"الاختلاف" كان بطل ندوة "الرواية وأشكال السرد الحديث" التي أقيمت ضمن محور "الرواية العربية بين الانفجار الكمي والازدهار النوعي"، وهاجم الدكتور صلاح فضل ما أسماه ب"أدب الاشتعال السريع"، ووجه النصائح لكتاب هذا النوع من الأدب ومنهم الكاتب خالد الخميسي. تعامل فضل مع الخميسي بمنطق الظاهرة قائلا: هو ليس مجرد روائي، وهو عنده سبق إصرار وترصد علي تكسير كل القواعد، تظل هناك مشكلة خاصة بالعلاقة بين أشكال روائية تنفجر وتكتسح وتمسك بزمام القارئ، ويكون لها نوع من التوهج الوقتي، وأعمال أخري قد لا تظفر بذلك بل تأخذ طريقها للقراء بتمهل لكنها تظل باقية لدي القراء لأجيال متعددة، فخاصية قابلية الاستمرار في العمل الأدبي لا تعتمد علي استقطابه للقارئ من الوهلة الأولي، ولكن هناك خواصًا أخري متعلقة بالتقنيات الجمالية والفنية". ونبه فضل الخميسي إلي أن اللهجة العامية التي يستخدمها في أعماله، شديدة التغير، كما تحرم المبدع من نسبة عالية من القراء العرب، ورغم أنه لا توجد سلطة إطلاقا تستطيع أن تحد من حريات المبدع في اختياراته، لكن أي اختيار تترتب عليه مسئولية ونتائج، ورغم نجاح اختيار خالد بشكل عجيب، لكن أخشي عليك من هذا الاختيار من أمرين، فالقضايا التي تشغلنا الآن قد تختلف بعد عشر سنوات، ويصبح هذا الحديث صدي لفترة تاريخية، كما أن الأعمال البوليسية وأعمال التشويق تفقد توهجها عقب الانتهاء من قراءتها، وأخشي علي الأدب اللحظي والوقتي من أن يكون غير قابل لتحقيق استمرار الاستمتاع الجمالي به. فيما اعتبر الروائي يوسف القعيد أن حديث فضل عن خالد الخميس هو نوع من المحاسبة والمحاكمة، وقال موجها حديثه للدكتور صلاح فضل وباقي النقاد: "الإرهاب اللغوي السائد بينكم دفع الشاعر عبد الرحمن الأبنودي للتوقف عن استكمال الرواية التي بدأ كتابتها عن والدته باللغة الفصحي، فقد كان يحيي حقي يكتب مقالاته بالفصحي، لكنه في السرد كان يستخدم العامية وكنتم تقبلونها، وقد قرأت باستمتاع لمصطفي مشرفة روايته "عنترة الذي كفر" التي كتبت بالعامية، وكذلك رواية "مذكرات طالب بعثة" للويس عوض، وتساءلت لماذا يقبل النقاد العامية شعرا ويرفضونه سردا؟، وهذا ما فعله علي الراعي ورجاء النقاش معي حينما أعجبوا بروايتي "لبن العصفور" لكنهم رفضوا الكتابة عنها لأنها كانت مكتوبة بالعامية". وأكد القعيد علي أن المستقبل للسرد قائلا: "كثير من المقالات التي تنشر في الصحف المصرية سواء للمشتغلين بالأدب أو لغيرهم أصبحت أقرب للسرد وبعدت عن التحليل أو البحث عن الأسباب والحلول. ورد صلاح فضل علي القعيد بأن عبد الرحمن الأبنودي لم يستمر في كتابة الرواية خشية الفشل، لأنه تعود أن يكون في ذروة النجاح الإبداعي، وأضاف: نحن النقاد نتقبل العامية في الشعر لأن لكل مجتمع خصوصيته وعواطفه ومزاجه وأغانيه التي تظهر في شعره، والعاميات لدينا بالغة الحساسية والثراء وهو ضرورة للتعبير عن المزاج الشخصي الخاص". لم يعلق الخميسي علي كلام ونصائح الدكتور صرح فضل واكتفي بالقول: فكرة اشتعال بعض الأعمال الأدبية ودخولها في الأكثر مبيعا له علاقة بجودة النص وشاعريته واتساقه مع ذاته وشخوصه، وغالبية كتب "البسيت سيلر" ليست عالية القيمة ولن تستمر، وإن كانت هناك استثناءات كرواية "مائة عام من العزلة" لماركيز التي انتشرت وهي رواية كبيرة القيمة". وفيما يتعلق باستخدام اللغة العامية قال: كان من المستحيل في كتاب تاكسي أن أكتب الحوار بالغة الفصحي، لكن الراوي كان يحكي بالفصحي". وأكد الخميسي أنه مدين في كتابته للفورة الثقافية والاجتماعية التي حدثت، ولهذا كان الهم الاجتماعي هو السبب الرئيسي الذي دفعني للكتابة، فالكتاب الأول كان يدور في شوارع القاهرة والثاني يناقش فكرة الخروج من مصر بعدما فقد الناس الأمان والأمل. وأشار الخميسي إلي رفضه العميق لأشكال السرد الروائي التقليدي، وإلي رغبته في الثورة عليه، وقال متجاهلا روايته الثانية "سفينة نوح": "في تاكسي كانت عندي رغبة في تقديم شكل مغاير للعمل الكلاسيكي الأدبي، ورأيت إمكانية تخليق نثر جديد من عباءة النثر العربي، وأري أنه ضروري علي كل كاتب أن يفرض نسقا سرديا خاصا بموضوعه وشخوصه".