هناك أنواع كثيرة من التطوع، ولكن هناك أنواعاً جديدة خلقها الإنترنت بدءا من المشاركة في موسوعة "ويكبيديا" بتحرير المعلومات لخلق أكبر موسوعة في تاريخ الإنسانية إلي خلق المجموعات علي فيسبوك والتي تهتم بقضايا إيجابية متنوعة. النوع الجديد من التطوع هو التطوع لإثراء خرائط "جوجل إرث" Google Earth، والذي دفع أجيالا جديدة من المتطوعين للعمل علي التجول من شارع إلي شارع، وهم يحملون أجهزة الGPS ويعملون علي إضافة تفاصيل الشوارع شارعا بعد شارع، لخلق أكبر خريطة في تاريخ الإنسانية كذلك. لما خلقت الخرائط الإلكترونية، كان التصور بأن هذه الخرائط ستأخذ بعدا تجاريا وأنها ستجتذب الشركات التجارية التي تعمل علي وضع معلوماتها علي الخرائط لتحقيق نوع جديد من العلاقات العامة والتعريف بنفسها ومنتجاتها، ولكن لما فتحت جوجل خرائطها للمشاركة "الجماهيرية" ظهرت أنواع جديدة من المعلومات بدأت من المعلومات عن الأحياء والمنازل وانتهاء بكيفية التجول السياحي في مناطق ودول لا يوجد عنها الكثير من المعلومات عادة. أحد الإعلاميين الأمريكيين يقول بأن الخرائط الإلكترونية أنتجت "جيشا" من المتطوعين الذين يحاولون إضافة طرق وشوارع جديدة لا تقدمها التفاصيل الحالية للخرائط، كما يحاولون تصحيح الأخطاء الموجودة في الخرائط، مما يمثل مثالا جميلا جديدا علي التعاون عبر الإنترنت لتقديم المعلومة المكثفة والصحيحة، والتي لو تم إنتاجها بدون الاعتماد علي هؤلاء، لكان جهدا ضخما ومكلفا جدا من الصعب الوصول إليه علي كل حال، ولكن "ديمقراطية المعلومات" كما يدعوها البعض غيرت هذا الأمر إلي الأبد. بعض المتطوعين في إثراء الخرائط الإلكترونية يبالغ في فهم قيمة الخرائط الإلكترونية لأنه يعتقد أن كل معلومة في الدنيا لها مكان، ويحاولون ربط هذه المعلومات بأماكنها علي الخرائط، ولكن الاستخدام الأقوي لهذه الخرائط الإلكترونية بالإضافة للاستخدامات التجارية والسياحية هي في النهاية تقديم المعلومة المحلية لأهل الحي أو المدينة بكل ما يفيدهم. ولعل النقلة الأهم في تاريخ الخرائط الإلكترونية جاءت مع دخول تقنية الGPS في أجهزة الموبايل وبالتالي صار الكثير من الناس يستخدم الخرائط الإلكترونية علي جوالاتهم وخاصة البلاكبيري والآيفون للوصول إلي الأماكن أثناء حركتهم اليومية سواء كان ذلك لأجل العمل أو السياحة أو للبحث عن شقة أو وظيفة أو المشاركة في مختلف الأنشطة الاجتماعية والخيرية بالمدينة. في الواقع هناك جمعية خيرية في أمريكا اسمها "OpenStreetMap" والتي تقدم من خلال موقعها علي الإنترنت أرضية لنقل هذه المعلومات من خلال 180 ألف متطوع يعمل علي جمع المعلومات الخرائطية، علي أساس أن معلومات الخرائط يجب أن تبقي مجانية ومتاحة لكل الناس، الأمر الذي سبب أزمة لكثير من الشركات الكبري المتخصصة في الخرائط، إلي درجة أن معظم هيئات الحكومة الأمريكية صارت تعتمد علي خرائط هذه الجمعية الخيرية بدلا من الخرائط التجارية. إذا أردت أن تبحث لتختبر ثراء المعلومات علي هذه الخرائط فلا تذهب للدول العربية، لأن جيش المتطوعين "الخرائطي" لم يصل هناك بعد!