خمسون عاما مضت علي وفاة الكاتب المبدع كامل كيلاني، رائد أدب الطفل العربي، أكثر من جهة رسمية احتفلت بذكري رحيله، كان آخرها الاحتفالية التي ضمت ستين باحثا وباحثة علي مدار ثلاثة أيام، بقصر ثقافة جاردن سيتي. طالب المهندس أمين كامل كيلاني، الهيئة العامة لقصور الثقافة بطبع أبحاث هذا المؤتمر في كتاب لتكون وثيقة علي عروبة كامل كيلاني، خوفا من سرقة الكيان الصهيوني لعروبته، بعدما قامت إسرائيل بإنشاء "مركز كامل كيلاني لأدب الأطفال" في تل أبيب، كخطوة يدعون بعدها أن كامل كيلاني كان يهوديا يعيش في حي عابدين، وليؤكد للأجيال الجديدة أن أي قيمة حقيقية ليست من أصول عربية، ودعا أيضا لأن يتم إطلاق اسم الرواد علي المراكز الثقافية المختلفة، مع كتابة ترجمة قصيرة ومختصرة للأديب للتعريف به، أيضا طالب وزارة التربية والتعليم بتضمين الموضوع الواحد قصص هؤلاء الرواد. وبدوره قال ابنه رشاد كامل الكيلاني، البالغ من العمر ثمانين عاما، الذي جلس بين الجمهور، أن والده خدم اللغة العربية كما لم يخدمها أحد، بتسهيلها للأطفال، مع الحرص علي كتابتها مضبوطة الشكل، وأنه رغم ذلك كان في قمة التواضع، وأضاف أنه يجري حاليا إنشاء موقع علي الإنترنت لنشر مؤلفات والده كاملة به، مشيرا إلي أنه كان دوما يؤكد له أن الإخلاص ليس له ثواب إلا الجنة.. شهدت الاحتفالية العديد من الأبحاث والشهادات في حق كامل كيلاني، حيث دعا الدكتور محمود الضبع الأستاذ بكلية التربية جامعة قناة السويس لضرورة إيجاد آليات جديدة لنقل تجربة كامل كيلاني من عصره إلي عصرنا، بتحويلها إلي أفلام ومسلسلات كارتونية، لأننا في حاجة إلي توسيع مشروع كامل الكيلاني بإعادة إنتاج أعماله كاملة لكل المراحل العمرية. وفي دراسة ليعقوب الشاروني حول البيئة الشعبية ومصر المعاصرة و"المكان" في كتابات كامل كيلاني، الذي أشار فيه إلي دور حي القلعة الشعبي بكل مفرداته علي تكوين نفس وعقل الكيلاني، الذي تميز عن غيره بالتزامه الصارم بقواعد النحو العربي في قصصه، التي اعتمد في كتابتها علي السير والحكايات الشعبية، والأساطير الإغريقية واليونانية والقصص الأجنبية، فضلا عن اتجاهه التاريخي وتفاديه الدائم للاصطدام بالسياسة.. د.محمود خليل مدير إذاعة القرآن الكريم أعد دراسة كاملة عن كامل كيلاني، أكد أن النسق القيمي عند كيلاني كان أشبه بالعدسة المجمعة التي تصطفي وتنتقي الأفضل من حولها، وأهم ما ميز هذا النسق كون كيلاني نموذجًا في حد ذاته، يجمع بين الفطرة والفكرة، مع اتساق كامل بين شخصيته ورسالته، فلم يكن ممن يقولون شيئا ويفعلون شيئا آخر، أيضا تفرد بتلك النزعة الإيمانية التي دفعته في نهاية حياته لتأليف كتابه "من حياة الرسول". وعن مفاهيم التربية في مشروع الدكتور كامل الكيلاني تحدثت الدكتورة أسماء الجابري أستاذ علم النفس بمعهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس، عن الاهتمام البالغ الذي أولاه كامل الكيلاني لترسيخ أفكار مثل التحليل والتركيب وعدم إطلاق الأحكام علي عمومها، واكتساب الحقائق العلمية والتحقق من المصادر في المعلومات، فضلا عن الترتيب والنقد البناء، وأرسي عددا من المفاهيم الحيوية لدي الأطفال بصورة محببة كالتعاون والقيادة والصداقة والمكانة الاجتماعية والعمل الجماعي، والأمانة والصدق والوفاء والنظافة والعمل والسرور والرضا والادخار والتخطيط والقوة وتبادل المنفعة وكتمان الأسرار والشوري وحرية الرأي، كما أنه فطن إلي حقيقة علمية هامة لم يتم اكتشافها إلا بعد وفاته، وهي أن أخذ الكلام علي لسان الحيوانات والطيور أمر يتقبله الطفل ويقتنع به في فترة ما قبل المدرسة فقط، أما فترة ما بعد المدرسة فلابد من أن تختلف فيها نبرة الحديث، وفطن إلي حقيقة أخري لا نهتم بها للأسف، وهي أن التعلم يكون من خلال النماذج، وللأسف الشديد فإن النماذج التي يراها الأطفال الآن عنيفة مدمرة شريرة.