لم تكن حالات الشد والجذب التي سيطرت علي الجانبين الوفدي والناصري هي المعكر الوحيد لصفو الأجواء الخاصة باجتماع الائتلاف الرباعي الذي عُقد بشيراتون القاهرة أمس الأول، إذ نشبت خلافات حادة علي الجانب الآخر حملت صفة ناصرية.. ناصرية خلال أحداث المؤتمر. وعلمت روزاليوسف أن القيادات الناصرية اتفقت في اجتماع خاص، جرت أحداثه قبل انعقاد المؤتمر علي مواجهة والتصدي بشدة لكل من يهاجم الحزب الناصري متمثلاً في ثورة يوليو 52 أو حتي من يدعو للترويج للبرادعي كمرشح للرئاسة. وبدأت الأجواء في التوتر بين الناصريين عندما دعا د. حسام عيسي نائب رئيس الحزب إلي ضرورة أن يتحالف الائتلاف الرباعي مع حركة محمد البرادعي الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الأمر الذي تعارض مع موقف الحزب الرسمي الذي طرحه سامح عاشور النائب الأول لرئيس الناصري، الذي تبني بطبيعة الحال جبهة داعمة لموقفه في مواجهة عيسي فارتسمت العديد من التداعيات الساخنة علي وجه الأحداث الناصرية - الناصرية وأعلن سامح عاشور رفضه لما يقوله عيسي، لأن الأحزاب كيان مؤسسي لا ينبغي أن ينساق وراء الحركات وإنما العكس، لأن الحركات ستستفيد من قواعد الأحزاب في تحقيق أهدافها.. وفي النهاية يجب أن يكون صندوق الانتخاب هو الحكم. ووجه عاشور كلامه لمناصري البرادعي قائلاً: أنتم تتخذون قراركم في دقيقة.. ونحن نتخذه في أيام وربما أسابيع لأننا كيان مؤسسي، ولسنا مجرد أفراد التفوا حول فكرة ما. وأمام الهجوم الناصري علي حسام عيسي الذي لم يكن عاشور هو محركه الوحيد، وشمل أيضًا أمانة التيار ممثلة في محمد يوسف قال د. حسام عيسي: لمّا أنتم بتهاجموا البرادعي لأنه هاجم الثورة قاعدين ليه مع الوفد وهو مسح بكرامة ثورة يوليو الأرض.. ووجه كلامه لمحمد يوسف: ليه قاعد يا أستاذ مع حزب الوفد والتجمع الذي وصف رئيسه الثورة بالفاشية. وفي نهاية المؤتمر تحول الأمر لصدام بين قيادات الوفد والناصري بعدما هاجم سيد شعبان القيادي الناصري ما ذهب إليه الوفديون من أن دستور 23 هو الأفضل علي الإطلاق حيث رد قائلاً: دستور 23 لم يكن يفصل بين السلطات بالمعني القانوني الذي تتحدثون عنه ودستوركم - يقصد الوفديين - أعطي سلطة واسعة للملك سواء في حل البرلمان أو في غير ذلك حيث كان صاحب السلطة العليا وكان يعلن الأحكام العرفية، ومن حقه أن يفعل أي شيء متابعًا: ما أقوله ليس بهدف النقد وإنما نوع من السجال القانوني ويكفي أن الدستور الاتحادي الذي وقعت عليه مصر وسوريا وليبيا والذي انسحبت منه مصر بعد ذلك أقر ضرورة اختيار المواطنين للحكام ومحاكمتهم ومحاسبتهم أيضًا.. ودافع عما عرف إعلاميا في الستينيات بمذبحة القضاة قائلاً: الدولة كانت تريد تطهير الفساد.. فهاجمه د. علي السلمي عضو الهيئة العليا للوفد وعندما استمر شعبان في كلامه ذاكرًا حقائق تاريخية صفق الناصريون الذين كانوا ملتفين حول بعضهم البعض في مواجهة أي هجوم عليهم. وكان سامح عاشور قد حذر في بداية المؤتمر من الوقوع في فخ المشادات لأسباب تاريخية مطالبًا الجميع بمواجهة أي أفكار من شأنها أن تعرقل عمل الائتلاف، الأمر الذي لم يستجب له الناصريون لغضبهم مما سموه الافتراء الشديد علي ثورة يوليو وقال عاشور خلال المؤتمر يجب أن تتحرك الأحزاب وسط الجماهير وتتخلي عن خلافتها حتي لا تهمش ويظل الوطني مسيطرًا علي الساحة من خلال أغلبية مزيفة حول مستقبل مصر. وعلقت نشوي الديب أمينة الشئون العربية: لن تكون هناك قوة للأحزاب في الشارع دون الالتحام بالجماهير ويجب أن تكون هذه توصية المؤتمر الأول، وكان مجموعة القيادات الناصرية التي حضرت المؤتمر بدت متحفزة للرد علي الورقة الوفدية التي اتهمت الفترة الناصرية بالاستبداد وتقييد الحريات الأمر الذي دفع عددًا من القيادات الوفدية للتهامس فيما بينهم حول تربص الناصريين بهم لإفساد المؤتمر الذي نظمه وأعد له الوفد. وحول مقترح د. حسن نافعة منسق الجمعية الوطنية للتغيير بضرورة أن تنخرط الأحزاب في هذه الجمعية طالما أن المطالب التي تنادي بها تتوافق مع ما تدعو له الأحزاب الأربعة. قال سامح عاشور نحن أمام محاولة جبهوية مشكلة من أعضاء الائتلاف، وهو ما يعني التخلي عن الصراعات الشخصية، لافتًا إلي أن الأحزاب عبارة عن هياكل مؤسسية ليست أشخاصًا فردية، وبالتالي فإن قراراتهم تحتاج آلية تنظيمية من خلال أعضاء عكس الفرد الواحد الذي يمكنه أن يقرر ما يشاء وفق رغبته الخاصة، ونحن لا نجبر أن ننقاد تحت قيادة الجمعية الوطنية للتغيير فلماذا لا تنخرط مع الأحزاب وتعمل معًا من خلال جبهة أوسع. ووجه د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع اعتذارًا للناصريين، مؤكدًا عدم قبول المساس بثورة يوليو التي هي جزء من تاريخ مصر، وأن الاجتماع الذي تنظمه المعارضة لا يهدف إلي الحديث عن التاريخ.. وقال محمود أباظة رئيس حزب الوفد إنه لا يستطيع أحد أن يقسم التاريخ لقطع فهو أشبه بالنهر المتدفق الذي يحمل تاريخ وتراث الشعب.