يعتقد كثير من العرب أن مجلس الأمن هو أحد أهم عوامل الظلم الذي تتعرض له أمتهم والجور الذي يسود تعامل المجتمع الدولي مع قضاياهم، وهذا اعتقاد راسخ تدعمه وقائع تدل علي أن هذا المجلس يكيل بمكيالين، وأن الولاياتالمتحدة نجحت لفترة طويلة في استخدامه أداة ليس فقط لتحقيق مصالحها ولكن أيضًا لحماية انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي ولميثاق الأممالمتحدة وتمكينها من الإفلات المستمر من العقاب الذي تستحقه علي الجرائم التي ترتكبها بشكل منتظم. هكذا يبدأ د.وحيد عبدالمجيد تقديمه لكتاب مجلس الأمن.. فشل مزمن وإصلاح ممكن تأليف أحمد سيد أحمد الصادر عن مركز الأهرام للنشر والترجمة. والكتاب يقدم دراسة تحليلية لدور مجلس الأمن وعوامل فشله في حفظ السلم والأمن الدوليين وكيفية إصلاحه في ظل التحول الذي حدث في هيكل النظام العالمي والانتقال من الثنائية إلي الأحادية القطبية، وكثيرة هي الاستنتاجات التي يمكن أن يخلص إليها قارئ هذا الكتاب. ومن فوائد هذا الكتاب أنه يقدم معرفة علمية يمكن أن تفيد في صوغ منهج عربي للتحرك في هذا الاتجاه، حتي لا نظل غائبين عن أهم ما يتعلق بإعادة تشكيل المنظومة العالمية، فلا يحضر منا إلا من يرسمون لنا بالإرهاب والمتفجرات أقبح صورة في تاريخنا. يركز الكتاب علي العقد الأخير من القرن العشرين والسنوات السبع الأولي من الألفية الثالثة، وهي الفترة التي شهدت تغييرات كبيرة في طبيعة النظام الدولي بعد سقوط الاتحاد السوفيتي السابق وانهيار المعسكر الاشتراكي وحل حلف وارسو، وبروز الولاياتالمتحدة كقوي عظمي مهيمنة في النظام الدولي الجديد، والتي تكرست بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001، ويلقي الكتاب الضوء، في تلك الفترة، علي تأثير التغير في النظام الدولي علي دور مجلس الأمن في حفظ السلم والأمن الدوليين وعملية اتخاذ القرار فيه، ونمط تعامله مع صراعات وأزمات ومصادر التهديد الدولي فيما بعد الحرب الباردة، وذلك باعتبار أن الأممالمتحدة هي الإطار المؤسسي للنظام الدولي، والنظام الدولي في الإطار السياسي، وتوجد علاقة تأثير متبادلة بينهما. ويحتوي هذا الكتاب علي سبعة فصول وهي: الفصل الأول بعنوان مجلس الأمن في فترة الحرب الباردة، ويتناول نظام الأمن الجماعي، كما ورد في ميثاق الأممالمتحدة، كما يناقش أثر نظام توازن القوي أو نظام القطبية الثنائية الذي كان سائدًا علي طريقة تفاعل المجلس مع الأزمات والصراعات الدولية، ومدي فاعليته في حلها أو التدخل فيها. ويناقش الفصل الثاني التغير في بنية النظام الدولي، فيعرض المبحث الأول لمسات النظام الدولي الجديد، ويناقش المبحث الثاني طبيعة هيكل النظام الدولي الجديد. ويتناول الفصل الثالث التغير في مصادر التهديد في ثلاثة مباحث: الأول يناقش تصاعد الحروب الأهلية وتراجع الحروب الدولية، والثاني يرصد تصاعد الإرهاب الدولي، والثالث يناقش تزايد انتهاكات حقوق الإنسان وتزايد التدخل الدولي للاعتبارات الإنسانية. أما الفصل الرابع فيبحث في تزايد نشاط مجلس الأمن بعد الحرب الباردة ويتطرق في مبحثين إلي تزايد قرارات المجلس وإلي تراجع استخدام الفيتو. والفصل الخامس يناقش توسع مجلس الأمن في استخدام الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة بعد الحرب الباردة ونماذج لهذا التوسع لتوضيح مدي مشروعية التوسع في استخدام الفصل السابع. ويحلل الفصل السادس طبيعة التغيير في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مبحثين، منها تزايد حجم وعدد قوات حفظ السلام وتزايد مشاركة الدول الكبري فيها، وكذلك التوسع في صلاحيات ومهام عمليات حفظ السلام. ويقدم الفصل السابع رؤية نقدية لدور مجلس الأمن في حفظ السلم والأمن الدوليين في ظل النظام الدولي الجديد، وهل أصبح نظام الأمن الجماعي التقليدي قادرًا علي مواكبة التغير في النظام الدولي، خاصة تغيير مصادر التهديد؟ وهل نحن في حاجة إلي نظام جديد للأمن الإنساني؟.. وهل أصبح إصلاح مجلس الأمن مرهونا ببروز نظام دولي متعدد الأقطاب؟ وهل هناك إمكانية لقيام هذا النظام المتعدد بعد ظهور إرهاصات عديدة له؟ ثم تحاول خاتمة الكتاب الإجابة عن التساؤلات التي طرحت والخلاصة والاستنتاجات فيما يتعلق بتوضيح التغير في النظام الدولي وتأثيره علي دور مجلس الأمن، وهل أدي هذا التغير إلي تفعيل دور مجلس الأمن في أداء دوره أو علي العكس تراجع دور مجلس الأمن في حفظ السلم والأمن الدوليين؟