انطلقت أمس أعمال القمة العربية الثانية والعشرين التي تستضيفها مدينة سرت الليبية وسط غياب تسعة من القادة العرب ويشارك فيها بالاضافة للعقيد القذافي 13 من الزعماء هم رؤساء الجزائر والسودان وتونس وموريتانيا واليمن والصومال وجيبوتي وجزر القمر بالاضافة الي أميري قطر والكويت والعاهل الأردني ورئيس السلطة الفلسطينية. وقد بدأ توافد القادة العرب علي سرت مساء أمس الأول وكان آخر الواصلين صباح أمس الرئيس السوري بشار الأسد ونظيره التونسي زين العابدين بن علي وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثان الذي وصل وذراعه اليسري موضوعة في جبيرة. كما وصل صباح أمس رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف ممثلاً للرئيس حسني مبارك الذي اعتذر عن عدم حضور القمة وغاب عن القمة أيضا العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز وسيمثل السعودية بالقمة وزير الخارجية سعود الفيصل كما امتنع عن الحضور الرئيس اللبناني ميشال سليمان والرئيس العراقي جلال طالباني. كما وصل الي سرت امس للمشاركة في القمة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ورئيس الوزراء الايطالي سيليفو برلسكوني. وكانت قوات الأمن الايطالية قد اعلنت امس العثور علي ظرف مشبوه موجه الي برلسكوني قرب ميلانو بينما اشتعلت النيران في طرد آخر في نفس المدينة ما ادي الي اصابة احد موظفي البريد بجروح. وأعلنت مصادر أمنية في العاصمة الاقتصادية للبلاد العثور مساء امس الأول في مكتب بريد ليناتي بضواحي ميلانو علي ظرف كبير يحتوي علي رسالة تهديد موجهة الي بيرلسكوني كتب عليها «سوف تنتهي كالفأر» والي قياديين آخرين من حزب شعب الحرية مرفق برصاصة. وكانت الرسالة موجهة إلي منزل بيرلسوكوني الخاص في منطقة ميلانو. وأفادت وكالة انسا ان الرسالة المجهولة المصدر تتضمن ايضا رسوما تمثل وجوها بشرية كتبت تحتها اسماء اربعة من قادة حزب شعب الحرية بينهم اينيازيو لا روسا وزير الدفاع. واشتعل طرد آخر فجر امس في مركز فرز الرسائل في بريد ميلانو متسببا في اصابة موظف بحروق في يديه كما افادت الشرطة. وأعلن مقر حاكم ميلانو ان الطرد المفخخ كان يتضمن ايضا تهديدات ضد وزير الداخلية روبرتو ماروني وتبنته الاتحادية الفوضوية غير الرسمية. وأوضحت الشرطة للوكالة الفرنسية ان «الطرد كان يتضمن أيضا ورقة صغيرة كتب عليها أن مراكز تحديد هوية الاجانب تتعرض للانتهاك وماروني متواطئ». وفي جو تشاؤمي ساد الجلسة الافتتاحية أقر امير قطر الشيخ خليفة بن حمد ال ثان بفشل بلاده في تحقيق اهداف القمة العربية السابقة التي تولت الدوحة رئاستها لمدة عام وقال إنه لن يقدم تقريرا عن انجازات بلاده اثناء رئاستها للقمة السابقة «لأن الانجازات لم تتحقق وأي نتائج لم تكن مرضية». واضاف إن العمل العربي المشترك يواجه أزمة حقيقية مستعصية لم يعد ممكنا تجاهلها، متابعا: نحن امام خيارين إما ان نترك العمل العربي المشترك للصدف تذهب به حيث تشاء او نقف للمراجعة، مؤكدا ان اي قمة عربية لن تكون ناجحة في ظل الاوضاع العربية الراهنة. ومضي يقول: هناك أزمة عربية تقتضي المواجهة، واقترح تشكيل لجنة اتصال عليا تعمل تحت رئاسة ليبيا التي ستتولي رئاسة القمة العربية لمدة عام تكون مهمتها تقديم مقترحات لحل أزمة العمل العربي المشترك مشيرا الي انه لا فائدة من أي قرارات او توصيات في ظل هذه الأزمة. وتساءل مستنكرا: هل يكفي القدس والأقصي قرارات الادانة وهل علينا فعلا ان ننتظر اجتماع اللجنة الرباعية الدولية بشأن القدس وهل يصدق احد اننا غير قادرين علي رفع الحصار عن غزة؟ من جانبه، بدأ الرئيس الليبي معمر القذافي الذي تسلم رئاسة القمة من امير قطر كلمته بالقاء نبذة تاريخية عن مدينة سرت مسقط رأسه التي تستضيف القمة الراهنة وعلق علي كلمة الشيخ خليفة بن حمد قائلا: ليس من حقي أن احاسبه لأنني لم امنحه الصلاحية واضاف «انا سأكون مثله تقريبا بل هو سيكون احسن منا». بدوره قال الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسي إن هناك تقدماً في مسار العمل العربي المشترك لكنه تقدم بطيء وهش يستلزم اعادة النظر في النظام العربي بما يتماشي مع التطورات العربية والاقليمية والدولية. وأوضح ان الشعور القومي العربي ليس سبة او ردة بل انه شبكة امان تربط الشعوب العربية مؤكدا ان الشعور القومي لا يتعارض مع العصر ومتطلباته. واضاف إن العمل العربي المشترك ليس بدعة بل خط يجب ان نستمر به علي غرار التجمعات الاقليمية الاخري معتبرا التشكيك في جدوي التجمع العربي حديثا متهافتا لا يخلو من أفكار ملتبسة. وشدد علي ان المصالحة العربية ومواجهة الخلافات بين الدول العربية امر رئيسي للمواطن العربي الذي سئم الخلافات العربية مشيرا الي ان التحديات التي تواجه الدول العربية اصبحت وجودية للمجتمع العربي لاسيما في فلسطين والعراق والصومال مؤكدا ان مواجهة هذه التحديات لا يمكن إلا ان يكون جماعياً. وأشار الي ان الأمن القومي العربي يتعرض لتهديدات بعضها مرحلي والآخر استراتيجي مثل تهديدات الارهاب والاسلحة النووية خاصة ان المنطقة باتت فيها قوة نووية هي اسرائيل واخري محتملة هي ايران ما قد يدفع المنطقة الي سباق نووي داعيا الي بحث التهديد النووي للمنطقة. وتابع: نلاحظ اخراج الصراع السني - الشيعي من القمم لتمزيق النسيج الاجتماعي للدول العربية معتبرا هذا الصراع اكبر تهديد استراتيجي لاستقرار المنطقة العربية بشكل ربما يتساوي في خطورته مع منزلة التهديد النووي للمنطقة العربية. ومضي يقول إن التدخلات الإقليمية التي طالت عددا من الدول العربية تدفعني لاقتراح بلورة موقف عربي واحد وموحد إذاء اعتبارات الأمن القومي وتعديل هيكل مجلس السلم والأمن العربي وتفعيله وتشكيل قوة حفظ سلام عربية تتحرك في الأزمات العربية وابدي تفهمه من قلق بعض الدول العربية من ايران بسبب بعض المواقف الايرانية لكنه اكد اهمية الحوار مع طهران ودعا قمة سرت الي تكليفه باجراء هذا الحوار. وحث الامين العام القادة العرب علي دراسة الاحتمال القائم بفشل عملية السلام كليا في ظل الصلف الاسرائيلي. وألمح موسي مجددا الي رغبته في عدم تولي منصب الامين العام للجامعة العربية لفترة ثالثة معتبرا تولي المنصب لفترتين امرا كافيا بالنسبة له. ومن جانبه، اكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في كلمته امام القمة انه من «ال «جنون» ان تعتبر اسرائيل القدس بشطريها عاصمة لها. وقال إن وزراء اسرائيليين اعلنوا ان «القدس الموحدة عاصمة لاسرائيل» مضيفا «هذا جنون وهذا لا يلزمنا اطلاقا». واضاف إن «القدس هي قرة عين كل العالم الاسلامي ولا يمكن قبول اعتداء اسرائيل علي القدس والاماكن الاسلامية اطلاقا». واكد ان «احتراق القدس يعني احتراق فلسطين واحتراق فلسطين يعني احتراق الشرق الأوسط». واعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمته أن «القدس وما حولها أمانة وضعها الله في اعناق القادة العرب» وشدد علي أن انقاذها فرض عين داعيا أياهم إلي العمل الجاد والعاجل لانقاذ المدينة المقدسة. ودعا مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي إلي عدم الالتزام بأي إجراءات أحادية الجانب تتخذها إسرائيل في القدس وايفاد مراقبين دوليين لمراقبة الانتهاكات الإسرائيلية في المدينة. وطالب بزيادة الدعم المالي الاضافي للقدس إلي 500 مليون دولار وحث علي ضرورة الاسراع بوضع خطة عربية تتضمن تحركات لانقاذ القدس. وأوضح أن انقاذ حل الدولتين وما يتعرض له من خطر يتطلب التحرك الفوري لالزام إسرائيل بإعلان موقف واضح وغير قابل للتأويل ينص علي اعترافها بحل الدولتين وفقا لحدود 67 مشيرا إلي أن تل أبيب لا تعترف بهذا الحل ولا تعمل من أجل تطبيقه. وأكد عباس أنه لا يمكن استئناف المفاوضات غير المباشرة مع استمرار الاستيطان وسياسة فرض الأمر الواقع التي تنتهجها إسرائيل.