مساء الخميس الماضي هاتفني صديقي البورسعيدي الجميل جمال خضير: إلحق الدنيا هنا مولعة نار.. الناس بكرة هايعملوا مظاهرة كبيرة أمام مكتب المحافظ احتجاجًا علي استقالة كامل أبو علي من رئاسة نادي المصري! بعد لحظات تلقيت اتصالاً ثانيًا من صديقي يخبرني فيه بأن هناك اتصالات جرت مع الدكتور محمد كمال حتي يتدخل الحزب الوطني من أجل وأد الفتنة - التي كادت أن تشتعل في كل بورسعيد بعد أن وجد البورسعيدية أن مستقبل ناديهم العتيد - بعد استقالة كامل أبو علي - أصبح علي كف عفريت! بعد صلاة الجمعة علمت من صديقي البورسعيدي أن أكثر من 5000 مشجع للمصري يطوفون الآن بشوارع بورسعيد وميادينها الرئيسية وفوق رؤوسهم شارة سوداء حدادًا علي استقالة أبو علي وحزنًا علي مصير النادي المجهول الذي أصيب بشلل تام وتوقفت فيه الحياة في ال90 يومًا الأخيرة التي سبقت لحظة إعلان أبو علي استقالته مساء الأربعاء الماضي! مشكلة المليادير الشهير الذي اشتري من قبل نادي "نيوكاسل" السويسري أنه منذ اللحظة الأولي التي تسلم فيها رئاسة المصري عقب رحيل الحاج سيد متولي قبل ستة أشهر.. لم يشعر بأي راحة وهجره الهدوء المطلوب حتي يستطيع إدارة شئون ناد قديم وعتيد لعل أدق وصف يمكن أن نصف به جمهوره هو أنهم "مجانين كورة"! ولأن البورسعيدية كذلك.. فقد كان طبيعيا بالتالي أن تحاول بعض القيادات الحزبية والتنفيذية بالمدينة أن تنظر أو بالأحري تدس أنوفها في كل وأدق ما يخص شئون النادي الأشهر في مدن القناة.. الأمر الذي لم يهيئ الساحة لأبو علي.. فاختار الرحيل.. بعيدًا! هل كان مطلوبًا أن ينجح كامل أبو علي بينما هناك علي مائدة اجتماعات مجلس إدارة النادي ثلاثة أعضاء عزفوا منذ اللحظة الأولي عن مساندة خطة أبو علي لتطوير النادي والفريق الكروي ولم يكتفوا بهذا بل ظلوا يعارضونه في كل اجتماع وعقب كل اجتماع ويمارسون ضده علنًا حملة تشهير وافتراء بين جماهير بورسعيد المتعصبة للنادي وعلي لسان كل واحد من هؤلاء الأعضاء الثلاثة: "فين أيامك يا حاج سيد.. الله يرحمك"! هل كان مطلوبًا أن يستمر الرجل في منصبه بينما أسرار النادي ومناقشات مجلس إدارته تجد طريقها، عبر الطابور الخامس، إلي كل مواطن بورسعيدي.. وليتها وصلت - كما هي - لكنها كانت تصل محرفة وغير صادقة وملونة حسبما تقتضي مصالح كل عضو من الأعضاء الثلاثة الذين تأكد أغلب البورسعيدية أواخر الأسبوع الماضي أنهم يحبون مصالحهم أكثر ولهذا السبب يقولون لا في كل وقت لهذا الرجل الذي يخشون إن نجح أن يسحب البساط من تحت رجل كل واحد منهم! هل كان مطلوبًا أن يكون أبو علي - لا مؤاخذة - "شخشيخة" في أيدي العابثين من خارج أسوار النادي في كل ما يتم داخل النادي؟.. و.. لا أظن - كما ظن هؤلاء المراهقون سياسيًا أن رجلاً مثل كامل أبو علي يوافق أن يكون بمثل ما كانوا يأملون ويعملون! لقد كان المعني الحقيقي الوحيد لاستقالة أبو علي هو انهيار نادي المصري.. وغضب كل الشارع البورسعيدي.. ولم يكن أحد في بورسعيد أو خارج بورسعيد يملك شرف السكوت عن ما يجري سواء في الشأن الكروي البورسعيدي أو في الشارع البورسعيدي نفسه. تحرك المحافظ "اللواء مصطفي عبداللطيف" وأعلن لآلاف احتشدوا أمام مكتبه ظهر الجمعة الماضي أنه يرفض استقالة رئيس النادي. استدعي قيادات العمل التنفيذي والحزبي والشعبي والقيادات والرموز السياسية بالمدينة الباسلة وبحسم شديد قال لكل المجتمعين: "إنني أرفض الاستقالة.. لقد اتصلت فعلاً بكامل أبو علي وأخبرته برفض الاستقالة وطلبت منه الاجتماع معي لكي نضع أسسا جذرية وعملية نتجاوز بها تلك الأزمة حتي نضمن استقرار الأحوال داخل النادي". لم يتأخر طويلاً تدخل المسئول الأول في بورسعيد لحل تلك الأزمة التي جعلت كل الأمور مشلولة في ال90 يومًا التي سبقت الاستقالة، وعلي أي حال حسنا ما فعله السيد المحافظ وكل الشكر له علي ما حقق وأنجز.. ولكن وآه من لكن تلك.. لا يستطيع أحد أن يتجاهل دور رجل آخر سعي بشكل مسئول لإزالة تلك الغمة التي رسمت وجه الحياة في كل بورسعيد فجعلتها أكثر من كئيبة وحزينة لا سيما منذ أن أعلنت الاستقالة. أتحدث عن الدور الفعال والذكي الذي لعبه د. محمد كمال البورسعيدي الأصل حتي تهدأ الأحوال في الشارع البورسعيدي، في البداية أقنع كامل أبو علي بسحب استقالته.. وتحقيق مطالبه في تشكيل مجلس إدارة جديد يكون مساعدًا له وليس مثبطًا لهممه أو محبطًا لآماله وأحلامه للنادي. بالتأكيد يعلم الدكتور محمد كمال بوصفه بورسعيديا أولاً وعضوًا بارزًا بأمانة السياسات بالحزب الوطني ثانيًا أن سخط البورسعيدية علي كل من يهدد مسيرة "المصري" لن يكون محدودًا فهم يعشقون النادي ونجومه أكثر من أي شيء آخر في الدنيا. ولهذا فإنه عندما تدخل في الوقت المناسب لاحتواء الأزمة قبل أن تتصاعد أكثر وأكثر لم يكن لديه رأي مسبق أو حل جاهز.. استمع إلي أبو علي وإلي المحافظ.. وحاول أن يلتمس بأكثر من وسيلة وطريقة نبض الشارع.. وبذلك كله ضمن الدكتور محمد كمال أن تدخله المحايد كبورسعيدي وليس كمسئول حزبي كبير سوف يكتب له النجاح في النهاية. لقد ظلت الأزمة مشتعلة دون حل 48 ساعة فصلت بين إعلان الاستقالة ومظاهرات الجمعة الماضية أمام مكتب المحافظ في ميدان الشهداء.. وانقسمت قيادات بورسعيد إلي فريقين الأول يريد تطفيش كامل أبو علي وإفشال خطته لتطوير النادي (خوفا علي أنفسهم ومراكزهم السياسية) والآخر يؤيد - ومعه أغلب جماهير بورسعيد الكروية - رئيس النادي ويحلم بأن يكون كامل أبو علي للنادي المصري سيد متولي آخر. ليس مهمًا أن يكون السيد المحافظ هو الذي بادر لإيجاد حل.. وليس تزيدًا أن نقول إن د. محمد كمال هو الذي بادر ودخل سريعًا، إلي قلب الأزمة.. وقلب الترابيزة علي من كانوا يقولون لأبو علي (لا علي طول الخط) رغم أن بعضهم ينتمي للحزب الوطني نفسه! ليس مهمًا أن نقول من الذي سبق الآخر إلي الحل فالمسألة لا تستدعي أساسًا طرح هذا السؤال لأن كل البورسعيدية باتوا يعرفون الآن من الذي كان حريصًا أكثر علي مستقبل نادي المصري.