ليس كتابا عن معركة اليونسكو بالتحديد، لكنه بشكل أو بآخر لا يمنع تناوله من هذه الزاوية خاصة أن صدوره عن الدار المصرية اللبنانية تزامن مع خوض الوزير لانتخابات مدير عام منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة. "نعم العرب أيضا قادرون" كتاب من تأليف محمد بن عيسي الجابر المبعوث الخاص لمدير عام اليونسكو للتسامح والديمقراطية والسلام، وكتب مقدمته الوزير فاروق حسني، الأسماء لامعة والمناصب مرموقة، والكلام الصادر لابد أن يكون مقنعا ومسئولاً، لكن التفاؤل الساذج كان هو السمة العامة لما احتواه الكتاب، فضلا عن استعانة المؤلف بعبارات مطاطة غامضة وحالمة وشاعرية بعض الشيء بدءا من العنوان، ولا تأتي في الغالب بجديد. لكن ثمة وقفة جديرة بأن نوليها لهذا الكتاب، إذا اتبعنا منطق أن كل جديد صالح للقراءة حتي يأتي بالعكس. يقول وزير الثقافة في مقدمة الكتاب تحت عنوان بلاغي "براءة حضور بين الأمم": "الذين يتطلعون إلي الغد يستمدون من ماضيهم وتجاربهم مرتقين لهذا التطلّع"، "نعم.. العرب أيضا قادرون" إنه الإيجاب الذي يسبق المنفتح، والإجابة التي تسبق آلام الصياغة للسؤال عن قدرتنا كأمة في الإسهام اللائق في صياغة اللحظة الراهنة أو المقبلة". التحرر من ثقافة المؤامرة والقدرية والسلفية هي الدعوة التي يبثها المؤلف في مقدمته للكتاب، وينعي في الفصل الأول حضارة العرب التي كانت علي مدار ستة قرون حضارة عالمية، ثم حدث الانهيار في الحضارة والثقافة العربية والإسلامية والركود الفكري الديني والفلسفي برأيه بتعاقب المغول والتتار والعثمانيين علي حكم العالم الإسلامي، يقول: "لقد غلبت علي إيمانهم الشعائر الاجتماعية ذات الطابع السطحي"! ويصل إلي نتيجة أن الاستعمار كان الحافز ليقظة العرب، وأن الثقافة الإسلامية لم تعد اليوم هي الثقافة المبدعة المساهمة في بناء الثقافة الحديثة، والحل مع العولمة التي علي حد تعبير المؤلف رغم نواقصها ومساوئها، تمنح فرصة لنهضة عربية حقيقية. وما بين نصائح دعائية في مجالات الاقتصاد والسياسة والعمل العام ، يخوض الجابر في تفاصيل علي غرار التنمية المستدامة والحكم الرشيد والاقتصاد الحر والتنمية ومجموعة العشرين والقمم الاقتصادية ومنها قمة الكويت العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي انطلقت مطلع هذا العام. أما من قبيل المبالغة فهو ذلك الملحق الذي خصصه المؤلف لنشر حوار أجري معه علي صفحات مجلة لبنانية للاقتصاد، ليبدو أن المؤلف أصدر الكتاب لنفسه خاصة أن كل الحوار تقريبا عن فلسفته الشخصية وأفكاره وإنجازاته. قلنا الكتاب جدير بالوقوف عنده، لأنه حلقة في سلسلة حلقات "الكلام أجمل من الفعل" التي من الداعي للسخرية أن المؤلف نفسه ينتقدها.