بداية نشير إلي أننا نوجه هذا الخطاب إلي من يعيشون اللحظة الراهنة، وبعد مرور 36 عاماً علي أجل وأشرف المعارك، التي قام بها صناع النصر العظيم في السادس من أكتوبر 1973 ، ونخص بالذكر في هذا الخطاب: 1 المسئولين ومتخذي القرار في كل موقع، وعلي كل المستويات والذين باتوا يعانون العجز والفشل في التغلب علي ما نعانيه من مشكلات وأزمات، حتي علي أقل المستويات، وعلي سبيل المثال، التخبط والعشوائية في مواجهة ما يعرف بانفلونزا الخنازير، وأكوام القمامة التي بها تتكدس الشوارع والأحياء، حتي تلك الراقية منها. ناهيك عن المشكلات والأزمات الحادة، والتي يمكن أن تصل إلي حد تهديد المصالح العليا للبلاد. ولهؤلاء نقول: خذوا الدرس مما حدث وأدي إلي تحقيق النصر العظيم، من حيث الإعداد والتخطيط الدقيق علمياً وعقائدياً، وعسكرياً وسياسياً واقتصادياً، والإبداع في كيفية عبور المانع المائي، الذي قيل إن اختراقه يعد من المستحيلات لضخامة الاستحكامات، وما تم وضعه في مياه القناة من موانع تجعل عبورها مستحيلاً، وإذا بالإبداع للجندي المصري يتجلي في الجسارة والإقدام بتفريغ مواسير النابلم، والاعتماد علي القوارب المطاطية في العبور، واستخدام المدافع المائية لاختراق الرمال علي الضفة الشرقية للقناة، وعمل مداخل في هذه الرمال لاختراق التحصينات، وإقامة الكباري لتعبر عليها الدبابات والأسلحة الثقيلة، واقتحام خط بارليف الذي قيل عنه إنه لا يمكن اختراقه، وساعتها استسلم جنود الجيش الذي قيل إنه لا يقهر، ومن استطاع منهم النجاة فروا كالفئران مذعورين، ولقد عاش كاتب هذه السطور هذه اللحظات الحاسمة، التي تاه فيها كل شيء إلا حب مصر وليس من سمع كمن رأي - كما يقولون. 2- إلي المسببين والمسئولين عن فوضي الشارع المصري، وشيوع العنف والبلطجة، والتي وصلت حداً يهدد حياة الإنسان المصري، وفي كل المواقع، ولهؤلاء نقول: خذوا الدرس مما كانت عليه الجبهة الداخلية أثناء حرب أكتوبر العظيمة، حيث كان الكل يعتبر نفسه مسئولاً عن تنظيم الشوارع والمرور، بل إن اللصوص والنشالين والبلطجية، تركوا ما كانوا فيه وعاشوا اللحظة الحاسمة، متوجهة أنظارهم إلي ما يحدث علي الجبهة، ويقال: إن نسبة الجرائم في تلك الفترة سجلت انخفاضاً ملحوظًا، وغير مسبوق. 3 - إلي الفاسدين والمفسدين، العابثين بمقدرات الوطن، والناهبين لأمواله، والمتاجرين بقوت الشعب، ومن يعيشون حياة الرفاه، في القصور والفيلات، وغيرهم لا يجد مأوي ولو في المقابر. ولهؤلاء نقول: خذوا الدرس مما كان عليه الوضع أيام الاستعداد لخوض معركة الشرف والكرامة، حيث كان التبرع السخي للمجهود الحربي، ومن كل طوائف الشعب، حتي فقرائه، ولعلنا نذكر الطفلة ابنة البواب التي جمعت تحويشة العمر مما كان يعطيه السكان لها، لتشتري قطع الحلوي والصابون وتعطيه لأبناء القوات المسلحة. ولا يمكن أن ننسي كيف ازدحمت المستشفيات بالمتبرعين بالدم، وكيف كان قوام القوات المسلحة من أبناء المناطق الفقيرة ومن أبناء الفلاحين. 4- إلي المؤسسات الرياضية والأندية التي تحولت إلي ساحات للمعارك والصراعات، وسوقاً لترويج البانجو والمخدرات ونقول لهم: إنه في تلك الأيام العظيمة تحولت هذه المؤسسات إلي مراكز للتدريب والمعاونة في تقديم كل المساعدات لقواتنا علي جبهة القتال. 5 إلي الأسرة المصرية، التي باتت تعاني خللاً اجتماعياً يشكل أزمة حقيقية، ويهدد نواة المجتمع، وهي وليس غيرها الأسرة الصالحة الناجحة ولها نقول: إنه لا يمكن أن ننسي أنه في كل بيت مصري في تلك الأيام العظيمة، لم يكن يخلو من مجند أو شهيد أو جريح ويومها ضربت الأسرة المصرية أجل الأمثلة في التضحية والفداء من أجل الوطن، ولن ينسي كاتب هذه السطور أنه كان هناك من رفاق السلاح من أتي للمعركة وهو في شهر العسل، أو يوم ولادة لزوجته، عشرات المواقف الصعبة، ولكنها كانت شيئاً عادياً في حب مصر وعزة وكرامة مصر. 6 إلي الفاسدين والمفسدين للذوق العام، المدمرين للقيم والأخلاقيات، في مسلسلات وبرامج العهر والفجور، والتي حولت شهر الصوم إلي سهرات أشبه بالكباريهات، ولهذه النوعية من الفاسدين والمفسدين نقول: إنه في تلك الأيام الرائعة كان للفن دوره المتميز: إثارة للوعي، وتكريساً للانتماء، وحب الوطن، وما أجملها تلك الأغاني الوطنية ابتداء من باسم الله والله أكبر باسم الله ومروراً بصباح الخير يا سينا وعلي الربابة بغني وغيرها من الأغاني الوطنية الرائعة. 7 إلي مثيري الفتن الطائفية، من الجامدين والمنحرفين، والذين تحول الدين علي أيديهم إلي دعوة للكراهية والفرقة بين أبناء الوطن، يستوي في هذا أدعياء الدين الإسلامي والمسيحي، مما أعطي الفرصة لعملاء الخارج من المسلمين والمسيحيين إلي تشويه صورة مصر، وإثارة الفتن المدمرة لوحدة الوطن ولهؤلاء نقول بئس ما تفعلون. ولو كنتم عشتم وعايشتم تلك الأيام الخالدة، يوم أن كان دم المسلم يختلط بدم أخيه القبطي، ولم تكن تفرق أسلحة ورصاصات الصهاينة بين مسلم وقبطي، بل وعاش كاتب هذه السطور أجل وأعظم اللحظات التي كان القبطي وفي الكثير من المواقع هو القائد، بل وكان يصرخ الله أكبر كانت هذه روح أكتوبر وستظل دوماً وإلي الأبد روح الإنسان المصري العظيم مسلماً كان أم قبطياً. 8 إلي الأمة العربية التي تعيش الآن تشرذماً وتفرقاً وهوانًا، ونقول لها يا لها من أمة عظيمة حيث توحدت يومها الصفوف، ودخل البترول المعركة.. فما بالنا اليوم وبما بال الإقليمية البغيضة، وتلك الدويلة الفيسفسائية التي تحاول مناطحة الكبار، وهي الأقل حتي من الصغار؟ أليس لهذه الأمة العظيمة أن تستمد الدرس من أكتوبر قوة وتوحداً وقدرة علي المواجهة، خاصة مواجهة الصهاينة فيما يقومون به الآن من عمليات تهويد القدس الشريف، أولي القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين؟ إلي هؤلاء وغيرهم نقول: خذوا الدرس من صناع النصر العظيم، وهم وليس غيرهم جند مصر خير أجناد الأرض ومن قبلهم ومن بعدهم شعب مصر التاريخ والحضارة والأمة العربية خير أمة أخرجت