل حرية القول، مشيرًا إلي الدور الذي لعبه أميرها لرفع اسمه من قائمة الإرهاب الأمريكية، حتي أوكلت الدوحة مهمة الاطاحة به في عملية انتقامية مدبرة اخوانيا إلي وزير الشئون الاجتماعية ناصر بن عبد الله الحميدي، الذي أعطي القرار صبغة الإجراء القانوني وأوكل مهمة تبليغ الشيخ بالخبر إلي واحد من أشد خصومه في الأزمة، وهو (علي العمادي) المدير العام الذي كان قد أوقفه القرضاوي من عمله بعضوية مجلس الإدارة. كان خروج القرضاوي من مصر أوائل ستينيات القرن الماضي بعد ما لقيه من اعتقال ومضايقات خلال الحقبة الناصرية واستقراره شبه الدائم في قطر، نتيجة لانتمائه للتنظيم المحظور، ومع ذلك تعرض لهجوم اخواني أو تضحية به في اكثر من موقف منها هجوم يوسف ندا منسق العلاقات الخارجية بالجماعة عليه اثناء ازمة العلاقة مع الشيعة وايران تحديدا، بعدما حذر من المد الشيعي في الشمال الافريقي، و ليس اخرها هجوم اعضاء مكتب الإرشاد عليه بسبب موقفه من سيد قطب واعلانه في ندوة بنقابة الصحفيين ان سيد خرج عن اجماع اهل السنة والجماعة.