إذا وضعوك في زنزانة انفرادية، وكبلوا يديك وقدميك بالسلاسل. فلا تيأس.. إن في استطاعتك أن تضحك.. أليس كذلك؟ أو تتكلم، وأن ترقص، وأن تجعل من رنين أصوات السلاسل نغماً ترقص عليه.. فمهما استطاعوا تقييد جسدك فلن يستطيع أحد أن يقيد روحك المرحة، وإحساسك المنطلق. تذكرت هذه الكلمات للحكيم الهندي الشهير راجنيش وأنا أتابع بعض الدراسات المتعلقة بالحالة النفسية للمصريين وتأثيرها علي حياتهم.. وقد يكون من المنطقي أن أعرض للنتائج أولاً، ثم أعرض بعض التوصيات، وأقدم بعض النصائح.. غير أنني وجدتني أبدأ من حيث يجب أن أنتهي.. إذ تظل الرغبة في هذه الخلاصة أكثر أهمية من الدراسات ومما تشير إليه من نتائج مفزعة خاصة بصحة المصريين النفسية. إننا في حاجة إلي أن نتغلب علي مشاكلنا بالابتسام، وفي حاجة إلي أن نعلن العصيان المدني علي الكآبة، وأن نعلن حالة الطوارئ الجماعية لاستفزاز النكتة المصرية ولاستحضار عفريت الضحك علي مشاكلنا.. وأكاد أزعم أن أحد أهم عوامل بقاء الشخصية المصرية عبر آلاف السنين هي قدرتهم علي الضحك، وعلي امتصاص المآسي، وقدرتهم علي التنكيت الذي يصل في كثير من الأحيان إلي حد التبكيت. حالة الاكتئاب العامة التي تشيع بين عدد كبير من المصريين كما تشير الدراسات، وحالة المزاج المتعكر، والمتشح بالتشاؤم التي يصورها البعض أو يحاولون تصديرها لنا، لا علاج لها سوي الابتسام، ولا علاج لها سوي بالضحك عليها. الضحك نتيجة للسعادة في بعض الأحيان، وسبب لها في معظم الأحيان.. نحن نضحك في بعض الأحيان لأننا سعداء، ولأن في حياتنا مواقف سعيدة تدعونا لذلك.. غير أننا في غالب الأحيان نضحك لأن الضحك يؤدي إلي السعادة.. جرب أن تضحك أولاً، جرب أن تضحك علي كل شيء، بعدها ستجد نفسك سعيداً. في مصر حاليا عديد من التجارب الناجحة، كما أن بها بعض مجالات الفشل لا تركز علي الفشل، لأنه يؤدي إلي الفشل.. ركز النظر، واستمتع بالنظر إلي التجارب الناجحة ففيها للنفس سلوي، وفيها مثيرات للسعادة. من السهل أن تجد أسباباً للكآبة.. وليس لك فضل في النواح.. الفضل عندما تقاوم النزعة الأساسية، وأن تميل إلي الابتسام.. الأصل في الإنسان هو الاكتئاب، وهو أول فعل نقوم به في حياتنا.. هو أول تعبير نظهره للعالم وللآخرين عند ميلادنا.. هل رأيتم طفلاً يضحك عندما يولد؟ إذن لا فضل لك في تصدير الاكتئاب إلي الناس.. الفضل لك عندما تنتزع ابتسامة من شخص تعيس، وفي أن نقتنص نظرة رضا من شخص معذب، وفي أن تختلس لمحة جمال في موقع قبيح.. هنا يكون لك الفضل، وهنا تكون إنساناً حقيقياً لا إنساناً تقليدياً. السعادة بضاعة للتصدير.. جرب أن تكون سعيداً حتي يشعر من حولك بالسعادة.. لا تكن زوجاً كئيباً، أسرتك أولي بابتسامتك، وأولادك أولي بضحكتك الصافية، لا تصدر الكآبة والحزن إلي من تحب، ووسع دائرة من تحب، تجد الحياة بعدها سعيدة. لشاعر المهجر الشهير إيليا أبو ماضي قصيدة مشهورة عن السعادة، يقول في بعض أبياتها "قال الحياة كئيبة وتجهما.. قلت ابتسم يكفي التجهم في السما.. قال الليالي جرعتني علقماً.. قلت ابتسم ولئن جرعت العلقما.. فلعل غيرك إن رآك مرنما.. ترك الكآبة جانباً وترنما". عزيزي القارئ.. أقدر مشغولياتك اليوم، وأقدر حجم الأعباء الملقاة علي عاتقك.. ولكن دعني اقترح عليك اقتراحاً حاول أن تفكر فيه وأن تنفذه "ما تيجي نضحك"!!