إذا كنا نتحدث في مقال الصفحة الأولي عن ظواهر (قلة الأدب).. فلابد أن نقول هنا في الصفحة الأخيرة أن في هذا المجتمع أيضًا (اخلاص ودأب). دخلت مجلس الشوري بالأمس، باعتباري اتشرف بعضويته، في بداية انعقاد دورته الجديدة.. مع عودة النشاط إلي البرلمان بناء علي قرار الرئيس.. حيث شاهدت وعايشت واحدة من أهم لحظات البهجة.. والانبساط العام.. بين النواب.. ورئيسهم.. ووزراء من الحكومة.. حيث وجدوا مجلسهم وقد عاد مجددًا.. في رونق رائع.. وذوق رفيع.. يليق بمجلس الشوري.. الذي كان قد احترق قبل ما يزيد علي 15 شهرًا.. وعاش أيامًا صعبة.. تأكد بالأمس أنها انتهت تمامًا. دخل المعارض المعروف أسامة الغزالي حرب علي صفوت الشريف رئيس المجلس، فيما كنت موجودًا بين مهنئيه، فوجدنا الغزالي يقول للشريف: من حسن حظ هذا المجلس إنك رئيسه. وكانت تلك واحدة من بين عبارات كثيرة أشادت بالجهد الذي بذله رئيس المجلس لكي يعود المقر الدستوري ل(الشوري) من تحت رماد حريق مؤلم.. أكبر وأقوي وأروع مما كان عليه. أذكر تلك الليلة التي تابعت فيها وقائع الحريق.. وكنا جميعًا نخوض في مياه الإطفاء بعد أن قضت النيران علي طابق كامل من المجلس.. بينما كان الشريف يتابع الأمر المؤلم من داخل مكتب في المبني الإداري لمجلس الشعب.. وأذكر أيضًا الجدل الذي دار بعد المشهد الذي نتمني ألا يعود أبدًا.. وكيف حاول البعض أن يروج معني لنقل مقر المجلس.. وكيف رفض الرئيس الفكرة.. وكيف تعهد الشريف بأن تنعقد جلسات الشوري في قاعة عرابي المحترقة في الموعد الدستوري.. وكيف قضي عامًا في مكتب ضيق يسمع فيه صوت موظفي مكتبه إذ يفصله عنهم جدار خشبي.. وكيف كان الجهد يمضي طيلة الفترة الماضية بدأب شديد.. لكي يعود المجلس كله برمته أفضل مما كان عليه. بهو مبهر للأعضاء.. أسموه من تلقاء أنفسهم بالأمس بهو مبارك.. وقاعة مكتبة رائعة.. ومدخل عظيم لقاعة عرابي حيث تعقد الجلسات العامة.. بدون دهاليز واختناقات.. وقاعة للجنة العامة تتسع لعشرات.. وقاعة لاستقبال الرؤساء.. وديكورات فخيمة ووقورة.. استدعي لها صفوت الشريف مهندس ديكور مميزا هو الذي أعد ديكورات مدينة الإنتاج الإعلامي التي بناها صفوت الشريف.. والمهندس الذي عاد من تقاعده اسمه صالح المرسي. قال مفيد شهاب للشريف: هذا مبني يليق بالفعل أن يكون مناظرًا لمجلس اللوردات الإنجليزي. وأثني علي الإنجاز عشرات النواب.. والوزيران سامح فهمي وعائشة عبدالهادي.. ومضي الشريف يتحدث بفخر مستحق عن عمل تاريخي.. بينما كنا نري صورة مكبرة من الحريق ربما لكي تذكر النواب مؤقتا بما كان عليه الحال قبل هذا التطوير المبهر. في يوم 19 نوفمبر، وقبل خطابه إلي المجلسين، سوف يزور الرئيس مبارك مبني مجلس الشوري بعد التطويرات التي لحقت به.. وعملية اعادة البناء التي أقامته تقريبًا مما كان عدما.. ولابد أن ما سوف يشاهده سوف يثلج صدره.. إذ إن هناك فارقًا رهيبًا بين هذا اليوم وبين اليوم الذي جاء فيه الرئيس إلي موقع الحريق بعد 36 ساعة من وقوعه.. حيث وجه بإعادة البناء.. رافضًا دعايات النقل إلي مقر جديد.. مؤكدًا علي تاريخية الموقع الأثري الرائع. من واجبنا أن نوجه التحية إلي شركة المقاولون العرب العظيمة التي حققت هذا الإنجاز.. وإلي الاستشاريين.. وإلي الدولة التي تكفلت بأعمال التطوير من ميزانيتها.. والأهم بالطبع إلي صفوت الشريف الذي خاض تحديا جديدًا من خلال هذا الجهد.. وثابر وصبر عليه إلي أن تحقق وأصبح واقعًا ملموسًا.. ومؤكدًا علي أن الدأب له جائزة.. والاخلاص له ثمرة.. وإعادة البناء لها بهجة. تري.. أين تعليقات من انخرطوا في حديث الحريق الآن بعد أن أصبح الحريق أثراً بعد عين.. وبعد أن أصبح البناء عينا علي موقع أثري وتاريخي عريق وعصري في ذات الوقت؟ الموقع الإليكتروني www.abkamal.net البريد الإليكتروني [email protected]