تابعت باهتمام ابنتي الصغيرة وهي تبتسم، ثم تهتز ضحكاً، وهي تشاهد مسرحية عادل إمام "شاهد ماشافش حاجة" علي شاشة التليفزيون. كان اهتمامي منصباً حول هذا التشابه - إلي حد التطابق - بين استمتاع ابنتي ابنة جيل الفضائيات وال C.D والموبايل والنت واستمتاعي عندما رأيت العمل لأول مرة عبر شريط الفيديو قبل عرضه تليفزيونيا، وكان هذا أقصي أدواتنا في مشاهدة الأعمال الجديدة. سرحت في هذه الظاهرة المسماة" ظاهرة عادل إمام" ، الذي استطاع أن يصمد طوال أكثر من 40 عاما، بقوة إرادة لا نظير لها، تساعده في ذلك موهبة قلما توافرت لفنان آخر ممن جاءوا من بعده، حتي نجوم زمن الأبيض والأسود، بعضهم خارت قواه..وأصبح ينزل سلم النجومية علي الترابزين، وجرفه تيار الظواهر الجديدة حتي أصبح أشبه بال " خرونج" !.. البيه خرونج برضه؟، فلم يصمد في حين صمد عادل إمام أمام عشرات الأسماء التي جاءت واختفت.. يادوب شربت سيجارة ومشيت! دون أن تترك لنا مجرد ذكري، لقد تابعة معظم تحليلات النقاد والمنظرين حول ظاهرة عادل إمام، وكان بعضها طريفاً ، مثل ما كتبه ناقد فاضل، إن عادل يرتدي الجينز في أفلامه ومسرحياته، وهو رداء الطبقة الوسطي، فلذلك أحبوه! ومع شديد احترامي، فإنني أري أن مثل هذه الآراء هي تبسيط شديد لا يرقي إلي مستوي الظاهرة، ولذلك يحتاج عادل إمام إلي دراسات جادة تشرح لنا علمياً.. لماذا أحب المصريون - ومعهم الأشقاء العرب - هذا النجم الفلتة الذي يمثل المخ والعضلات معا علي مدي أربعة عقود.. ولا يزال؟ عصر عادل إمام ويحتفل الفنان الكبير عادل إمام ببدء تصوير فيلمه رقم "121" - مائة وواحد وعشرين - وهذا الرقم يؤكد أن عادل إمام هو بالفعل ظاهرة فنية إيجابية في تاريخ السينما المصرية، وأن الباحثين في السينما المصرية لابد أن يتوقفوا عند مشوار عادل بكل اهتمام واحترام. يقول عادل في حوار فضائي إنك تستطيع أن تؤرخ للفترة الزمنية التي عاشها نجم الكوميديا أي نجم من النجوم التقال بسلسلة أفلامه، والحقيقة أنه لم يخالف (الحقيقة) في هذا القول، فهو قد لحق زمن تألق صناعة السينما في مصر، وقدم مجموعة من أفلامه في زمن الأبيض والأسود من أول ما كان نفسه يبوس في نص ساعة جواز ساعة ما كان كله ضرب ضرب، إلي أن وجد نفسه مع سعاد حسني وجها لوجه، ثم بقية الفتيات الجميلات وهن يبكين ضحكا أمامه، مع انتقاله إلي البطولة المطلقة فيما بعد، بأفلام كانت تعبر عن الزمن الذي ظهرت فيه، سواء في قوته أو ضعفه، ثم تلا ذلك أفلام تناولت فترة زمنية بالغة الحساسية فقدم مع الكاتب والسيناريست الكبير وحيد حامد أفلاماً تصدت للارهاب والفساد، ثم عاد إلي الضحك مع الكاتب الساخر يوسف معاطي - وعادل من النوع المحارب لأ هي أصرت بقي حيث تصدي للإرهاب بفنه وجسده.. تحية حب لمشوار الزعيم. تقول إيه عن مصر؟ - سألتني مذيعة إحدي الإذاعات سؤالا واحدا، يتكون من كلمة واحدة.. مصر.. ،، ثم سكتت؟! وكان علي أن أتخيل بقية السؤال ! - سرحت في هذا السؤال الكبير جدا.. إلا أنني بادرت بشكر الإذاعة علي تذكرها لتلك الكلمة التي نعيشها ولا نعيها.. إلا قليلا، وجال في خاطري أنني اقترحت علي التليفزيونية فاطمة فؤاد وقت أن كانت رئيسة القناة الثانية ، أن نسمي برنامجنا سويا.. " مصر التي في خاطري" علي أن نستضيف عاشقين متيمين بمصر، ونجوب بالكاميرا لنكتشف مصر من جديد، إلا أنها لفتت انتباهي أن التليفزيون لا يسمح باسم مصر في عناوين برامجها - وعندهم كل الحق حتي لا يتاجر باسمها المتربحون ! ولكن ماذا أقول عن مصر.. النيل والاثار.. عن عبقرية الانسان والمكان.. عن البسطاء.. والأثرياء.. عن الأصلاء والمهمشين.. عن الموهوبين والمبدعين.. عن رجال الدين المصلحين ..عن الأقباط والمسلمين، وأهل الفكر الملهمين .. عن الفن والتراث.. عن أجمل نساء الدنيا.. عن أمي وأمك.. عن دروس الأبوة. واحترام البنوة.. عن عمق الأصالة وتفرد الحضارة .. عن عشق تراب الوطن.. عن الأغاني الوطنية من عبده الحامولي إلي محمد منير وثروت والحجار والصوت المظلوم أحمد إبراهيم وأنوشكا والعبقري محمد الحلو وطلقات رصاص سيد حجاب و جمال بخيت، إلا أنني أفقت علي صوت الزميلة الإعلامية تنبهني إلي أن الوقت المخصص لي قد انتهي.. وكنت بالكاد قد انتهيت من شكر الإذاعة والمذيعة..... ولم أتمكن من شكر مصر! بمناسبة كأس الأمم الأفريقية: شكرا يا "جدو" يا "معلم". توقيع: أحفاد "الفراعنة "! [email protected]