أينشتاين والنسبية، دارون والتطور، العجائب السبع في العلوم، إعادة إنتاج التربة، القنبلة الذرية والوراثة.. ستقرأ في هذا الكتاب عن تلك النظريات أو الاكتشافات أو الاختراعات وغيرها لكن بطريقة أخري، سيختلط عليك الأمر كثيرا وأنت تحاول التفريق بين ما إذا كنت تقرأه رواية خيالية أم عرضاً علمياً صرفاً. في كتاب "فصول من الكتابة العلمية الحديثة" الصادر حديثا عن دار روافد للنشر والتوزيع، يستعرض جامعة العالم الشهير ريتشارد دوكنز ذلك النوع من المؤلفات العلمية البحتة التي أنتجتها أقلام أعظم علماء القرن العشرين، ومن المعروف أن دوكنز نفسه أولي اهتماما لنظرية التطور في كتابه المبسط "العرض الأكبر علي الأرض"، وهي النظرية التي لاقت وتلقي تعارضا مع الأفكار الدينية إلي درجة أن بعضهم يراها تحد لدور الله، إنما دوكنز فيعد من أكثر العلماء الذين استطاعوا شرح أفكارهم العلمية المعقدة إلي القراء غير المتخصصين ببساطة ووضوح، مع الاعتماد بصفة أساسية علي العرض الشيق للعلم بغض النظر عن عمق النظرية وصرامتها. تحت عنوان "نقطة زرقاء باهتة" في مناسبة استعراض نظرية كارل ساجان التي تعرف ب"كمياء الفضاء"، يقول د. شفيق السيد صالح مترجم كتاب دوكنز الآخر الشيق الذي بين أيدينا، أنه "ليس عنوانا لرواية حداثية أو قصيدة نثر، بل عنوان غاية في الرقة لكاتب في الفلك"، ففي رأي دوكنز تنبع شاعرية ساجان فيما يخص كوكب الأرض من أنه يراه من الخارج كنقطة زرقاء باهتة، وهي آخر شيء يمكن أن نراه إذا قدر لنا أن نسافر في الفضاء. يشرح المترجم في مقدمة الكتاب أن جاليليو طاله العذاب لأنه كتب بالإيطالية التي يفهمها العامة، وليست اليونانية التي اشترطت الكنيسة كتابة العلوم بها حتي لا يعرفها إلا قلة مثقفة، ويطلعنا هذا الكتاب علي نماذج غربية بالطبع من الكتابة العلمية التي لم تصبح حكرا علي "المتأدبين من هواة العلم، بل أصبحت مهنة العلماء أنفسهم، مؤكدا أننا في عالمنا العربي نفتقر إلي ذلك النوع من الكتابات، تجعل العلم للعامة، للجميع، والرياضيات للملايين كما قال لانسلوت هوجبن ليؤسس لنظريته التي تري الرياضيات مجالا مهما في حياتنا اليومية وأن تطورها حاجة إنسانية.