افتتح الزعيم الليبي، معمر القذافي، السبت أعمال القمة العربية العادية الثانية والعشرين، بحضور زعماء وقادة 14 دولة عربية وغياب ثمانية، وبحضور رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء الإيطالي سلفيو برلسكوني بصفته رئيساً لمجموعة الثمانية. وبعد كلمة الافتتاح للرئيس الليبي، تحدث الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، عن إنجاز العام السابق، ثم تناول التحديات التي تواجه الأمة العربية في الوقت الراهن والمستقبل. وتستضيف مدينة سرت الليبية أعمال مؤتمر القمة العربية، وسيكون على رأس أجندتها "ملف القدس" والاستيطان الإسرائيلي في القدسالشرقية والأراضي الفلسطينية، إلى جانب ملفات أخرى عديدة، وذلك في غياب عدد من الزعماء العرب، بالطبع.. كل لأسبابه.
يأتي انعقاد القمة العربية هذه المرة أيضاً، كمرات أخرى سابقة، وسط تطورات خطيرة تتعلق بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها تواصل أعمال البناء في مستوطنات في الضفة الغربية وفي مناطق داخل القدسالشرقية، وكأنها تكمل القمة السابقة التي جاءت على خلفية الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة بعملية عسكرية حملت اسم "الرصاص المصبوب."
و أشارت مصادر ليبية إلى أن القذافى سيعيد خلال القمة طرح أفكاره التى طرحها خلال القمة العربية الماضية بالدوحة، حول تطوير جامعة الدول العربية، والتى تقوم على إعطاء صلاحيات أكبر لرئيس القمة العربية، بحيث يكون الأمين العام للجامعة مسؤولا أمام رئيس القمة.
كما ذكرت الوكالة أن القادة العرب سيناقشون فى أجندتهم غير الرسمية «تدوير» منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، مع اقتراب انتهاء مدة أمينها الحالى عمرو موسى التى استمرت فترتين متتاليتين امتدت إلى عشر سنوات. وكشفت مصادر دبلوماسية قريبة من موسى أن باب الترشيح مفتوح عند انتهاء ولايته الثانية على رأس جامعة الدول العربية فى شهر مايو 2011، وأنه ليس لديه رغبة فى أن يرشح نفسه لفترة جديدة، حسبما أعلن نهاية العام الماضى.
أردوغان: من الجنون أن تعتبر إسرائيل القدس عاصمة لها
وأكّد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في كلمة ألقاها في افتتاح القمة العربية أنّه من ال"جنون" أن تعتبر إسرائيل القدس عاصمة لها.
وقال: إن وزراء إسرائيليين أعلنوا أن "القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل"، مضيفًا: "هذا جنون وهذا لا يلزمنا إطلاقًا"، وأضاف: أن "القدس هي قرّة عين كل العالم الإسلامي ولا يمكن قبول اعتداء إسرائيل على القدس والأماكن الإسلامية إطلاقًا".
وتابع أنّ "بناء 1600 وحدة سكنية في القدس ليس أمرًا مقبولًا وليس له أي مبرر"، معتبرًا "أن انتهاكات إسرائيل في القدس لا تتلاءم مع القانون الدولي ولا مع القانون الإنساني وهي لا تنتهك القانون الدولي فقط ولكن التاريخ أيضًا".. وأكّد أن "احتراق القدس يعني احتراق فلسطين واحتراق فلسطين يعني احتراق الشرق الأوسط".
موسى يدعو العرب لموقف موحد
كما دعا الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى القادة العرب إلى ضرورة الاتفاق على موقف مُوحّد حال فشل عملية السلام مع إسرائيل خلال جلستهم المغلقة التي ستُعْقد مساء اليوم السبت.
وقال خلال كلمته في افتتاح القمة العربية الثانية والعشرين في مدينة سرت الليبية: إنني "أدعو القادة العرب لمناقشة احتمال فشل عملية السلام مع إسرائيل" للاتفاق على موقف موحّد يكون ردًّا لهم حال استمرار إسرائيل في تعنتها تجاه المطالب الدولية لاستئناف عملية السلام مع الفلسطينيين.
وأوضح أنّه يجب ألا تكون عملية السلام مفتوحة إلى الأبد مع إسرائيل، مؤكدة ضرورة وجود سقف زمني لها حتى لا تظل إسرائيل تماطل إلى الأبد في الالتزام ببنود الاتفاقات مع الفلسطينيين، مثلما تهربت من كل التزامات الاتفاقات السابقة.
وأشار موسى إلَى أن العرب فشلوا حتى الآن في وقف الممارسات الإسرائيلية سواء التي تهدف إلى تهويد القدس وطمس المعالم العربية والإسلامية لمدينة المقدسة أو الحقوق الشرعية للفلسطينيين.
القذافي: تحديات شعبية متزايدة لن تتراجع
ودعا في كلمته عقب تسلُّم رئاسة القمة من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى تجنب القرارات التي لا ترضى عنها "الجماهير العربية"، مضيفًا: " يجب أن نحاول أن نقرر ما تنتظره منا الجماهير إذا قررنا أي شيء لن ترضى عنه الجماهير لن يكتب له النجاح والجماهير ماضية في تحدي النظام الرسمي".
وأوضح القذافي أنّ المواطن العربي "متمرّد ومتربص.. ولا نستطيع أن نحتمي بعد الآن خلف الصولجانات أو الحدود فهي غير محترمة وتداس تحت أقدام الجماهير الثائرة".
واعتبر الزعيم الليبي أنّ الحكام العرب "في وضع لا يحسدون عليه؛ لأنهم يواجهون تحديات غير مسبوقة".
من جهته، أكّد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر في كلمته التي افتتح بها القمة العربية على وجود أزمة في العمل العربي المشترك.
وطالب أمير قطر العرب بالتحرُّك من أجل إنقاذ القدس وقال: إنه لا ينبغي أن نكتفي بقرارات الشجب والإدانة.. وإنّ الشعوب العربية لن تصدق إننا لم نستطيع رفع الحصار عن غزة.
وقال الأمير: "هل تكفي القدس والأقصى قرارات الشجب والإدانة وهل نقتنع نحن وتقتنع شعوبنا بأن كل ما في وسعنا فعله هو الإدانة والشجب هل علينا فعلًا أن ننتظر الرباعية بشأن القدس والأقصى".
وقال: "نحن أمام خِياريْن إمّا أن نترك العمل العربي المشترك لمصائره ومصادفاتها تذهب به أينما تشاء أم نقف ونُنبّه إلى ضرورة المراجعة وإعادة النظر".
وأقر أمير قطر بعد تحقيق إنجازات خلال الدورة الماضية من القمة العربية التي كانت تترأسها بلاده وقال: "ولسنا نقبل أو نرضى أن نتقدم إليكم اليوم أو إلى الأمة من خلفكم بتقرير عن إنجازات دورة رئاسية لمجلس الجامعة العربية شرفنا بمسئوليتها وذلك لأن هذه الإنجازات لم تتحقق".
واقترح الأمير" تشكيل لجنة اتصال عُلْيا تعمل تحت إشراف رئيس القمة ويكون عليها التقدم إليه بمقترحات لحل أزمة العمل العربي المشترك".
وفي هذه القمة يغيب الرئيس المصري حسني مبارك، الذي أجرى عملية جراحية في ألمانيا مؤخراً لاستئصال المرارة، كذلك يغيب العاهل السعودي، الملك عبد الله بن عبد العزيز ، وعاهل البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ خليفة بن زايد، والرئيس العراقي، جلال الطالباني، والرئيس اللبناني، ميشال سليمان، وسلطان عمان، قابوس بن سعيد، والعاهل المغربي، الملك محمد السادس.
ويشارك في القمة، إضافة غلى العقيد معمر القذافي الذي يستضيف لأول مرة لقاء عربيًا على هذا المستوى، 13 من القادة العرب هم رؤساء الجزائر والسودان وسورية وموريتانيا واليمن والصومال وجيبوتي وجزر القمر إضافة إلى أميري قطر والكويت والعاهل الأردني ورئيس السلطة الفلسطينية.
وهناك نص مشروع القرار الذى وافق عليه وزراء الخارجية العرب فى اجتماعاتهم التمهيدية للقمة بشأن «بلورة موقف عربى موحد لاتخاذ خطوات عملية لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية».
ويدعو مشروع القرار الوفود العربية إلى مطالبة مؤتمر الدول الأطراف فى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية بضرورة تفعيل القرار المتعلق بالشرق الأوسط، ووضع آلية عملية لتنفيذه تقود إلى إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية.