أكد أحمد أبوالغيط وزير الخارجية في كلمته بالمؤتمر الدولي للمانحين لإعمار وتنمية دارفور أمس أن قضية دارفور في قلب اهتمامات العالم الإسلامي والمجتمع الدولي، وأشار إلي أن العالم الإسلامي بالتعاون مع الدول المانحة لن يتواني عن تقديم الدعم للأشقاء في دارفور لتحقيق مطالبهم العادلة في التنمية والإعمار. شدد أبوالغيط علي أن رئاسة مصر للمؤتمر تأكيد وتثبيت لواقع لا جدال فيه.. وهو ارتباط مصر الأزلي والأصيل بالسودان وشعبه. وقال إن السودان يشهد لحظة تاريخية بتطورات شديدة الأهمية وتحديات جسيمة تحتاج كل مساندة وتأييد.. مشيراً إلي أن السودان هو أكبر الدول في أفريقيا والعالم العربي.. ويمثل جسراً للتواصل الأبدي بين حضارتين من أكبر حضارات العالم وهما الحضارة العربية والحضارة الأفريقية، كما أنه بلد إسلامي كبير أضاف بأصالة تاريخية وعلم أبنائه الكثير للحضارة الإسلامية.. مؤكداً أن استقرار السودان لن يتوافر دون التوصل لحل نهائي شامل وعادل لقضية دارفور التي شغلت وجدان الأمة الإسلامية والأمم المحبة للسلام منذ اندلاعها في عام 2003. وحسب نص الكلمة قال وزير الخارجية: لقد آمنت مصر منذ اندلاع الأزمة أن قضية دارفور هي قضية تنمية بالأساس.. وقد أخذت فيما بعد أبعاداً سياسية وقبلية واجتماعية.. وهو ما جعلنا علي اقتناع تام بأن الحل الجذري للأزمة يجب أن يركز علي رفع معدلات التنمية وتحسين مستوي معيشة المواطن السوداني في دارفور.. وقد وجد هذا التحليل صداه لدي منظمة المؤتمر الإسلامي.. ودفعنا بالتنسيق مع الحكومتين التركية والسودانية لاستضافة هذا المؤتمر الدولي للمانحين لإعمار وتنمية دارفور. لقد دعمت مصر وسوف تدعم أي جهد إقليمي أو دولي يصب في مصلحة تسوية الأزمة في دارفور.. وقد شهدت الفترة الأخيرة حراكاً سياسيا ملحوظاً لوضع نهاية لهذه الأزمة.. أخص بالذكر هنا الزيارة المهمة لرئيس جمهورية تشاد السيد إدريس ديبي إلي الخرطوم في فبراير الماضي والتي كان لها أكبر الأثر في تطبيع علاقات البلدين الشقيقين وبدء استقرار الأوضاع في المناطق الحدودية بين تشاد والسودان بما انعكس بالإيجاب علي الوضع في إقليم دارفور. أحيي أيضًا في هذا المقام الجهد الذي بذلته دولة قطر الشقيقة والوساطة الدولية بقيادة "جبريل باسوليه" الذي أثمر عن توقيع اتفاق السلام الإطاري بين حكومة السودان وحركة العدل والمساواة.. ثم الاتفاق الإطاري واتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة.. وهي الاتفاقيات الذي باركناها ودعونا باقي الأطراف إلي الاحتذاء بها حتي يتم التوصل إلي اتفاق سلام نهائي عادل وشامل يضع حداً للأزمة في دارفور، ونأمل أن تساعد هذه التطورات السودان الشقيق والدول الصديقة والمحبة للسلام للتركيز علي جهود التنمية وإعادة الإعمار التي نعقد لها اجتماعاً اليوم. وقال أبوالغيط: إنني لعلي يقين من أن استقرار وتنمية دارفور هو الضمانة الحقيقية الوحيدة لعودة اللاجئين والنازحين إلي قراهم ومدنهم.. كما أنني علي يقين بأن عودة أبناء السودان إلي أوطانهم هي الخطوة الأولي لخروج هذا البلد الشقيق من مأزقه الحالي.. لأن دروس التاريخ علمتنا أن نهضة الأوطان ليس لها أن تتم من دون التفاف سواعد أبنائها.. جميع أبنائها من أجل خوض ملحمة الاستقرار والتنمية. وقال أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام للمؤتمر الإسلامي: إنه لمن دواعي السرور والاعتزاز أن يلتئم هذا الاجتماع المهم في رحاب البلد المضياف. وأخص بالشكر فخامة الرئيس محمد حسني مبارك سائلاً الله له عاجل الشفاء والعافية والحفظ والرعاية، كما أشكر أعضاء اللجنة التحضيرية لهذا المؤتمر، المملكة العربية السعودية، جمهورية السودان، والبنك الإسلامي للتنمية علي عملها المتواصل في الإعداد الحسن لهذا المؤتمر طوال العام الماضي. إن منظمة المؤتمر الإسلامي انطلاقاً من مسئوليتها وأداء لواجبها في مساعدة الدول الأعضاء في مجالات تسوية النزاعات وبناء السلام وتحقيق التنمية المستدامة، ظلت تتابع وتساهم بإيجابية في تحقيق الأمن والاستقرار في إقليم دارفور منذ اندلاع النزاع، حيث ساهمت المنظمة بفعالية في تحريك العملية السياسية عبر اتصالاتها مع الحكومة السودانية، وزياراتها المتكررة لإقليم دارفور ومشاركتها المستمرة في الجهود الدولية والإقليمية من أجل تحقيق السلام والاستقرار. وقد شاءت الأقدار أن ينعقد هذا المؤتمر اليوم في مرحلة أصبح فيها السلام خياراً استراتيجياً لجميع الأطراف وتم وضع إطار واضح للتسوية السلمية النهائية. وأضاف إن متابعة استيفاء تعهدات المانحين تحتاج إلي آلية فاعلة وواضحة وعملية لتحقيق الأهداف. وحيث إن التعهدات التي تعلن في هذا المؤتمر هي تعبير عن جهد جماعي للمساعدة في تنمية وإعمار دارفور، فإن منظمة المؤتمر الإسلامي، وبناء علي تجاربها السابقة ستعمل علي تنسيق ومتابعة وتنفيذ التعهدات في المرحلة المقبلة، من أجل ذلك ستقوم المنظمة قريباً بافتتاح مكتبها في السودان رسمياً، كما ستقوم بتكوين آلية متابعة تشمل أعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر والمانحين الأساسيين، وستضع الآلية نظاماً واضحاً لعملها وسيتم ذلك بتنسيق كامل مع حكومة السودان، والمؤسسات المالية التي تعمل في مجال تنمية دارفور، وعلي رأسها بنك تنمية دارفور. وفي كلمته أكد عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية أن التكامل والتضامن الهادف إلي إعمار وتنمية دارفور عمل مطلوب وعاجل، وهو ما تقوم به الجامعة العربية بالفعل، وهو ما نهنئ به مصر وتركيا والمؤتمر الإسلامي بمناسبة عقد هذا المؤتمر الذي يشكل منطلقاً مهماً في العمل المشترك، من أجل إنهاض دارفور. وقال إن هذا الجهد إنما يأتي في لحظة سياسية فارقة، تجمع في ظلها العمل العربي والأفريقي والدولي في حركة جماعية من أجل دفع المحاور السياسية، والأمنية والتنموية معاً بنجاح، وبالتوافق مع حكومة السودان، لقد بدأت العجلة بالفعل تدور في اتجاه الحل الشامل. وأشار إلي أن التطورات الإيجابية لمباحثات السلام في إطار "المبادرة العربية الأفريقية" التي تتولي إدارتها وساطة مشتركة قطرية أممية في الدوحة، وآخرها توقيع الاتفاق الإطاري بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة يوم 23 فبراير الماضي إضافة للاتفاق الإطاري بين الحكومة السودانية، وحركة التحرير والعدالة يوم 18 مارس الحالي أسهمت أيضا في خلق قدر كبير من التفاؤل حول تنامي فرص أفضل لشمولية عملية السلام، ليس فقط بالسعي نحو إشراك الحركات المسلحة بل أيضا المجتمع المدني بأطيافه المختلفة. كما أشار إلي الجهد العربي في إعادة تأهيل 95 قرية و245 مركزاً خدمياً و79 مركزاً صحياً و75 محطة مياه وتوفير الخدمات الاجتماعية المناسبة، وأضاف أن هذا الجهد سيتواصل لتغطية المشروعات في مختلف أنحاء دارفور، وسوف نعمل أيضا علي أن تكون تلك المشروعات منسقة ومترابطة مع ما سوف يسفر عنه هذا المؤتمر من نتائج، تماماً مثلما أنجزت الجامعة العربية بالتعاون مع جهات متعددة عملاء منسقاً، وذلك منذ أقل من أسبوعين، استهدف دعم التنمية والاستثمار في جزر القمر. وقال إن ما تحقق من إنجازات علي طريق السلام والأمن والاستقرار في السودان ليس بالقليل، ولكن مازال أمامنا الكثير، وفي وقت قصير، بما يستوجب تضافر جهود الأطراف السودانية وتكثيف التحركات الدولية لتصل مباحثات السلام بشأن دارفور إلي مبتغاها، ويحقق اتفاق السلام الشامل أهدافه، في اتساق وتوافق مع جهود تنمية وتطوير كل من دارفور وجنوب السودان.