هناك أشياء نتعرف إليها منذ اللحظات الأولي لإدراكنا فنربط بين اسمها ومعناها ونعبر عنها بالكلمات دلالة علي مدي إحتياجنا لها مثل الأب والأم والماء والطعام و الأخ الأكبر و.. ناجي ليس شقيقي الأصغر ولكنه شقيقي الأقرب رغم أن والدي محمود ووالده بيشوي.. هكذا جرت الكلمات علي لسان محمد وهو يصف علاقته بصديق الطفولة ناجي.. يقول محمد لا يمكنني التذكر تحديدا متي تعرفت إلي ناجي ولكن يمكنني تحديد المكان بدقة فأنا وناجي من مواليد عام واحد وحي واحد هو حي شبرا وشرفة منزله تواجه شرفة منزلي في الطابق الثالث ووالدته ووالدتي صديقتان منذ الطفولة، غير أن الله منحني أسرة كبيرة بها ثلاثة أخوة يكبرونني سنا بينما هو الولد الوحيد لأبويه وهذا ماجعل علاقتنا أشبه بتوأم في الشكل في الملابس حتي في تسريحة الشعر وأسلوب الحوار وإن كانت أسرتانا تلقبانا " بناقر ونقير" وإذا ماتعرض أحدنا للتوبيخ تدخل الآخر لنجدته فيسمع العبارة المأثورة في الأسرة" دايما ماشي ومعاك محامي.. هو كده القط مايحبش إلا خناقه". أما ناجي: فيقول: نشأت وأنا أعرف ان محمد أخي نتقاسم كل شيء حتي الأحلام فعندما أراد تعلم العزف علي الكمان ورفض والده حتي لايكون ذلك عائقا له في الدراسة فاتفقت مع ابن خالتي وهو طالب بالمعهد العالي للموسيقي العربية أن يبحث له من أساتذته من يعلم محمد العزف علي الكمان واضطررت لتعليل غيابي عن المنزل بتعلم العزف علي الناي لأكون برفقته وكان سببا في عشقي للناي واشتركنا بالعزف سويا في حفلات الجامعة وكثيرا ماكان ابناء عمومتي يستنكرون تقاربنا المبالغ فيه من وجهة نظرهم بينما أجد محمد هبة من الله بعثه لي كي لا أكون وحيدا . ويضحك محمد ويقول: عبارة واحدة لا تكفي لوصف ناجي فلديه كم من المميزات والعيوب لايعرفها هو نفسه ولكن الحق يقال صفاته الحسنة أكثر فهو طيب القلب كثيرا مانختلف ويبادر بالصلح لالأنني دائما علي صواب ولكنه لا يتخيل فكرة الخصام بيننا فبمجرد أن يري وجهي يبتسم وكأن شيئا لم يكن وهو كتوم يخاف علي من الفشل ودائما مايلاحقني كي لا أنساق وراء الموسيقي فأغضب والدي مني حتي كلية الهندسة أقنعني بالدخول فيها تنفيذا لرغبة والدي علي أن ننفس عن هوايتنا من خلال حفلات الجامعة ، فضلا عن كونه شخصية كتومة لا تفشي سرا فعندما كنت في إعدادي هندسة رسبت في مادة في النصف الأول من العام وفاجأني أمام والدي بأنني نجحت وعندما خلا إلي أخبرني بلهجة حازمة أن أمر رسوبي لا يجب أن يعلمه أحد ويجب أن أنجح في هذه المادة بأي طريقة وظل طوال العام يأتي لي بمذكرات ورسومات وجداول لتعاونني علي مراجعتها قبل دخولي الامتحان وكأنه من رسب فيها لا أنا .. وعندما وفقني الله أدركت أنه جعله لي سببا في كل ما أشعر به من سعادة.