تنظم اليوم كثير من غرف التجارة الوطنية والإقليمية والاتحادات التجارية سلسلة من المؤتمرات ومدونات السلوك والأخلاقيات الاجتماعية في قطاع الأعمال التجارية، وتتكرس وجهة نظر مفادها أن الاقتصاد العالمي الجديد بمشكلاته وآفاقه يحتاج إلي تنظيم ذاتي قائم علي السلوك الاجتماعي، فبعد تجارب مريرة للشركات مثل التلوث البيئي الناتج عن أنشطة وأخطاء وتجاوزات بعض الشركات، مثل الكوارث التي تؤدي إلي مقتل كثير من العمال والناس وتسرب الغاز والنفط إلي الجو والبحار، وتقليص نسبة الغابات والمناطق الخضراء في العالم، والقضاء علي كثير من مكونات الحياة البرية والطبيعية فقد بادرت كثير من الشركات والمنظمات والغرف التجارية والصناعية إلي إعداد مجموعات من القواعد والمبادئ تنظم عمل الشركات وتراقب أداءها، وتطور إجراءات وتقنيات السلامة والحفاظ علي البيئة وقد يعود ذلك أيضا إلي الثمن الباهظ لتجاهل التبعات الاجتماعية أو الاقتصادية، والذي فشلت الحكومات في تفاديه، بل وكانت في بعض الأحيان مسئولة عنه مثلها مثل الشركات. ومن الأمثلة الصارخة في هذا المجال: تسرب الغاز من معمل يونيون كاربايد في بوبال بالهند الذي أودي بحياة أكثر من ستة آلاف شخص، ومسئولية شركة إيكسون فالديز عن تدفق 11 مليون برميل من النفط في مضيق الأمير وليام في آلاسكا، والإساءة إلي السكان الأصليين والتعدي عليهم وعلي ثقافتهم وحقوقهم، وتشغيل الأطفال وبالطبع فإن تطور وسائل الإعلام والاتصال (الإنترنت والبريد الإلكتروني، والفضائيات، والموبايلات) ساهم كثيرا في مراقبة ومتابعة مثل هذه الحوادث، وتحريك المجتمعات والأفراد في مواجهة الشركات والمخالفات وتساهم منظمات غير حكومية مثل "مراقبة الشركات" من خلال شبكة الإنترنت بمتابعة احتمالات التضليل الإعلامي التي ترتكبها شركات تدعي الالتزام بتجنب القواعد والمعايير الدولية في سلوك قطاع الأعمال التجارية، وبخاصة أن شركات تصنف أنشطتها ضمن المسئولية الاجتماعية وهي في الوقت نفسه تدمر البيئة وتضر بالمجتمعات، ذلك أن البرامج الاجتماعية في حماية البيئة ومواجهة الفقر أصبحت من مرتكزات الدعاية وتوسعة الاستثمار والأسواق. وللحديث بقية ..