أيام قليلة وتحل الذكري الأولي علي حريق المسرح القومي الذي يجري حالياً العمل فيه علي قدم وساق حتي يعود للحياة من جديد وذلك استعداداً لافتتاحه بداية العام المقبل الذي يتزامن مع مرور 75 عاماً علي إنشائه وهو ما يوافق “اليوبيل الماسي” لذلك يجهز توفيق عبدالحميد مدير المسرح حالياً لحفل فني ضخم بهذه المناسبة يحضره عدد كبير من الفنانين سواء الذين شاركوا بأعمال علي خشبته أو غيرهم. كان المسرح القومي قد تعرض في رمضان الماضي إلي حريق هائل أتي علي معظم محتوياته وهو ما أصاب جميع الفنانين والمهتمين بالمسرح بحالة من الضيق الشديد خاصة الذين قضوا أجمل سنوات حياتهم علي خشبته ومنهم الفنان محمود ياسين والذي عمل كمديرا له في الفترة من 1989 حتي 1991 حيث تحدث عن الذكري الأولي لحريقه قائلاً: بالطبع كانت مأساة خاصة أن هناك ذكريات تجمعني بهذا المكان فأنا أحفظ كل شبر بالمسرح القومي بداية من المياه الجوفية التي كانت موجودة تحته وحتي السلالم السرية المؤدية إلي خشبته وأذكر أنني قدمت عليه نحو 20 مسرحية من أهم الأعمال التي قدمت عليه في ذلك الوقت، فأنا اعتبر هذا المسرح تراثا عظيما وصرحا فنيا وثقافيا ضخما قلما يتواجد مثله في العالم، ومن أهم سمات هذه العراقة هي الأسماء التي وقفت علي خشبته وقدمت ابداعات فنية متنوعة مثل حسين رياض وشفيق نور الدين وجورج أبيض ويوسف وهبي وتوفيق الدقن وحسن البارودي إلي جانب أسماء المخرجين العمالقة الذين قدموا عليه هذه الأعمال المسرحية فلم يشهد مسرح هذا الكم من الأسماء الشامخة كما شهدها المسرح القومي، كما قدم علي هذا المسرح أهم الأعمال المترجمة من الأدب العالمي. أما الفنانة سميحة أيوب التي تولت إدارة المسرح القومي 14 عاما منفصلة، المرة الأولي من عام 1975 حتي 1982 ثم من 1983 إلي 1989 فقد قالت: شعرت يومها وكأن جزءاً مني قد احترق لأن هذا المكان هو حياتي وطفولتي وشبابي، قد قضيت أجمل أيام عمري بهذا المكان لذلك أعتبر نفسي تربيت بالمسرح القومي هذا بخلاف أنه صرح عريق وقف علي خشبته أئمة الفنانين العرب والمصريين. وأضافت: قدمت 170 مسرحية علي خشبة المسرح القومي فقد وصل بي الأمر أنني كنت أقدم عشر مسرحيات في العام الواحد وهو شيء مرهق لكنه كان إرهاقا تصحبه متعة كبيرة بالعمل ، وأذكر عندما كنت مديرا للمسرح القومي احتفلنا باليوبيل الذهبي له عام 1983 وكانت احتفالية فنية ضخمة قدمنا بها عرض “مجنون ليلي”، كان بطولة توفيق عبد الحميد ونرمين جمال وحضرها في ذلك الوقت رئيس الوزراء وقدمنا دروعاً وميداليات لجميع الفنانين الذين عملوا عليه أحياء وأموات لمدة عشرين عاما، فالمسرح القومي مسرح محترم يقدم فنا محترماً ونحن كفنانين نرفض العمل إلا عليه لذلك أتمني أن يتم إنجاز الإصلاح فيه سريعا حتي يعود من جديد. جدير بالذكر أن المنطقة التي يقع بها المسرح القومي بالعتبة كانت تعرف باسم حديقة الأزبكية وكان يقدم عليها عدد من الأعمال الفنية المتنوعة إلي ان تم تأسيس مسرح بالحديقة وأصبح معروفا ب”تياترو” حديقة الأزبكية عام 1920 ويرجع الفضل في عمل المسرح علي الطراز العربي إلي طلعت حرب، عملت في تلك الفترة علي مسرح الحديقة فرقة عكاشة التي كان يرعاها ماديا طلعت حرب وكانت تابعة لعبد الله عكاشة وافتتحت الفرقة المسرح عام 1921 بعرض “هدي” ثم توالت أعمال الفرقة المسرحية إلي أن حدث خلاف بين الأخوين زكي عكاشة وعبد الله عكاشة فتوقفت أعمال الفريق. وفي عام 1935 جاء انشاء الفرقة القومية المصرية لحل أزمة المسرح والكساد الذي كانت تعاني منه فرق المسرح في هذه الفترة لكن لم تفلح الحلول في شيء حتي إن لجنة وزارة المعارف لم تنجح في انقاذ الوضع المتدهور مما دعا الوزير وقتها إلي تشكيل لجنة لترقية المسرح المصري برئاسة د.حافظ عفيفي وبعد أن قامت اللجنة بدراسة موقف الفرق والتقرير الذي قدمه جورج أبيض والممثلين عن أحوال الفرق رفعت اللجنة في 13 مارس 1935 مقترحاتها لوزير المعارف بشأن اصلاح شئون المسرح ومن اهم ما جاء فيها هو انشاء فرقة حكومية تضم الممثلين الأكفاء وتعيين الوزارة لجنة من خمسة أعضاء للإشراف علي الفرقة وبالفعل شرعت الوزارة في التنفيذ وصدر قرار وزير المعارف بإنشاء الفرقة القومية برئاسة الشاعر خليل مطران وكان أعضاء الفريق وقتها جورج أبيض وعبدالرحمن رشدي وحسين رياض ودولت أبيض وزينب صدقي بينما رفض الاشتراك في عضوية الفريق يوسف وهبي بسبب رفض مطران منحه راتبا شهريا 120 جنيها في الشهر حيث كانت تتراوح الأجور بين خمسين وأربعين جنيها فقط وتضامن مع يوسف وهبي وقتها كل من أمينة رزق وفاطمة رشدي، وكانت قد قررت وزارة المعارف أن تمنح الفرقة إعانة سنوية قدرها 15 ألف جنيه لتغطية رواتب الفنانين والإدارين العاملين بها. انضم للفريق وقتها أحمد علام وعبد الرحمن رشدي وابراهيم الجزار وأنور وجدي وعباس فارس وزكي رستم ومحمود المليجي وفؤاد سليم وحسن فائق وزكي طليمات وزوزو حمدي الحكيم وعزيزة أمير وزينب صدقي ونجمة إبراهيم وفردوس حسن، وقد تألق الفريق وبدأ يتطور حيث أطلق عليه فيما بعد اسم “الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقي” عام 1942 ثم "الفرقة المصرية الحديثة" 1953 وأخيرا استقر تحت اسم “المسرح القومي” عام 1958. منذ إنشاء الفرقة القومية شهد المسرح القومي تقديم أعمال مسرحية مهمة علي مدار تاريخه وحتي هذا اليوم منها “أهل الكهف” تأليف توفيق الحكيم وإخراج زكي طليمات، و”الملك لير” لشكسبير وإخراج عزيز عيد، “تاجر البندقية” تأليف وليام شكسبير وترجمة خليل مطران وإخراج زكي طليمات، و”الحب والدسيسة” لفردريش شيللر وإخراج عمر جميعي، “أوديب الملك” لسوفوكليس ترجمة فرح انطون وإخراج فتوح نشاطي، “شهرزاد” تأليف بيرم التونسي وإخراج زكي طليمات، “قطر الندي” إخراج زكي طليمات “أوبريت يوم القيامة” تأليف صبري فهمي وإخراج زكي طليمات، “الخيانة العظمي” تأليف يوسف وهبي وإخراج يوسف وهبي، و”شجرة الدر” تأليف عزيز أباظة وإخراج فتوح نشاطي، و”أسرار القصور” ليوسف وهبي، “نفوسة” إخراج حمدي غيث، “البخيل” لموليير وإخراج زكي طليمات، “بيوت الأرامل” برنارد شو وإخراج نور الدمرداش، “كوبري الناموس” تأليف سعد الدين وهبة وإخراج كمال يس، “الحلم” إخراج عبد الرحيم الزرقاني، “وطني عكا” تأليف عبد الرحمن الشرقاوي وإخراج كرم مطاوع، "النار والزيتون" تأليف ألفريد فرج وإخراج سعد أردش، و”عفاريت مصر الجديدة” إخراج جلال الشرقاوي، “حدث في أكتوبر” إخراج كرم مطاوع، “الفارس والأسيرة" تأليف فوزي فهمي وإخراج شاكر عبداللطيف، “رابعة العدوية” تأليف يسري الجندي وإخراج عوض محمد عوض ثم مؤخرا “الإسكافي ملكا” تأليف يسري الجندي وإخراج خالد جلال و”زكي في الوزارة” تأليف لينين الرملي وإخراج عصام السيد.