اتصور أن أصعب أنواع الغش والخداع هو غش وخداع الذات. وللأسف ان هذا النوع من الغش قد زادت حدته في أيامنا هذه وخاصة في الأيام الأخيرة.. فقد زادت أعداد الأراجوزات السياسية وزادت أعداد الموهومين الخادعين لأنفسهم باعتقادهم أنهم زعامات سياسية لها قبول جماهيري. وقد زادت أعداد البهلوانات التي تملأ الدنيا بفقعات وشعارات ممجوجة لم تعد تنطلي علي أحد خاصة أن سوابق هذه البهلوانات والأراجوزات مكشوفة ومعروفة بل موثقة في سجلات التاريخ والمحاكم.. إنني لا أصدق أن يصل الوهم بأصحابه إلي حد اعتقادهم أنهم بالفعل يطرقون أبواباً، ويلتقون بجماهير ويمتلكون رؤي سياسية وطنية. فالأبواب لا وجود لها وإن وجٌدت فهي مغلقة في وجوه تلك الارجوزات. والجماهير لا وجود لها وإن وجدت فهي تقف لكي تشاهد هذا العرض الهزلي وتضحك من قلوبها علي مدعي القيم النبيلة وهم أبعد ما يكونون عن أي أنواع من القيم. تضحك وتسخر من مدعي الوطنية والرؤي السياسية وهم ابعد ما يكونون عنها بل هم أقرب للببغاوات التي تردد كلمات إما تمُلي عليهم من جهات مشبوهة أو سبق لغيرهم أن قالوها.. إنه المسخ السياسي علي أصوله. لقد حاولت أن أتتبع تقولات هؤلاء الأراجوزات لعلي أجد جديداً أو أجد شيئاً مفيداً فلم أجد سوي كلمات مثل الجاكيتات التي يتم قلبها وإعادة لبسها دون حياء. لم أجد سوي ادعاءات لم تعد تنطلي علي أحد.. لم أجد سوي محاولات ابتزاز فاشلة وافتعالات لقضايا لا وجود لها علي أرض الواقع . إن فن الاراجوز الذي يجذب انتباه البسطاء قد مضي زمنه بعد أن أصبح شباب مصر من الجيل الجديد واعياً وقادراً علي فرز الأشياء والتفرقة بين الغث والثمين وبين الكذب والصدق وبين الأبطال الحقيقيين وبين أبطال الخيال علي ورق محروق.. الكارثة الحقيقية أن هؤلاء الأراجوزات لا يزالوا ماضين في خداع أنفسهم وأصبحوا كالعراة الذين يمشون في الشوارع وقد انكشفت عوراتهم ومع ذلك يعتقدون أنهم في كامل ملابسهم..