أكد الدكتور أحمد مجاهد أن سقف حرية النشر في المؤسسات الرسمية أعلي من المؤسسات الخاصة، مشيرا إلي أن الكتب التي أثارت جدلا في الفترة الأخيرة كديوان "شرفة ليلي مراد"، وكتاب "المعلم يعقوب"، صدرا عن مؤسسات رسمية، في ندوة "حرية التعبير في الرواية" التي أقيمت ظهر الثلاثاء، وحضرها رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة الدكتور أحمد مجاهد والدكتور محمد سيد عبد التواب وأدارها حلمي النمنم نائب رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب. اكتفي مجاهد بهذه الملحوظة المرتبطة بالمحور الخاص للندوة، وأكمل متحدثا عن محور الندوة الرئيسي "الرواية بين الانفجار الكمي والازدهار النوعي"، كاشفا أنه لم يبلغ سوي بالمحور الرئيسي فقط، فتناول سمات الرواية الجديدة قائلا: هناك شعرية الرواية الحديثة كما قال أمين صالح وإلياس فركوح وغيرهما، والسرد بضمير المخاطب كما قال الدكتور خيري دومة، والتشظي أو جماليات الفوضي، وهذا ملمح خارج من عباءة التفكيك كما ذكرت الدكتورة أماني فؤاد، بالإضافة إلي الوثائقية الجديدة، كاستخدام الرسائل أو قصاصات الصحف، والتداخل النوعي الذي يشمل السينما والمسرح والتليفزيون، ومساءلة التاريخ وفق تعبير الدكتور صلاح الراوي، وهذا مصطلح أدق من "التناص" الذي قد يكون في جملة أو فقرة، والسرد النسوي الذي يشكل تيارا في الكتابات الروائية للمرأة والرجل، ويقصد بها الخصائص الفنية، كتابة النساء والكتابة الأنثوية، والكتابة النسوية، والرواية الرقمية التي تلاقي ردود فعل ما بين معارض ومؤيد، ونحن مازلنا حديثي عهد بالرواية التفاعلية أو رواية الواقعية الرقمية، التي قدمها محمد السناجلة، وهذه العناصر تمثل الحداثة في الرواية الجديدة، ولا أحد يستطيع أن يقرأ الكف الأدبي، لكننا في وقت يضغط الواقع الاجتماعي علي الأجناس الأدبية، فيمكن لي أن أتنبأ أن القصة القصيرة هي الفن الذي سيسود في العصر المقبل بما يمتاز به من إيقاع سريع. وعن حرية الإبداع الروائي قال الدكتور محمد عبد التواب: علينا أن نعترف بحدوث انفلات في الإبداع، تحت دعوي حرية الإبداع، كالتركيز علي خلطة الجنس والدين والحشيش وغيرها، التي يتبعها البعض كوسيلة للوصول إلي طريق الشهرة. مؤكدا علي أن الأديب يمكنه تناول الجنس باعتباره جزءا حميميا من المجتمع دون أن يفحش فيه أو يكتبه للتلذذ قائلا: المحافظة علي حرية الإبداع تفرض علي النقاد تقييم العمل الأدبي جيدا. وهو ما دعا سيد محمود لوصف كلامه بالمتناقض، ورفض استشهاده في حديثه بمقالات الدكتور جلال أمين الأدبية قائلا: كتابات الدكتور جلال أمين رغم احترامي له بها مشكلتان أساسيتان، لأنه في تناوله للكتابة الأدبية ينطلق من نموذج ثابت ليس لديه رغبة في تركه، وهو نموذج عربي متمثل في الطيب صالح وغربي متمثل في جورج أورويل، وكما أنه صانع موضات أدبية فهو حكم في نفس الوقت، لأنه كان قائد الحرب ضد تدريس رواية "الخبز الحافي" في الجامعة الأمريكية. وحول أشكال الرقابة علي حرية التعبير في الرواية قال محمود: عقلية الرقيب هي ابن شرعي لعقلية المثقف"، وقدم مثالين دلل بهما علي قيام بعض الكتاب والصحفيين بتناول عمل روائي ما بطريقة تثير أعين الرقيب، مثل قراءة الكاتب حسن نور لرواية "وليمة لأعشاب البحر" في جريدة "الأسبوع"، التي كانت أساس سلسة المشكلات التي حدثت للرواية، أما النموذج الثاني فكان لمحرر أدبي أصر علي أن رواية "اسمه الغرام" لعلوية صبح مكتوبة عن ناس بعينها في الوسط الأدبي، ومثل هذه القراءات هي التي تثير قضايا القراءة التلصصية، وتدفع بالكتاب إلي خانة الاشتباه إن لم يثبت العكس. وأكد محمود علي تنامي الرقابة المجتمعية، في الفترة الأخيرة بالإضافة إلي تنامي نفوذ المؤسسة الدينية في الثلاثين عاما الأخيرة، خاصة بعد منح موظفي الأزهر حق الضبطية القضائية، دون التحديد هل تقتصر هذه الضبطية علي الكتب الدينية فقط أم تشمل كل الكتب. ولم تنج النخب الليبرالية والمدنية من هجوم محمود الذي أكد أن هذه النخبة منقسمة فيما بينها، فإما تتهم بعضها البعض بالعمالة للدولة، أو تسعي لسلب بعض تيارات المعارضة حقها في التعبير عن نفسها، خاصة التيار الديني. وأشار للرقابة التي تمارسها بعض دور النشر، التي تخلق معايير أدبية ما، أو تقبل نوعا أدبيا وترفض غيره، وأكد علي أن ظاهرة "الأكثر مبيعا" تعد من أشكال الرقابة، لأنها تعزل بعض الأشكال الأدبية غير المنسجمة مع المزاج العام، إلي جانب رقابة الصحافة التي تمارسها عن طريقة تلقي بعض الأعمال الأدبية بطريقة تثير القراء ضدها كقراءة فهمي هويدي لرواية "الصقار" لسمير غريب علي عام 1996 واتفق النمنم مع رأي سيد محمود قائلا: كان أول مسمار في أزمة رواية "أولاد حارتنا" مقال كتب في مجلة "المصور" عام 1959، وصف نجيب محفوظ ب"الانفلات"، واعتبر أن الرواية تمنح الكاتب أفقا للتعبير أكثر من أي فن آخر، مستشهدا بإحسان عبد القدوس الذي لجأ إليها ليقول ما يريده، ومثله نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم.