شدد الرئيسي اليمني الأسبق علي ناصر محمد علي أن الحسم العسكري لأزمات بلاده "وهم" منتقدًا طريقة تعامل صنعاء مع ملفي الحوثيين والحراك الجنوبي قائلا: إن الحرب تبدأ وتنتهي دون أن يعلم أحد لماذا بدأت ولماذا انتهت. وأكد ناصر في حوار ل "روزاليوسف" عبر الهاتف من صنعاء أن الحوار السياسي المقترن بإجراءات تنموية واقتصادية هو الحل الناجع لأزمات اليمن داعيا إلي عقد مؤتمر للحوار الوطني غير المشروط يشمل جميع القوي السياسية بحيث لا يغفل طرفاً ولا يستبعد قضية علي أن يكون تحت إشراف الجامعة العربية. ورأي أن الحكومة اليمنية لجأت إلي حلول ترقيعية غير مجدية لحل الأزمة في المحافظات الجنوبية التي تطالب بالانفصال، وأوضح أن الممارسات القمعية في الجنوب لن تخفف من المطالبة بالانفصال بقدر ما ستضاعفها. وإلي نص الحوار: كيف تصف الأوضاع داخل اليمن؟ للأوضاع في اليمن أبعاد عدة فهناك أزمة في المنظومة السياسية ككل وهو الأمر الذي جعل التباعد بين الأطراف والفرقاء بجميع أشكالهم في اتساع مستمر، فالحرب في الشمال ألحقت بالمؤسسة العسكرية والأمنية والوطن أضراراً كبيرة ، وكذلك الحال بالنسبة للتعاطي الأمني في الجنوب الذي جعل الهوة تتسع بين الحاكم والمحكوم مع ان الحراك الجنوبي، المعارضة في جنوب اليمن، كان يشكل أساساً لقضايا حقوقية عادلة فضلاً عن بعده السياسي، وهناك أزمة اقتصادية حادة مصدرها الحقيقي هو تحول الفساد من مجرد ظاهرة إلي منظومة مؤسساتية وقد تبين هذا الأمر من خلال الاختلالات والفضائح التي فاحت روائحها من داخل الهيئة التي شكلت لمكافحة الفساد، وهناك أزمة سياسة خارجية من خلال التلويح بخطر التنظيمات الإرهابية وبروز قضية القاعدة إلي سطح الأحداث مؤخراً بشكل مضخم ومثير للريبة، وصولاً إلي مؤشرات تدويل القضية الوطنية التي ما كان لها أن تظهر لولا توافر مسرح داخلي مهيأ ومشجع علي هذا التدويل، مع أن المسألة أكثر بساطة لو جري الأخذ بما دعونا إليه قبل انعقاد مؤتمر لندن في أكثر من مناسبة لعقد مؤتمر حوار وطني شامل وكامل غير مشروط لايغفل طرفاً ولايستبعد قضية بدعم واشراف الجامعة العربية. "الحوثيون" كيف تري الحرب ضد الحوثيين؟ - ملف الحوثيين غامض ومعقد لأن السلطة تحتكر أسرار هذا الملف وتحجبها حتي علي أعضاء مجلس النواب، فالحرب تبدأ وتنتهي دون ان يعلم احد لماذا بدأت ولماذا انتهت، وموقفنا منها كان ولايزال يتسم بالوضوح إذ نددنا بالحرب من قبل الطرفين واعتبرنا الحسم العسكري وهماً وقد ثبت ذلك عملياً فالحرب لم تحل أية مشكلة من مشكلاتنا شمالاً وجنوباً والحوار هو جوهر كل حل بما في ذلك تحقيق الوحدة اليمنية، وما ساعد علي تسليح الحوثيين هو سوق السلاح المفتوح في اليمن حيث يوجد في اليمن اكثر من 60 مليون قطعة سلاح. "تنظيم "القاعدة" فيما يتعلق بملف تنظيم القاعدة ما الأسباب التي أدت لظهور هذا التنظيم في هذا الوقت؟ - ذكرت لك أننا وغيرنا كثيرين عبرنا عن دهشتنا من بروز تنظيم القاعدة علي سطح الأحداث مؤخراً بشكل مضخم ومنافس لقضايا وملفات معقدة، وقد أسهم في ذلك التضخيم التهديد الأمني الذي حصل يوم عيد الميلاد لطائرة الركاب في ديترويت وهذا لايعني أن القاعدة غير موجودة في اليمن وقد تحدث سالم صالح محمد مستشار الرئيس علي عبد الله صالح في مقابلة صحفية مؤخرا عن الازمة واشار إلي أن ما يجري حاليا هو "انقلاب السحر علي الساحر". أما عن الطرق المثلي للقضاء علي الجماعات المتطرفة فقد أوضحنا أن الحلول الأمنية والعسكرية لاجدوي منها واعتقد إن العمل علي إحداث انفراج سياسي مشفوع بحلول تنموية واقتصادية راجحة ومدروسة بعيداً عن الفساد سيكفل التخفيف من منابع الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله وردم بؤره المتمثلة في الفقر والجوع والبطالة والجهل والمرض والفساد بدرجة أساسية. "قوات أمريكية" طالبت واشنطن مؤخرًا بنشر قوات أمريكية في اليمن لمحاربة القاعدة لكن حكومة صنعاء رفضت فأيهما تؤيد مطلب أمريكا أم موقف اليمن؟ - لا احد يقبل بقوات أجنبية تدافع عن حدود بلده، كما ان حدود اليمن ليست في خطر وأي خروقات تحصل اليوم علي الحدود تعود أساساً لاسباب سياسية واقتصادية داخلية جعلت اليمن مسرحاً للحروب وعدم الاستقرار. "القرصنة" بالنسبة لظاهرة القراصنة في رأيك ما أسباب انتشار هذه الظاهرة؟ وكيف تقيم الدور الدولي لمكافحتها؟ - ظاهرة القرصنة بدأت بعد انهيار نظام الجنرال سياد بري اثر الحروب والصراعات والازمات التي عاشتها الصومال في فترة حكمه الطويل، وادت تلك الاحداث الي انهيار الدولة وظهور امراء الحرب وصراعات الميليشيات وصولاً الي ظاهرة القرصنة التي اصبحت تهدد أمن اليمن والمنطقة والملاحة الدولية خاصة أن اليمن يشرف علي مضيق باب المندب وخليج عدن وهي ظاهرة تستفحل بسبب غياب الإدراك لخطورتها من قبل المجتمع الدولي الذي لم يوليها اهتماماً حقيقياً وكانت الحلول والمعالجات مكرسة أمنياً ونحن نشدد علي أن الحلول السياسية والاقتصادية في الصومال وفي اليمن والمنطقة عموماً هي ما سيحد من الظاهرة وليس بعسكرة السواحل والشواطئ والتنافس الأمني باستحداث قواعد عسكرية جديدة، فعدم التوصل إلي حل للأزمة اليمنية بمجملها يساعد علي تهيئة الأرضية لجميع المخاطر الأمنية بما في ذلك القرصنة. "الحراك الجنوبي" تحدثت بإيجابية عن الحراك الجنوبي الذي يطالب بالانفصال فهل تؤيد هذا المطلب؟ - أن الذين يخرجون اليوم في الجنوب للمطالبة بالانفصال هم من خرجوا في وقت سابق للمطالبة بالوحدة، وهذا بحد ذاته مؤشر واضح عن حجم الإخفاقات السياسية والتراكمات الاقتصادية والانتهاكات الخطيرة التي مورست منذ حرب 1994 وحتي اليوم والتي كرست حالة الانقسام ووسعت الهوة بين المواطنين الجنوبيين وبين حلم الوحدة الذي راودهم لعقود وكان هدفاً أساسياً لثورة 14 أكتوبر، وفي بداية مسيرة الحراك الجنوبي كانت المطالب مقتصرة علي الاعتراف بكون القضية الجنوبية ذات بعدين سياسي وحقوقي وبالتالي إحداث مصالحة سياسية من جهة وحل القضايا المطلبية من جهة أخري وكفي.. ولكن السلطة رفضت ذلك ولجأت إلي حلول ترقيعية وتسكينية غير مجدية واعتقدت خطأ أن منح بعض المسؤولين الجنوبين مزيدا من المميزات الشخصية سيؤدي إلي حلحلة الأمور وهذا أمر أثبت عدم جدواه وفوق ذلك مارست القمع إزاء الحراك، وكل هذه الممارسات لا اعتقد أنها ستخفف من الدعوات الانفصالية بقدر ما ستضاعفها ما لم يجري حوار سياسي لمناقشة كافة القضايا. كيف تقيمون الدور المصري في الشرق الأوسط؟ - لا أحد يستطيع أن ينكر الدور التاريخي لمصر كدولة محورية ومركزية وكبري في العالم العربي منذ دعمها حركات التحرر الوطني وحتي دعمها اليمن وثورته شمالاً وجنوباً ، كما أن الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية في كل محطاتها أمر غير مختلف فيه، وأعتقد أنه وفقاً لهذه الحقيقة التاريخية فإن القيادة المصرية حريصة علي استمرار هذا الدور الفاعل ولذلك نجدها متمسكة بقوة في الانخراط في عملية السلام في الشرق الأوسط من جهة وفي إيجاد تسوية للنزاع الفلسطيني الفلسطيني الذي نعتقد بأنه عامل خطير في تضاعف مأساة الفلسطينيين والأمل كبير في أن يحصل التفاهم الفلسطيني برعاية مصرية لأن من شأن ذلك أن ينعكس إيجاباً علي أوضاع الفلسطينيين وخاصة في غزة التي تعاني من الحصار والتي نعتقد بأن التوافق الفلسطيني والدعم المصري سيسهم في التخفيف من معاناتها وفي الضغط علي المجتمع الدولي لتغيير سياسة الكيل بمكيالين والتعامل بإيجابية لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة وعلي جميع المسارات.