سامراء مقام فاصل في تاريخ المذهب الشيعي الإمامي الاثني عشري، ففيها مرقد الإمام الحادي عشر الحسن العسكري الذي توفي عام 260 هجرية، أي قبل أكثر من 1170 عاماً. ومنذ ذلك التاريخ ظل الشيعة الإمامية ينتظرون إماماً غائباً هو محمد الحسن العسكري الذي استتر في غيبة صغري كان يتصل خلالها بالناس - وفقاً لما تقوله مدونات الشيعة - عبر نوابه وسفرائه. انتهت هذه الفترة عام 329 هجرية، دخل بعدها غيبة كبري لايزال نداء الشيعة الإمامية يتردد في الآفاق أن يعجل الله فرجه ويظهره علي العالمين ليملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت فسادا وجوراً.وتقوم فكرة الإمامة علي أنها وصية من الله للنبي محمد صلي الله عليه وسلم الذي وصي بها إلي الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وسارت من بعد في نسله حتي بلغت الإمام الحادي عشر هكذا: علي بن أبي طالب الحسن ( الابن الأكبر) الحسين علي بن الحسين محمد بن علي جعفر الصادق بن محمد موسي بن جعفر علي بن موسي محمد بن علي علي بن محمد الحسن بن علي (العسكري) المدفون في سامراء. محمد بن الحسن بن علي العسكري (الإمام الغائب) أو المهدي المنتظر ( ولسوف يظل الإمام الغائب حياً إلي يوم القيامة وسوف يظهر في أي وقت ومعه القرآن الأصلي الذي جمعه علي ومصحف فاطمة وعلوم السابقين) ( وطبقاً للعقيدة الشيعية الإمامية الاثني عشرية وإرشادات الائمة المعصومين فإن الاثني عشر المعينين من قبل الله هم خلفاء الرسول وهم مثل جميع الأنبياء والرسل معصومون وطاعتهم واجبة وفرض. تماماً مثلما فرض الله علي كل أمة طاعة انبيائها ورسلها. هؤلاء الائمة هم حجة الله علي عباده بعد رسول الله (ص) ومقامهم ودرجاتهم عالية. إذ تقوم الدنيا بأنفاسهم فإذا خلت الدنيا في أي وقت من الإمام تحطمت الأرض وفنيت الكائنات كلها) حسب كتب المراجع الكبار للشيعة. راجع الثورة الإيرانية في ميزان الإسلام، محمد منظور نعماني كبير علماء الهند ترجمة سمير عبد الحميد. لكن تحولاً كبيراً وقع في اجتهاد علماء الشيعة الإمامية حين توسعوا في معني نيابة الإمام الغائب بجعلها للفقهاء، وهو تحول بلغ ذروته عبر اجتهادات متواترة إلي فكرة ولاية الفقيه حيث كان علي المذهب الإمامي الاثني عشري أن ينتظر أكثر من 1130 عاماً ليخرج الخميني فكرة (نيابة الإمام الغائب) من متون الكتب الفقهية القديمة إلي عالم السياسة، حيث أصبح هو أول ولي فقيه للجمهورية بعد الإطاحة بعرش الشاه محمد رضا بهلوي في عام 1979 . ليتحول من رجل دين إلي حاكم بسلطات لا حدود لها وجبت طاعته علي الجميع. فعندما أبدي الرئيس خامنئي امتعاضه من إقرار الإمام الخميني تطبيق قوانين لم تجز من البرلمان، أرسل إليه الخميني رسالة أوضح له فيها أن ولاية الفقيه مطلقة وأنها في نظرها بمصالح الأمة فوق الدستور فهي شعبة من الولاية المطلقة للرسول صلي الله عليه وسلم. وفي الرسالة تلميح إلي أن اعتراضات المعترضين ومن بينهم ضمناً خامنئي - نابعة من جهل بالولاية المطلقة الإلهية. يقول الخميني (إن تعاليم الائمة كتعاليم القرآن لا تخص جيلاً خاصاً وإنما هي تعاليم للجميع في كل عصر ومصر وإلي يوم القيامة يجب تنفيذها واتباعها) وفي معرض رده علي الصحافيين قال اية الله الشيرازي ممثل الخميني: ( إن النظام الديمقراطي قام علي تحكم الإنسان في الإنسان والإنسان في المفهوم الديني لا يملك اختياراً لنفسه لأن الله هو الملك كما لا يستطيع الإنسان أن يفوض اختياره لأحد) وتخرج إيران من نفق الاستبداد السياسي العسكري الشاهنشا هي لتدخل نفق الاستبداد الديني هو الأسوأ علي الإطلاق. لتظل الحرية غائبة والديمقراطية عزيزة المنال يقول الخميني في كتابه الحكومة الإسلامية ( نحن نعتقد بالولاية ونعتقد ضرورة أن يعين النبي خليفة من بعده وقد فعل ويقول ماذا يعني تعيين حكومة؟ الحاجة إلي خليفة إنما هي من أجل تنفيذ القوانين. لهذا فقد قرر الإسلام إيجاد قوة تنفيذية من أجل تطبيق الأحكام. من هنا تبدو أهمية تشكيل الحكومة والإيمان بالولاية. والعمل والسعي من أجل هذا الهدف هو مظهر من مظاهر ذلك الإيمان بالولاية). وإذا كانت بدعة الخميني (النيابة للفقيه حتي يأتي الإمام الغائب) أساس الدجل السياسي الذي أقام عليه الخميني شرعية نظامه فإن الأحداث الأخيرة أرخت لحقبة جديدة زحزحت السلطة المطلقة المزعومة للمرشد الأعلي التي أطلق شرارة البدء لها المرشد نفسه عندما أعلن إنجازه لأحد المرشحين للرئاسة (أحمدي نجاد) ضد رجال النظام نفسه. موسوي ومهدي كروبي ومحسن رضائي هذا رغم استبعاد 471 مرشحاً وحرمانهم من حق الترشيح أصلاً عن طريق مجلس الوصايا (صيانة الدستور) وهي محاولات يحاول الإيرانيون من خلالها الخروج من بدعة ودجل ولاية الفقيه إلي ولاية الشعب التي تكون فيها إرادته هي المصدر الوحيد لأي سلطة لأي شخص. كائناً من كان بدلاً من سرقة السلطة باسم الدين واعتبارها حقاً مكتسباً حتي يعود المهدي المنتظر!!