بلهجة شديدة الجرأة يكشف كتاب "خرافات الصهيونية الليبرالية" للكاتب والباحث الإسرائيلي التقدمي إسحق لاوور كم التناقضات العميقة داخل المجتمع الإسرائيلي الذي يؤيد معظمه القمع الوحشي للشعب الفلسطيني،كما ينتقد دور المثقفين الإسرائيليين ونظرائهم في الغرب،ولا سيما فرنسا، في تبرير المساعي الاستعمارية في فلسطين والعراق وأفغانستان وباكستان وحتي إيران. ويسلط الكاتب الضوء علي "الليبراليين" من المثقفين الإسرائيليين موضحا أنهم يتشدقون بمناهضة العنصرية فقط من أجل نزع الشرعية عن أي نقد يوجه للفظائع التي يرتكبها الغرب في حق الشرق والمسلمين،ويري لاوور أن "الليبرالية الصهيونية" لا تعدو عن كونها وهماً أوخرافة،إذ يقول أن اللفظ نفسه يحمل في طياته تناقضاً بيناً لأن الصهاينة يؤمنون بضرورة طرد ملايين الفلسطينيين من أرضهم واستباحة حقوقهم أو عزلهم في أحياء أو حارات شبيهة ب"الجيتو" وحتي قتلهم في سبيل إقامة دولة يهودية ديموقراطية. وينتقد الكتاب فكرة اعتبار الغالبية العظمي من الإسرائيليين أنفسهم "غربيين" وبالتالي اعتبار إسرائيل جزءاً من الغرب،ويستشهد لاوور بصورة اليهودي الشرقي أو ما يوصف ب"الآخر" في الأدب الإسرائيلي،إذ كانت صورة اليهود الشرقيين القادمين من الشرق الأوسط أوالناجين من الهولوكوست قبيحة،فالرجل اليهودي الشرقي غالباً ما يصور علي أنه "أصلع وبدين وقصير" كما كان غالباً ما يأخذ دور المحتال الحقير. لكن لاوور يؤكد من خلال كتابه علي استحالة النظر لإسرائيل بوصفها دولة غربية حيث أن 60٪ من سكانها من اليهود الشرقيين القادمين من الدول العربية،وبالحديث عن "الثقافة الوطنية" فإن المواطنين الأصليين - الفلسطينيين- لا يستوعبون الثقافة الغربية.. من ناحية أخري يهاجم لاوور موقف الليبراليين اليساريين الغربيين وموقفهم تجاه إسرائيل والثقافة اليهودية فيها،إذ أنهم يعتمدون رؤية أوروبية بحتة ل"الصهيونية الجديدة" مستغلين الرغبة الإسرائيلية الشرسة في الانتماء للغرب ومستفيدين في الوقت نفسه من تزايد العداء للإسلام في جميع أنحاء أوروبا ليكشف بذلك حجم النفاق في العلاقة بين الصهاينة الليبراليين ومؤيديهم في أوروبا.. وقد يرد البعض علي فكرة عدم انتماء إسرائيل للغرب التي يحاول لاوور أن يثبتها في كتابه باسترجاع رغبة العديد من الوزراء الإسرائيليين في السنوات الأخيرة في انضمام إسرائيل للاتحاد الأوروبي،وكذلك دعم قادة جمهورية التشيك وألمانيا وبولندا وإيطاليا لهذه الرغبة وإعرابهم عن أملهم في انضمام إسرائيل للاتحاد الأوروبي،هذا غير التصريح الأخير لرئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني في زيارته لإسرائيل عندما قال أن أكبر رغبة لديه هي رؤية إسرائيل تنضم للاتحاد،لكن يبدو أن الواقع الفكري والثقافي يختلف تماما عن الواقع السياسي.