يقولون لك (احسبها صح، تعيشها صح).. ويؤكدون عليك أن تبتعد عن الإسراف وتستخدم (لمبة) موفرة للطاقة، وتضع (جلدة) حتي تمنع تسريب المياه من صنابير المنزل.. وهذا كله رائع وجميل.. وقد كتبت عن هذه الحملة وإعجابي الشديد بها وبتصميمها وهدفها من قبل.. ولكن يظهر أن شركة المياه لم يشاهدوا تلك الحملة إلي الآن! ولم يسمعوا أن هدفها هو التوفير وترشيد الاستهلاك لكي يقلل المواطن العادي من مصروفاته.. لذلك قررت شركة المياه أن تجعلك تستهلك (بالعافية).. وإذا لم تستهلك يستهلكوك هم.. ولقد أتي هذا القرار مكتوبا بوضوح في فاتورة الاستهلاك التي تتعامل بها شركة المياة فيقولون لك من ضمن القواعد التي يتبعونها ولا تملك أنت إلا قبولها الآتي: (في حالة عدم ظهور قراءة حالية تتم المحاسبة علي أساس متوسط الاستهلاك طبقا للقرارات المنظمة لذلك).. ومعني هذا أنك إذا لم تستهلك مياها، وتساوت القراءة الجديدة مع القراءة القديمة، تعاقب علي عدم استهلاكك وتدفع ما يسمونه (متوسط استهلاك) وهو ما يقررونه هم.. أي أنك إذا سافرت في شهور الصيف إلي مكان آخر وتركت منزلك ولم تستهلك مياها، فستدفع ستدفع. والمفترض هنا هو سوء النية والقصد.. فطالما تساوت القراءة القديمة مع القراءة الحالية، إذا العداد لا يعمل بصورة صحيحة ولابد أن يدفع المشترك ما لم يستهلكه.. والمضحك إنك عندما تعود من السفر وتبدأ في الاستهلاك من جديد، تعود فاتورتك إلي المعدل الطبيعي لاستهلاكك وكأن العداد قد عاد للعمل من ذاته مرة واحدة!! أليس هذا عجيبا؟ ألا توجد طريقة لقياس صلاحية العداد من عدمه بدلا من ظلم من لا يستهلك مياها ويدفع ثمن هذا؟ هل من المعقول ألا توجد وسيلة تكشف صلاحية العداد وإذا ثبتت عدم صلاحيته يلتزم العميل بتغييره؟ الأهم من هذا أن استباحة شركة المياه لتقييم الاستهلاك بطريقة عشوائية دون عداد يفصل بينها وبين العميل بعدل، يدفع كثيرون من العملاء إلي استباحة استهلاك المياه دون رابط.. وهذا يجعل المشكلة تتفاقم ويزيد الاستهلاك الفعلي للمياه في حين أن السياسات العالمية والداخلية المصرية تتجه إلي الحفاظ علي المياه وترشيد استهلاكها بوجه عام.. المسألة ليست في كم ما تجنيه شركة المياه من مكاسب وأرباح.. والمشكلة ليست عبارة عن أن الشركة كانت تعاني من خسائر وهي الآن تحقق أرباحا.. لأن أرباحها ليست ترشيدا للاستهلاك، ولا جنيا للأموال التي تستحقها الشركة مقابل الإمداد بالماء وخدمات الصرف الصحي.. والنصيحة لمن لا تتغير قراءة العداد عنده أن يقوم بتركيب سبيل يشرب منه الناس ويتركوا الصنابير مفتوحة لإهدار بعض المياه حتي تتغير قراءة العداد.. أو يوصي بواب العمارة بإهدار بعض المياه التي تحسب علي عداده في غسيل السيارات، أو رش أرض الشارع، أو حتي ترك الصنبور مفتوحا لمدة نصف ساعة يوميا دون استخدام المياه.. وهكذا يهدر العميل المياه ويستهلك (بالعافية).