مرة أخري.. أين دور جهاز حماية المستهلك؟ وأين فاعليته؟ وأين مظلة حمايته وما مدي اتساعها؟ أم أن الجهاز ومسئوليه قانعون بدور بسيط وهامشي، وبعض تدخلات لحل مشكلات محدودة في مجالات معينة؟! بل أين فاعلية الجهاز فيما يتعرض له المواطن من طمس حقه في خدمة أو سلعة وفي كم الاعلانات الخادعة التي تظهر جوانب مضيئة فقط وتخفي الجوانب الحقيقية. فها هي العديد من إعلانات السيارات والسلع الكهربية والشقق وغيرها تملأ الصحف والنشرات ووسائل الإعلام إلا أن النظرة المتأنية تظهر أن معظمها مخالف للقانون، فبحسب القانون فالبائع ملزم في حالة البيع بالتقسيط بتقديم العديد من البيانات ومنها سعر بيع المنتج نقدا ومدة التقسيط والتكلفة الإجمالية للبيع وعدد الأقساط وقيمة كل قسط ومبلغ الدفعة المقدمة. وحقيقة الأمر أن ذلك لا يتم إلا في أحوال نادرة. فلنراجع سيل الإعلانات عن السيارات والسلع المنزلية من تليفزيونات وثلاجات وغسالات وتكييفات وخلافه التي تنشر في الصحف يوميا، فهل كلها تتضمن البيانات المطلوبة وتلتزم بالقانون؟ بالقطع لا. بل يلزم القانون إمداد المستهلك بالمعلومات الصحيحة عن طبيعة المنتج وتجنب ما يؤدي إلي خلق انطباع مضلل لدي المستهلك أو التدليس عليه. فهل يتم ذلك بالفعل في كل الأحوال حسب القانون؟ للأسف لا. والتساؤل الغريب هل يتم هذا بعيدا عن أعين مسئولي جهاز حماية المستهلك؟ أم أن وقتهم وعددهم قاصر عن متابعة ذلك؟ أم أن أيديهم مغلولة. وذلك بالرغم من أنه قد صدر مؤخرا في يونيه 2009 قرار وزير العدل رقم 5448 لسنة 2009 بمنح مراقبي الأسواق بجهاز حماية المستهلك كلاً في دائرة اختصاصه صفة مأموري الضبط القضائي وذلك بالنسبة للجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون رقم 67 لسنة 2006 بإصدار قانون حماية المستهلك، فمتي يفعّلون هذه الصلاحية ويتحركون بفاعلية؟ أم هل ينتظرون أن تردهم شكاوي بعينها؟ وإن كان ذلك مطلوبا فها هي شكوي صريحة ضمن شكاوي الكثيرين. وللأسف ما يزال دور جهاز حماية المستهلك قاصرًا علي بعض سلع فقط مثل السلع الهندسية، وعموما تلك الواقعة في نطاق وزارة التجارة والصناعة دون غيرها، إلا أن الأمر يستلزم توسيع نطاق قانون حماية المستهلك ودور جهاز الحماية ليشمل جميع مجالات الخدمات والسلع المقدمة والسلع المستوردة وغير التقليدية مثل الشقق والوحدات السكنية والمنشآت السياحية والفنادق والمأكولات والاتصالات وخدمات الإنترنت وخلافه. إذ يجب أن تمتد مظلة حماية المستهلك لجميع السلع والخدمات للمحافظة علي حقوق المستهلك وتحقيق حد أدني من مستوي الخدمات والسلع. بل لماذا لا يمتد دور الجهاز ليشمل تعاقداتنا مع موردي الخدمات مثل شركات المياه والكهرباء والغاز والتليفون الأرضي والمحمول والقطارات الأوتوبيسات وشركات الطيران فهي عقود إذعان واجحاف ليس لنا فيها أية حقوق. وترفع تلك الشركات أسعار خدماتها علي هواها وكيفما تشاء وتغير شروط التعاقد من طرفها وحدها وبأثر رجعي أحيانا دون الرجوع إلينا ودون أن يكون لأي منا حق الاعتراض، بل لازالت شركات التليفونات المحمولة عندنا تقوم بالتحاسب معنا بوحدة بالدقيقة بدلا من الثانية فأقل حد عندهم هو 60 ثانية وأحيانا 180 ثانية حتي لو قمت بالتكلم ثلاث أو أربع ثوانٍ أو حتي لو انتهت المكالمة بعد ثانية واحدة. فإلي متي يستمر ذلك الظلم والجور والاستهانة بنا؟ بل واستغفالنا.. وسلب أموالنا ولمصلحة من؟ بل ومتي يتحرك الجهاز لحمايتنا ورفع الجور عنا ووقف مثل هذا الاستهبال المستمر الذي لا مثيل له. وقد ورد تدخل الجهاز في بعض شكاوي محدودة لحماية المستهلك من المنتجات غير المطابقة للمواصفات وصون مصالحه خاصة في حالة السيارات والأثاث وبالرغم من أن ذلك ما يزال محدودا إلا أن ذلك محمود ويلقي صدي إيجابيا وواسعا عند المواطن والمستهلك العادي تعزيزا لحقه في الحصول علي سلعة وخدمة جيدة وبسعر مناسب والاختيار الحر فيما بين هو معروض أمامه وأمله في دور جهاز الحماية بل وصدي واسعا في السوق وتعزيزًا لدور التاجر الشريف الملتزم وتأصيلاً لدور جهاز حماية لمحاربة الغش والخداع والتدليس والإعلانات المضللة. ويلزم أن يخضع الجميع لطائلة القانون ويلزموا بالتعويض حال ثبوت خطئهم أو تعمدهم لحرصوا علي مستوي الخدمة والسلعة والوفاء بحق المستهلك كاملا. فيا جهاز الحماية.. ابسط مظلة حمايتك ومارس صلاحياتك التي كفلها لك القانون بفاعلية وإلا فأفدنا بما الذي تنتظره؟ ومن يعيق عملك ويغل يدك؟ ونحن في انتظار أن تثبت أقدامك وفاعليتك وكراماتك فهل تستجيب؟