تشهد العديد من المؤسسات الثقافية الرسمية المصرية صدور قرارات "شفوية" لا يتم اكتشافها إلا عن طريق الصدفة، وتتمتع هذه القرارات الشفوية بفاعلية ونفوذ كبيرين يفوقان -في بعض الأحيان- القرارات المكتوبة، قد يكون السبب في هذا الجزاءات المادية التي يمكن أن تقع علي الموظف الذي قد يخالف تلك القرارات، التي تؤثر بصورة مباشرة علي القراءة في مصر، ولعل خير مثال علي ذلك ما حدث مع الأعمال الكاملة للشاعر أنسي الحاج التي صدرت عن سلسلة الأعمال الكاملة بالهيئة العامة لقصور الثقافة، وتم حجب ألف نسخة من أصل خمسة آلاف هي كل المطبوع، بقرار شفوي من الدكتور أحمد نوار رئيس الهيئة آنذاك، لاقتناعه بأن أعمال "الحاج" تتضمن مساسا بالذات الإلهية، ولم يتم الكشف عن هذه الواقعة إلا مؤخرا. الصدفة كشفت لنا واقعة أخري جديدة، مكانها هذه المرة في الهيئة المصرية العامة للكتاب، التي قرر المسئول عن التوزيع بها عدم بيع أجزاء منفصلة من الكتب ذات الأجزاء، وبيع الكتاب بأجزائه كاملة، رغم أن هذا الكتاب يصدر علي أجزاء ومن الممكن جدا أن يتابع القارئ شراء أجزائه، ويفقد لسبب أو لآخر أحد هذه الأجزاء، خاصة مع الأعمال الكاملة، وأبرز هذه الأمثلة ما حدث مع كتاب الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده الذي صدرت طبعة خاصة منه في مكتبة الأسرة، ولم يتمكن إلا قليل من الحصول علي أجزائه كاملة عند صدورها. وتتلخص الواقعة الجديدة التي تعتمد أيضا علي قرار شفوي، في صدور قرار في الهيئة المصرية العامة للكتاب، بعدم بيع الكتب ذات الأجزاء إلا كاملة الأجزاء، وهو ما أكده لنا المسئول عن أحد منافذ بيع الهيئة العامة المصرية للكتاب، عندما حاولنا شراء الجزء الرابع من كتاب "بدائع الزهور في وقائع الدهور" لمحمد بن أحمد بن إياس الحنفي المصري، عندما أخبرنا أنه لا يمكن شراء جزء واحد فقط من الكتاب، الذي لا يباع إلا بأجزائه الخمسة معا، بناء علي تعليمات الإدارة في الهيئة. سألنا الدكتور محمد الجوادي مدير النشر في الهيئة العامة للكتاب فأكد أنه لا يعرف شيئا عن هذا الأمر، مشيرا إلي أن القرار في بيع الأجزاء منفردة أو مجتمعة يرجع لإدارة التوزيع وليس للهيئة، ثم تساءل الجوادي ما المانع أن يشتري القارئ الأجزاء الخمسة معا؟! وأضاف: لو أن هناك إقبالا وطلبا إضافيا علي جزء معين من أجزاء الكتاب الخمسة فسوف أحل تلك المشكلة فورا بإصدار كميات وافية من ذلك الجزء، من موقعي كصاحب قرار نشر، فأنا طبعا لا أريد تحويل نجاح كتاب يوزع أعدادًا كبيرة إلي فشل. ومن جانبه قال أحمد عرابي مدير عام منافذ البيع والتوزيع بالهيئة، أنه فعلا صاحب فكرة عدم بيع أجزاء الكتاب منفردة، معللا ذلك بأن بيع جزء واحد من الكتاب المكون من خمسة أجزاء سيفسد باقي النسخ، وأن هذا أمر طبيعي عند أي ناشر، وأن بيع أجزاء منفردة من الكتب متعددة الأجزاء لا يحدث إلا مع الكتب التي تعاني نقصا في النسخ. وأشار عرابي إلي أن هذا الموقف لا يستند علي قرار إداري، لأنه لا يحتاج لمثل هذا القرار، وأن مصلحة القارئ غير مقدمة علي مصلحة الناشر، التي يري أنها تتمثل في ألا تفسد نسخ الكتب الموجودة لديه.