القسوة في التعامل هي السمة الغالبة علي طبيعة الحياة والعلاقات بين الأهالي داخل قرية المعابدة التي يحتضنها الجبل الشرقي لمدينة أبنوب بمحافظة أسيوط يقطنها أكثر من 10 آلاف نسمة يعتصرهم الفقر ويعانون من الجهل والتسرب من التعليم يشعرون بأنهم فئة مجهولة ومنبوذة داخل المجتمع قريتهم تحولت إلي مأوي للخارجين عن القانون لكثرة الكهوف التي تحويها جبالها والتي صارت مصدراً لتصدير السلاح غير المرخص للقري المجاورة، ارتفاع نسبة جرائم الثأر يفرض علي المواطنين حظر التجوال مع بدايات حلول الظلام أطفالها محرومون من اللهو في الشوارع خوفاً من المشاجرات المستمرة يمسون ويصبحون علي أصوات الذئاب التي يحويها باطن الجبل. لاحقتنا العيون من خلف الأبواب والشبابيك أثناء تجولنا بالقرية بهدوء وسكون.. خوف وترقب والقلق أنتاب الجميع من وجودنا وبعد علمهم بأننا صحفيون جئنا لمساعدتهم ونقل شكواهم للمسئولين، تلاشت حالة الخوف والتفوا حولنا وبدأوا يروون لنا المآسي التي يعيشون فيها. تحدث إلينا طلعت عبدالناصر مسلم والخوف يملأ عينيه قائلاً الثأر... توقف عن الحديث للحظات ثم قال هو أكبر مشكلة نعاني منها تأخذ أرواح ضحايا شباب أبرياء لا ذنب لهم ويدفعون الثمن لمشاكل آبائهم وأجدادهم تدمر أسر بأكملها وتتحول حياتها إلي جحيم ليل نهار. وأضاف أن انتشار الأسلحة غير المرخصة التي يصنعها الخارجون علي القانون داخل كهوف الجبال ساعد في تعميق هذه المشكلة التي جعلتنا نلزم منازلنا بعد آذان المغرب خوفاً من القتل. واستطرد: القرية تصبح وتمسي علي أصوات الذئاب التي تبدأ هجومها علي الشوارع بمجرد حلول الظلام، وروي لنا قصة جده مع الذئب عندما هجم عليه وعقره في ساقه فما كان من جده إلا أن أمسك بالذئب من عنقه حتي أنه مات في يده ومن يومها أطلقوا عليه أبوالضبع. وبنبره صوت حزين قال الطفل محمد عبدالرحمن أنه لا يجد مكاناً للهو واللعب وأضاف والدي يمنعني من النزول إلي الشارع بسبب خوفه علي من المشاجرات الكثيرة بطرقات القرية. أما عمر فودة عمر فأكد أن القرية في أمس الحاجة إلي التغلب علي العادات الحسنة والسيئة التي توارثتها الأجيال مشيراً إلي أن مركز شباب القرية بدون ملعب وفقير جداً في الخدمات كما أن المدرسة الموجودة بها تعمل علي فترتين ولا يوجد تأمين صحي للتلاميذ أو الموظفين ووصف فودة مقر ثقافة القرية بأنه جدران فقط لا يقام به أي أنشطة ومكتبته لا تحوي أي كتب بل إنها مغلقة في معظم الأوقات.