ما الذي يفتقده الطب في مصر؟ الطب يفتقد لكثير من الأمور اهمها التدريب الجيد بسبب الزحام الشديد داخل كليات الطب الأمر، الذي يفرز أطباء غير مدربين ولديهم قصور في كثير من الأمور كما أن الطب يفتقد الآن العلاقة بين الطبيب والمريض التي كانت من أوائل الأمور التي ندرسها في الماضي ولا أعلم هل مازالت تدرس في وقتنا هذا أم لا؟. ولكن ما نشاهده الآن في علاقة الطبيب بالمريض أشبه بعلاقة إنسان يقدم خدمة لزبون فلقد تحول المريض لزبون وهذا الأمر أرفضه تماما، فافتقاد هذه العلاقة وافتقاد الثقة من أهم الأمور التي يفتقدها الطب كما أننا نفتقد القدوة التي كنا نراها في أساتذتنا ويفتقدها الأطباء حاليا فتحول كل فرد ليشتغل لنفسه ويشتغل بدماغه كما أن الطب يفتقد أهم حاجة وهي ضمير الطبيب. وما الأسباب وراء انهيار مهنة الطب بهذا الشكل؟ أولا الماديات وجري الأطباء وراء المادة فقط والبحث عن الفلوس دون النظر إلي مهنة الطب وتوجه نظرة الطبيب إلي جيوب المريض وليس إلي مرضه بالإضافة إلي انهيار نظرة المجتمع للرموز بصفة عامة واختيار الرياضيين والممثلين قدوة والاهتمام بهم، كل هذه الأمور إذا لم نتداركها فستجعل مهنة الطب في خطر. وما عيوب المنظومة الطبية؟ عيوبها كثيرة فأولا الإدارة داخل المستشفيات.. العصب الرئيسي الذي يصعد أو يهبط من خلاله المستشفي فالإدارات غير الواعية وغير المدربة التي تدير المستشفي عن طريق الواسطة والعلاقات الشخصية تتسبب في انهيار الخدمة الطبية داخل المستشفيات لأنهم يديرون الأماكن بشكل غير مدروس، وثانيا التمويل فمن المستحيل أن تجد مستشفي ميزاينته 003 ألف جنيه بينما جهاز الاشعة داخل المستشفي يتكلف تصليحه 005 ألف جنيه فمن أين يأتي فرق الأموال؟ فعدم التمويل ينتج عنه عيوب وانهيار في الصيانة يؤديان إلي انهيار المستشفيات بالإضافة إلي ضعف أجور الأطباء والتمريض وفاقد الشيء لا يعطيه فكيف تراعي ممرضة 05 مريضاً وهي تتقاضي 5 أو 01 جنيهات في النبطشية علي الرغم من أنها تتقاضي 001 جنيه في النبطشية بمستشفيات القطاع الخاص وأهم عيب في المنظومة الطبية هو أن العلاج أصبح بالواسطة وعندما يتحول العلاج في مصر بالواسطة يبقي الطب في مصر انهار. لك باع طويل في مجال الطب يصل إلي 04 سنة فمن خلال تجربتك لعصور مختلفة متي بدأ انهيار الطب؟ كانت الأمور علي مستوي جيد في مجال الطب، ففي أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينات كان هناك مستوي طبي جيد وكانت هناك خدمة طبية مجانية تقدم من خلال المستشفيات الحكومية وهو الأمر الذي اختفي حاليا من المستشفيات هو نظام مختلف عن العلاج علي نفقة الدولة فكانت داخل كل مستشفي خدمة مجانية لعلاج المرضي وكان المريض يعامل بشكل آدمي كما أننا لا نستطيع أن نغفل فترة الأربعينيات والخمسينيات التي كان يدفع فيها الطبيب إلي المريض ثمن الدواء أما الوقت الحقيقي لانهيار الطبيب فبدأ في أواخر التسعينيات بسبب ظهور فئة جديدة من الأطباء. نفهم من ذلك أن الوضع أصبح خطيرا ولا يوجد مستقبل في الطب؟ إذا استمر الوضع كما هو عليه فهناك بالطبع خطورة ولكن أنا لدي أمل في تقديم الطب لأن عندي ثقة في الشباب المصري وفي قدرته ولكن بشرط تدريبه جيداً والتعامل معه معاملة أدبية ومادية كريمة. وما رأيك في النظام التعليمي الطبي؟ التعليم الطبي علي الورق ونظريا وأكاديميا ممتاز ولكن عند التطبيق لا يتم تطبيقه، بروتوكولات وسيناريو التطبيق مكتوبة في ملفات علي أعلي مستوي ولكن عند التطبيق الفعلي تجد التطبيق غير جيد لأن الكثير من القائمين علي التدريس في منظومة الطب إما غير مقتنعين بما يحدث وإما غير مهتمين بالتعليم والتدريب وهنا لابد من إيجاد وقفة جيدة لأنه إذا طبق فسنستطيع تطوير التعليم الطبي. ممكن تفسر لنا كيف يخطئ الطبيب في علاج المريض؟ الطبيب المفروض أن يبذل أقصي جهد لعلاج المرضي ثم التوفيق من عند الله، إذا الطبيب استهتر ولم يقدم كل حاجة تظهر من هنا أخطاء الطبيب بمعني أنه أنا داخل أعمل عملية لازم مريضي يجري التحاليل صح لازم طبيب التخدير يعطي الجرعة صح ويظل فوق دماغ المريض إلي أن يفوق وذلك كما يقول الكتاب ولكن إذا الجراح وطبيب التخدير خانوا هذا العهد تظهر تلك الأخطاء، مفيش طبيب يتعمد لكن ممكن أطباء لا يؤدون عملهم كما ينبغي وعلي أعلي مستوي وهنا تظهر الأخطاء. أخطاء الأطباء كثيرة أم أن هناك تجنياً عليهم؟ طبعا بنتجني عليهم فالمعدل مقبول ولكن عندنا مشكلة تكمن في الإعلام الذي يضخم المشكلة ويعممها فما الداعي لكتابة مازال مسلسل إهمال الأطباء مستمراً هو ليس مسلسلاً ولا حاجة هو خطأ فردي وكل دول العالم بيحصل فيها اخطاء فعندما يجري مستشفي 0051 عملية ويخطئ طبيب في عملية واحدة نسلط الضوء علي الخطأ ونترك الباقي. إذن أنت مع التيار الذي يؤكد أن سمعة الطب في مصر تتأثر بالتركيز علي تلك الأخطاء؟ أكيد طبعا وبلا شك وهناك واقعة حدثت معي أثناء عملي أميناً لهيئة المستشفيات التعليمية حيث كنا ننوي التوقيع علي عقد مع إحدي الدول العربية للسياحة العلاجية وحينها الجرائد نشرت موضوعات كثيرة عن مسلسل إهمال الأطباء وغيرها وفوجئت بتلك الدولة ترسل خطاباً تعتذر فيه عن إرسال مواطنيها للعلاج. وحاليا ما الحال بالنسبة للسياحة العلاجية؟ السياحة العلاجية حاليا متوقفة تماما فهي تحتاج إلي هيئة علمية لتدير هذا العمل ولا تقتصر علي اهواء شخصية أو علاقات شخصية ومستشفيات خاصة تدير تلك المسألة فيجب أن نعمل من أجل مصر وليس بفكر فردي. الدكتور الذي يخطئ أحيانا يعاقب .. وإذا عوقب فالعقاب غير كافٍ، ما تعليقك؟ نعم هذا حقيقي ولذلك نحن نعد قانوناً جديدا لمزاولة المهنة لتعديل قانون 751 القديم سيحصل تعديل لهذا القانون وقانون التنمية المهنية المستدامة لكي يتم تقييم الطبيب كل 5 سنوات وسيتم التعامل مع أخطاء الأطباء بشكل جنائي وسيحال الأمر للنائب العام بعيدا عن نقابة الأطباء أو وزارة الصحة. يعني نستطيع القول إن القانون القديم ساعد علي انتشار أخطاء الأطباء؟ بلا شك أن القانون القديم به بنود ضعيفة ولكنني لا أستطيع أن أقول إنه ساعد ولكن لم تكن هناك عقوبات رادعة للمخطئين في القانون. ما تفسيرك لظاهرة إقبال الأطباء علي بعض التخصصات بعينها والبعد عن التخصصات المهمة؟ المادة هي التي تتحكم في التخصصات وقد أثر ذلك بشكل كبير علي بعض التخصصات ومنها اختفاء أطباء مرضي البطن واختفاء أطباء الحميات علي الرغم من أهميتهم وإقبال الأطباء علي تخصصات طب التجميل والرمد والعظام لأنها تجلب الأموال كما أن الطبيب الممارس العام اختفي وقد كان يلعب دوراً مهماً جدا في المستفيات الحكومية داخل العيادة الشاملة فهو يقوم بفرز المرضي ويجب أن نحفز هؤلاء الأطباء علي عودة العمل في تلك التخصصات. بصراح هل تري الطب في الصاعد أم في النازل؟ بصراحة الطب نازل لتحت ولكنني عندي ثقة ألف في المائة بأنه سيتعافي ولكن إذا بدأنا في التنفيذ علي أرض الواقع وتخفيض الأعداد المقبولة في كليات الطب.