حتي هذه اللحظة مازال محمود عباس وسلطته الفلسطينية يتمسكون بألا تكون هناك مفاوضات مع الإسرائيليين قبل تجميد الاستيطان. أبو مازن وآخرون في السلطة لا يتوقفون عن اعلان ذلك ويقولون إن ذلك ليس شرطا فلسطينيا لاستئناف المفاوضات مع الاسرائيليين، انما هو التزام اسرائيلي في خارطة الطريق يتعين تحقيقه مثلما اوقف الفلسطينيون العنف. جاء قرار نتانياهو بتوسيع الاستيطان لا تجميده لتجعل أبو مازن وسلطته الفلسطينية أكثر تمسكا بموقفها الرافض لاستئناف المفاوضات قبل تجميد الاستيطان، لأنها اذا عادت إلي مائدة التفاوض والاستيطان مستمر فانها سوف تخسر كثيرا، خاصة أن حماس وعددا من الفصائل الفلسطينية ترفض اصلا التفاوض مع حكومة اليمين الاسرائيلي المتطرف التي يرأسها نتانياهو. ولكن في نفس الوقت هناك دعوة من الادارة الامريكية لأبومازن للمشاركة في قمة ثلاثية مع نتانياهو وأوباما في نيويورك بعد أيام وعلي هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وهذا هو الحرج الذي وجدت السلطة الفلسطينية نفسها فيه. إذا رفض أبومازن الدعوة الأمريكية فأنه قد يغضب الادارة الامريكية والرئيس الامريكي نفسه، في وقت تسعي فيه السلطة الفلسطينية لخطب وده وليس اغضابه، وتريده ان يستمر في جهوده من اجل انهاء النزاع العربي الاسرائيلي وحل المشكلة الفلسطينية، وتحتاجه لاقناع الاسرائيليين بما يرفضونه عمليا حتي الآن، وهو حل الدولتين. اما اذا شارك ابو مازن في هذه القمة فإنه يخشي ان يفهم ذلك ان السلطة الفلسطينية تنازلت عن مطلبها الخاص بتجميد الاستيطان قبل العودة الي المفاوضات مع الاسرائيليين، وهو ما يهز صورة الرئيس الفلسطيني امام مواطنيه، خاصة ان فريقاً منهم يتربص به ويريد الحاق الأذي المعنوي به فعلا. بل حتي انصار ابو مازن والقريبين منه فيهم من لا يحبذ مشاركته في قمة مع نتانياهو، لأنهم لا يأملون خيرا من حكومة اليمين المتطرف في اسرائيل، ولا يتوقعون مفاوضات جادة معها حول قضايا الحل النهائي، ويعتقدون ان نتانياهو يريد المفاوضات مع الفلسطينيين ليخفف أي ضغوط امريكية قد يتعرض لها للمضي قدما في سبيل الحل الشامل للنزاع العربي الفلسطيني.. أي يريد المفاوضات فقط من اجل المفاوضات لا من أجل الحل والاتفاق. وللخروج من هذا المأزق اعلن ابو مازن اذا كان اللقاء الذي سيجمعه مع نتانياهو ويحضره أوباما هو من اجل اللقاء فقط فانه لن يحضره، اما اذا كان هذا اللقاء من اجل ان تكون هناك رؤية واضحة فيما يتعلق بالاستيطان وغير ذلك من قضايا فليس لديه أي مانع لهذا اللقاء. وهكذا.. ترك أبو مازن الباب مواربا.. لم يغلقه تماما ولم يفتحه علي آخره.. اي ان احتمال مشاركته في هذا اللقاء مازال قائما.. وقد علق بعض الفلسطينيين هذا الاحتمال علي حجم الضغوط الامريكية علي الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي.. ضغوط علي الجانب الفلسطيني للقبول بالدعوة الامريكية لهذا اللقاء، خاصة أن الأمريكيين يخططون ان يكون اللقاء الثلاثي استهلالاً للتحرك لتنفيذ افكار أوباما لحل النزاع العربي الاسرائيلي، وهي الافكار التي من المفترض حتي الآن أن يعلنها علي هامش اجتماعات الجمعية العامة.. إما الضغوط علي الجانب الاسرائيلي للاسراع باعلان تجميد الاستيطان. وبهذا المعني ستكون الأيام القادمة “قرابة الاسبوعين” حاسمة في تحديد مصير خطط أوباما لتحقيق السلام في المنطقة، وربما لذلك سيقضي هذه الأيام مبعوثه ميتشيل في المنطقة لعل جولته الجديدة ستكون مفيدة.