المراقب للتطورات التكنولوجية يتوقع انقراض استهلاك الإنترنت عبر الاتصال الهاتفي خلال أقل من خمس سنوات قادمة، واستبدال كل ذلك بالإنترنت السريع عبر أي من تقنياته (DSL أو Wi-Max ) مثل الذي تقدمه شركة عذيب تحت الاسم التجاري جو، وLTE والذي ظهر حديثا ويتوقع أن يجعل الإنترنت السريع متاحا في يد كل شخص لأنه يمكن تطويره من خلال شبكات الجوال نفسها، مما يعني أن شركات الاتصالات والموبايل عموما ستسيطر علي الإنترنت لأن شبكاتها ستستخدم لتقديم خدمات الإنترنت، هذا طبعا إذا أحسنت التخطيط لذلك). أهم ظاهرة مرتقبة مع انتشار الإنترنت السريع هو انتشار مشاهدة الفيديو عبر الإنترنت، ففي كل الحالات، أثبتت المادة المرئية أنها معشوقة الجماهير، وأن الكل يرغب فيها مقارنة بالمادة النصية أو المسموعة، حتي جعلت بعض الباحثين اللغويين والاجتماعيين يتوقعون انقراض ثقافة النص واستبدالها بثقافة المعلومة المرئية كما تحدثت عن ذلك في مقال سابق. مثل هذه الظاهرة تمثل خطرا حقيقيا بالدرجة الأولي علي المحطات التليفزيونية والتي ستواجه بخصم شرس يعطي الجمهور القدرة لمشاهدة ما يريدون، متي ما أرادوا، وبجودة تزداد تدريجيا بحيث أصبحت حاليا قريبة من جودة التليفزيون، ومرضية للجماهير المستخدمة للإنترنت بحيث يستغنوا عن شاشة التليفزيون. هناك تقنية جديدة بدأت هذا العام أيضا بالانتشار وهي عبارة عن جهاز صغير يسميOTT ويقوم بربط التليفزيون بالإنترنت ثم باستخدام الريموت كنترول تجد قائمة تفصيلية بمواقع الفيديو المسجلة في الجهاز، والتي يمكن للمستخدم تعديلها، وإذا كان أحد هذه المواقع هو يوتيوب فسيمكنك تصفح الموقع عبر الريموت وعلي شاشة التليفزيون لتشاهد ما تريد دون أن تتحرك من "الكنبة". التطور السريع لاستهلاك الفيديو عبر الإنترنت خلق احتياجين أساسيين: الأول الاحتياج للمحتوي، فالمحتوي المتاح مثلا في العالم العربي محدود حتي الآن ولا يرضي حاجة المستهلك وهناك مجموعات وشركات إنتاج وشركات إعلامية ومشاريع حكومية في مخاض الولادة حاليا للبحث عن حل لهذه المشكلة عربيا، ولكنها عموما محدودة، مما سيعطي الفرصة لمحتوي الهواة والمحتوي الغربي للسيطرة علي الساحة. الثاني: البحث عن مصادر للدخل، ومصدر الدخل الوحيد المقنع حتي الآن هو الإعلانات، ولذلك فهناك حديث واسع في أوساط الإعلان العالمية عن الاستفادة من القادم الجديد، وعن التقنيات التي تسمح بوضع الإعلانات بشكل ذكي وفعال ضمن ملفات الفيديو، وتقف شركتا جوجل وميكروسوفت بالإضافة لشركة أبل علي رأس الشركات التي تبحث عن حلول تقنية لهذه القضية. التقنيات تظهر بشكل سريع بشكل يمنع أي شخص من توقع ما سيحصل في قطاع الإعلام والإعلان والاتصالات والإنترنت، ولكن المؤكد بلا أي شك أن هذه التغيرات ستكون ضخمة وسريعة ومؤثرة خلال السنوات القليلة القادمة، إلي أن تهدأ المعركة ويعرف الجميع من المنتصر!