الموضوع مش شوية كراسي وكام ترابيزة وطقطوقة مركونين في دكانة أو علي رصيف أو في شارع، وشوية خلق قاعدة تلعب دومينو وطاولة، ولا يتفرَّجوا علي ماتش ويشربوا شايهم ويمشوا، مش بس اتنين أصحاب اتقابلوا اتكلموا شوية ومشيوا، ولا ناس عدت بالصدفة قعدت وقامت.. أنا كنت فاكرها كده، لحد ما فكرت أقعد أتفرج واسمع وبس. هكذا قدم الكاتبان الشاعر مصطفي الحسيني والروائي محمد كمال لكتابهما قهوة المصريين، الذي صدر عن دار الشروق، فقد قدما به مواقف واقعية بلغة أدبية ساخرة لما يحدث علي مقاهي المصريين من طرائف وغرائب، وفي حواره مع روزاليوسف قال محمد كمال: يضم الكتاب مواقف قد لا يصدقها أحد، وقد تكون أغرب من أن نتوقع حدوثها بيننا، من خلال شخصيات قد نتصور أنها لم تعد بيننا منذ أكثر من خمسين عاما، وأكمل متحدثا عن بداياته في الكتابة قائلا: بدأت الكتابة منذ سن صغيرة، ولكن لم ألتفت إلي إمكانية النشر إلا أثناء دراستي الجامعية، وبعد الجامعة قدمت روايتي الأولي تماثيل الملح إلي المجلس الأعلي للثقافة لتنشر في 2006، بعدها في 2008 نشرت كتابي المشترك الأول مع الحسيني عن التدوين عندما أسمع كلمة مدونة أتحسس مسدسي، ثم حصلت علي منحة من مؤسسة المورد الثقافي لنشر مجموعتي القصصية الأولي فيلم رعب لتنشر عام 2009 بدار أزمنة الأردنية، وهذا العام أيضًا صدر كتابي المشترك الثاني مع الحسيني عن دار الشروق وهو قهوة المصريين. أما بدايات مصطفي الحسيني مع الكتابة فكانت كما قال منذ حوالي عشر سنوات: بدأت أكتب الشعر منذ أيام الجامعة، وكنا وقتها مجموعة واحدة كلنا أعضاء باللجنة الثقافية، وأذكر منها الشاعر سالم الشهباني والشاعر أحمد عبدالجواد، وفي مرحلة ما بعد الجامعة بدأت أجهز لديواني الأول تحت خط الضحك، الذي صدر عام 2008 ومستمر في الكتابة الشعرية. وعن تصنيفهما لتجربة الكتابة المشتركة في قهوة المصريين قال كمال: قهوة المصريين هي ثاني تجاربي في الكتابة مع الحسيني، والكتابة الثنائية أو الثلاثية أو أكثر هي نوع من التكامل، فأنا أُكمل ما لا يكتبه الحسيني، وهو يكملني كذلك، وأعتقد أن هذا الكتاب لم يكن ليري النور لولا وجود الطرف الثاني الذي ذاق معي المصريين علي المقاهي، وهذا الكتاب تحديدًا القاعدة فيه أن يكتبه اثنان وليس واحدًا، فلا يوجد شيء اسمه كتابة خفيفة، إما أن تكون هناك كتابة أو لا تكون. وأكمل: معظم الذين يهاجمون الكتب والأفلام والعروض الفنية غير الاعتيادية يهاجمونها قبل رؤيتها أو مشاهدتها استخفافًا بالقارئ أو المشاهد، وعلي هؤلاء أن يتوقفوا عن الادعاء بما لم يقرءونه أو يشاهدونه، وأن يتوقفوا رحمة بنا عن استخدام المعرفة السمعية في إبداء الآراء، وأنا عادة لا أميل إلي تصنيف هذا الكتاب، فهو خليط من الأدب الساخر، وأيضًا يتضمن أجزاءً من سيرتنا الذاتية، فربما يحمل اسم سيرة ذاتية ساخرة، ربما هذا هو الأقرب. أما الحسيني فقال: تجربة الكتابة في قهوة المصريين صنفها البعض علي أنها كتابة خفيفة، وأنا لا أعتقد بوجود مثل هذا المصطلح، ولكنني أعتبره أدبا ساخرا يتناول مشكلات المجتمع المصري في إطار فكاهي أدبي ضاحك جيد وفنيات جيدة، وأنا أهتم بالكتابة فقط دون الالتفات لنقد البعض، ولا يعنيني إطلاق المسميات والاهتمام بالتصنيفات لأنني مبدع ولست ناقدا. وواصل الحسيني متحدثا عن استقبال الكتاب من القراء خاصة الشباب قائلا: لاقي الكتاب إقبالا من القراء خاصة الشباب لأنه يتناول قصصًا وحكايات واقعية، تحدث علي المقاهي لأشخاص حقيقيين، لا نشعر بوجودهم حولنا في المجتمع، رغم أنهم موجودون حولنا، نحن فقط حاولنا التركيز عليها وعلي عوالمها الليلية غالبا، واستمعنا إلي قصص لا تصدق في جلسات تمتد لساعات بين مجموعات كبيرة من الشباب لا يشغل بالهم سوي كيف يوقعون بالبنات ويتحرشون بهن، وآخرون قرروا بناء قهوة لسرقة روادها ثم مساومتهم علي ما سرقوه، وغير ذلك من الهزل الذي اعتدنا سماعه كل يوم، حتي إننا قررنا دون وعي الالتفات إليه والتعامل معه علي أنه أمر طبيعي، ومن هنا قررنا أن نكتب عن كل هذا، وأكثر مما يجري في المقاهي. أما كمال فقال: إنني مع الحسيني نواجه مواقف شديدة الغرابة وأحيانًا غير مصدقة وهي في نفس الوقت تُعد مادة خصبة للكتابة، فسألت نفسي لماذا لا يكون هناك كتاب عن المقاهي متنفس المصريين الأول يكون بعيدًا عن النموذج النمطي لمقاهي وسط البلد ومقاهي المثقفين والفنانين.. كنت أفكر في كتاب عن المقاهي المصرية العادية وعن المصريين العاديين البسطاء ونسرد من خلال تلك المقاهي المواقف شديدة الغرابة التي حدثت معنا وأمامنا. وكما قال الحسيني كان محمد كمال هو صاحب اقتراح الكتابة عن المقاهي، وهو من بدأ في الكتابه بقهوة بالجيزة اسمها 1930، وهي قهوة قديمة وراء مستشفي الرمد، حيث يعمل بها صاحب المقهي وولده الذي يتصف بعدم الاتزان، الذي دائما ما يسكب المشروبات علي الزبائن طوال الوقت، ويكسر الزجاجات، فقررنا معا بعد ما لاقيناه في هذا المقهي أن نكتب عن تجاربنا معه، ومع رواده، وكانت المفاجأة أن كتابنا باع أكثر من ألفي نسخة في 20 يوما فقط، ووصل حماس بعض القراء إلي عمل جروب علي الفيس بوك وإهدائه لنا. وعما إذا كان الكتاب محاولة لتأريخ فترة مهمة من حياة الشباب في مصر قال الحسيني: نعرف جميعا عادات وتقاليد النموذج السائد من الشباب، لكن هؤلاء الشباب الذين كتبنا عنهم تحديدا هم من لا نعرفهم، خاصة من يحتلون المقاهي بعد منتصف الليل، وهم شريحة كبيرة، ومع الأسف انحسرت همومهم كلها في النساء والمخدرات.