يخوض الإعلام اليوم ما يمكن أن نسمية حرب المصطلح فالاستخدام الواعي للمصطلحات يسهم في خلق صورة ذهنية سلبية أو إيجابية عن طرفي الصراع ويسهم في خلق الحالة النفسية لدي المتلقي في إطار دراسات دقيقة للقائمين علي صياغة المصطلحات للأهداف المرجو تحقيقها. بقدر ما أسعدني مناقشة اتحاد وكالات الأنباء العربية في اجتماع أمانته العامة بالقاهرة بداية الأسبوع الماضي لأهمية تدقيق المصطلحات لتعبر عن حقائق وما حققه الأستاذ عبدالله حسن رئيس الاتحاد من استعادة لدور مصر الريادي في الاتحاد بقدر ما أحزنني تباطؤ الالتزام بالتوصيات، ففي حين توافق المجتمعون علي أهمية التخلص من مصطلح المستوطنات الإسرائيلية واستبداله بالمستعمرات الإسرائيلية فاجأتنا وكالة أنباء الشرق الأوسط أمس الأول باستخدام مصطلح وحدات استيطانية في سياق تصريحات الدكتور عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية التي يدين فيها التصريحات الإسرائيلية الهادفة لبناء "292 وحدة استعمارية جديدة بالقدسالشرقية" تضم وحدات استعمارية هذه هي التسمية الدقيقة. وكالة الأنباء الأردنية "بتر" نشرت في نفس اليوم خبر إدانة الصين لبناء الوحدات الاستعمارية لكنها استخدمت مصطلح الصين تعارض بناء إسرائيل ل700 وحدة سكنية والأسوأ وصفها لوزير الاستعمار بوزير التعمير والإسكان الإسرائيلي لاحظ مصطلح وزير التعمير. وكالة الأنباء القطرية "قنا" هي الأخري تستخدم مصطلح "جيش الدفاع الإسرائيلي" ونشرت منتصف الأسبوع خبر إصابة فلسطيني برصاص مستوطن إسرائيلي والصواب إصابة مواطن فلسطيني برصاص مستعمر صهيوني. مبعث السخرية أن صحفاًَ يدعي القائمون عليها النضال وتبني قضايا القومية العربية ويتاجرون بآلام الشعب الفلسطيني مثل القدس العربي تصف ايهودباراك رام بوزير الدفاع الإسرائيلي. لاحظ وزير التعمير ثم وزير الدفاع وكأن إسرائيل تعمر والفلسطينيون يخربون وكأن الشعب الفلسطيني يهاجم وهم يدافعون عن أنفسهم صحيفة الثورة السورية الناطقة باسم النظام السوري ليست بعيدة عن فخاخ المصطلحات فقالت خدعة تجميد الاستيطان ووصفت الوحدات الاستعمارية بالوحدات السكنية. ما أغرب أن تزايد دول علي مصر الراعية الأولي للحقوق الفلسطينية المشروعة وما أسوأ أن تكتفي وسائل إعلام بالخناجر وتغيب العقل فتسهم في قلب الحقائق حرب المصطلحات امتدت إلي الإجراءات الأمنية المصرية علي الحدود مع غزة والتي تستهدف إنشاءات هندسية لتعزيز السيادة المصرية علي أراضيها مع تزايد الأنفاق وما تمثله من قنوات غير شرعية يحتمل أن تسهل مرور الإرهاب والسلاح إلي الأراضي المصرية. مطلوب أن ينشئ اتحاد الوكالات العربية لجنة لرصد المصطلحات التي يسوقها الإعلام الغربي والإسرائيلي ذات علاقة بالشأن العربي وتدقيقها وتحليل أهدافها وصياغة مصطلحات بديلة تعبر عن الواقع واللجنة نفسها. علي اتحاد الصحفيين العرب أن ينشئها.. ويكفي أن نعلم أن الجماعات اليمينية المؤيدة لإسرائيل في أمريكا شكلت مجموعة مشروع إسرائيل وقامت بوضع قاموس مصطلحات خاص بمفاهيم ومفردات الصراع يستهدف أن يكون دليلاً في يد المدافعين عن إسرائيل لتوضيح ما سموه بالحقائق للصحفيين وصناع الرأي العام في الولاياتالمتحدة والعالم حول الصراع مع الفلسطينيين والعرب لتوعية النشطاء بكيفية التعامل مع الإعلاميين والسياسيين والمصطلحات التي يجب ترويجها ويضم القاموس 116 صفحة مطالبين بضرورة تغيير الصورة السلبية عن إسرائيل في أوساط الشباب الجامعي الأمريكي.. وبالمناسبة وصفوا جدار الفصل العنصري الذي تقيمه إسرائيل بالعازل الأمني.. فهل نحن مستعدون لخوض حرب المصطلحات؟!!