وزير الاتصالات: التعاون مع الصين امتد ليشمل إنشاء مصانع لكابلات الألياف الضوئية والهواتف المحمولة    قطع المياه اليوم 4 ساعات عن 11 قرية بالمنوفية    الأردن والعراق يؤكدان ضرورة خفض التصعيد في المنطقة    بعد تصريحات حسن نصرالله.. سماع دوي انفجارات في بيروت    أبو الغيط يعرب عن تطلعه إلى دعم سلوفينيا للقضية الفلسطينية    ولي عهد الكويت يبحث مع رئيس شركة أمريكية سبل تعزيز التعاون المشترك    طائرات الاحتلال تشن غارات على بلدة شقرا جنوب لبنان    حمادة طلبة: الزمالك قادر على تحقيق لقب السوبر الأفريقي.. والتدعيمات الجديدة ستضيف الكثير أمام الأهلي    فابريجاس يحقق فوزه الأول في الدوري الإيطالي    قلق في الأهلي بسبب رباعي الزمالك قبل السوبر الأفريقي.. وتصرف هام من كولر    إصابة 7 أشخاص في مشاجرة بين عائلتين بقنا    غلطة سائق.. النيابة تستعلم عن صحة 9 أشخاص أصيبوا في انقلاب سيارة بالصف    محافظ أسوان: لا توجد أي حالات جديدة مصابة بالنزلات المعوية    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور    هل انتقلت الكوليرا من السودان إلى أسوان؟ مستشار رئيس الجمهورية يرد    أبو الغيط يلتقي رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي    السفير ماجد عبد الفتاح: تعديل موعد جلسة مجلس الأمن للخميس بمشاركة محتملة لماكرون وميقاتي    الإمارات والولايات المتحدة توقعان اتفاقية لتعزيز التعاون الجمركي    ارتفاع كبير في سعر الجنيه الذهب بختام تعاملات الثلاثاء 24 سبتمبر    محافظ شمال سيناء يلتقي مشايخ وعواقل نخل بوسط سيناء    المباراة 300 ل أنشيلوتي.. ريال مدريد يكسر قاعدة الشوط الأول ويفلت من عودة ألافيس    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    رياضة ½ الليل| الزمالك وقمصان يصلان السعودية.. «أمريكي» في الأهلي.. ومبابي يتألق في الخماسية    "الناس ظلمتني وبفعل فاعل".. أبو جبل يكشف كواليس فشل انتقاله إلى الأهلي    بعد الاستقرار على تأجيله.. تحديد موعد كأس السوبر المصري في الإمارات    يقفز من جديد 120 جنيهًا.. مفاجأة أسعار الذهب اليوم الأربعاء «بيع وشراء» عيار 21 بالمصنعية    مياه المنوفية ترد على الشائعات: جميع المحطات بحالة جيدة ولا يوجد مشكلة تخص جودة المياه    الكيلو ب7 جنيهات.. شعبة الخضروات تكشف مفاجأة سارة بشأن سعر الطماطم    مقتل عنصر إجرامي خطر خلال تبادل إطلاق النار مع الشرطة في قنا    لرفضه زواجه من شقيقته.. الجنايات تعاقب سائق وصديقه قتلوا شاب بالسلام    حريق داخل محل بجوار مستشفى خاص بالمهندسين    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بمدينة 6 أكتوبر    رئيس الإمارات يبحث التطورات بمجال التكنولوجيا الحديثة مع مسؤولين في واشنطن    خلال لقائه مدير عام اليونسكو.. عبد العاطي يدعو لتسريع الخطوات التنفيذية لمبادرة التكيف المائي    وفاة الإعلامي أيمن يوسف.. وعمرو الفقي ينعيه    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج الحوت    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج العذراء    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج الدلو    «بفعل فاعل».. أبوجبل يكشف لأول مرة سر فشل انتقاله إلى الأهلي    حدث بالفن| وفاة شقيق فنان ورسالة تركي آل الشيخ قبل السوبر الأفريقي واعتذار حسام حبيب    متحدث الوزراء عن التقاء "مدبولي" بالسفراء: هدفه زيادة الاستثمارات    هل الصلاة بالتاتو أو الوشم باطلة؟ داعية يحسم الجدل (فيديو)    السعودية وبلغاريا تبحثان تعزيز علاقات التعاون    «اللي يصاب بالبرد يقعد في بيته».. جمال شعبان يحذر من متحور كورونا الجديد    هل هناك جائحة جديدة من كورونا؟.. رئيس الرابطة الطبية الأوروبية يوضح    طريقة عمل الزلابية، لتحلية رخيصة وسريعة التحضير    آيتن عامر تعلق على أزمتها مع طليقها وكواليس فيلمها الجديد (فيديو)    فوائد زبدة الفول السوداني، لصحة القلب والعظام والدماغ    رسائل نور للعالمين.. «الأوقاف» تطلق المطوية الثانية بمبادرة خلق عظيم    حقوق الإنسان التى تستهدفها مصر    وفد من الاتحاد الأوروبي يزور الأديرة والمعالم السياحية في وادي النطرون - صور    وزير الدفاع يشهد مشروع مراكز القيادة للقوات الجوية والدفاع الجوى    أمين عام هيئة كبار العلماء: تناول اللحوم المستنبتة من الحيوان لا يجوز إلا بهذه الشروط    خالد الجندي يوجه رسالة للمتشككين: "لا تَقْفُ ما ليس لكم به علم"    5 توصيات لندوة "الأزهر" حول المرأة    صاحبة اتهام صلاح التيجاني بالتحرش: اللي حابة تحكي تجربتها تبعتلي ونتواصل    جامعة الأزهر: إدراج 43 عالمًا بقائمة ستانفورد تكريم لمسيرة البحث العلمي لعلمائنا    صوت الإشارة.. قصة ملهمة وبطل حقيقي |فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزراعة فى أرض كمت
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 04 - 09 - 2024

مصر بلد عظيم عبر عنها أهلها بالعديد من الصفات والجميل أن أغلبها اعتمد على فكرة الزراعة والخصوبة، وكان أشهر تلك الأسماء هو كمت ويعنى السمراء، إشارة إلى خصوبة تربتها السمراء، ومنها واجة أى الخضراء وباقة أى الزيتونة وغيرها من الصفات.
مثلت الزراعة مكانة كبيرة لدى المصرى القديم، وكانت الكتب الدينية فى مقابر ملوك الدولة الحديثة تتحدث عن إيزيس وهى تنزل العالم السفلى لأوزيريس بسنابل القمح رمز الزراعة والنماء.
عبر المصرى القديم عن الفلاح بالكلمة «سختى» وهى ترتبط بالعمل فى الحقول، حيث إن كلمة سخت تعنى الحقل، وقد ارتبط الفلاح بأرضه ارتباطًا عظيمًا وحظى بمكانة كبيرة لدى الملوك، ففى الأسرة الرابعة حين أراد الملك العظيم خوفو أن يكمل بناء هرمه استعان بالفلاحين ولكن فى فصل الفيضان الذى يتوقف الفلاح عن عمله، فإذا انتهى الفيضان توقف العمل وعاد الفلاح إلى أرضه، كما أعطى الملوك لكبار موظفيهم حق انتفاع لأراضٍ صحراوية يقومون بزراعتها ويحصلون على دخل منها إضافة إلى نفوذ المالك، وفى نفس الوقت يزيدون الرقعة الزراعية، ومن منّا ينسى خون إنبو الفلاح الفصيح الذى ترك قريته وترك القليل من محصول أرضه لزوجته مريت (يعنى اسمها الحبيبة) ولأطفاله وخرج ليبيع الباقى فطمع أحد الموظفين الفاسدين فى المحصول ونهبه من خون إنبو الذى اشتكى للملك الذى انتصر لحق الفلاح.
فى الدولة الوسطى حين أراد الملوك أن ينهضوا بمصر بعد الثورة الاجتماعية الأولى والحروب الأهلية اتجهوا إلى المشروعات الزراعية فقاموا بإنشاء سد اللاهون لاستصلاح 27000 فدان من الأرض للزراعة، وأقاموا السدود لحماية الأراضى، وحين جاء العصر البطلمى وأنشئت قناة لربط النيل بالبحر الأحمر أطلق عليها قناة سيزوستريس (ليست قناة السويس) وهو النطق اليونانى لأحد ملوك الدولة الوسطى العظام سنوسرت.
بعد أن خرج الهكسوس من مصر سعى الملوك فى عصر الإمبراطورية المصرية لرفعة شأن أرضهم وفلاحيهم وظهرت الأعياد المرتبطة بالأرض بل يصور معبد هابو أعياد الزراعة والعودة للنماء مع المعبودين مين وسوكر، كما حرص تحتمس الثالث أعظم ملوك مصر على إحضار كل ما كان ينقص مصر من محاصيل ونباتات وصورها على جدران الكرنك فى الصالة الشهيرة المعروفة بصالة النباتات، وحين عبرت الكتب الدينية عن الجنة فى العالم الآخر صورتها على شكل الأرض الزراعية وأطلقت عليها حقول الإيارو.
فى العصر المتأخر وعلى الرغم من تواجد عناصر أجنبية كثيرة على أرض مصر إلّا أن الفلاح المصرى ظل محور القوة وظلت الزراعة هى محور القوة الذى تتحدث به مصرمع أعدائها، حتى إذا كان عام 332 قبل الميلاد استقبلت مصر الإسكندر المقدونى الذى أظهر تقديرًا واحترامًا لمصر، ولما لا وهو يعلم أهمية ما يخرج من أرضها ويعلم تمامًا أن هذا البلد يمتلك القمح الذى يغذى الجسد، والبردى الذى يغذى العقل، فمصر كانت الدولة الوحيدة التى تغذى العقل والجسد، فأحد الكتاب الرومان كان يخاطب صديقًا له كتابة ثم توقف قائلًا: أعتذر لن أتمكن من إكمال الخطاب لأن البردى الذى ترسله مصر لم يعد كافيًا.
كانت اليونان تنتظر القمح المصرى بل إن بطلميوس الثانى كان يراهن بالقمح فى الحصول على أندر كتب الفلاسفة اليونانيين ليضعها فى مكتبة الإسكندرية، كما حرص نفس الملك أن يتم حفر قناة سيزوستريس لربط تجارة البحر الأحمر الزراعية، وحين أراد أن يكرم زوجته أرسينوى أهداها أكثر الأراضى خصوبة وهى أرض الفيوم التى كانت أخصب أراضى الدنيا وسماها أرسينوبوليس.
ومن العظيم أن نعلم ان القمح المصرى عيّن إمبراطورًا على روما، فبعد موت الإمبراطور نيرون عام 68، مرت روما بعام من الاضطرابات يسمى عام الأباطرة الأربعة والذى انتهى بالقائد فسبسيانوس الذى زار مصر وطلب مساعدتها للوصول إلى العرش فمنعت مصر التى كان يحتلها الرومان القمح مشترطة أن تعيد إرساله بعد تولى فسبسيانوس الحكم، وهو ما وافق عليه السيناتو الرومانى مباشرة ودون نقاش.
وقبل أن ننهى، نعلم أن الفلاح المصرى كان منذ القدم يزرع أرضه وفقًا لتقاليد الزراعة وحركة النجوم، ولذا فإن التقويم المصرى القديم المعروف بالتقويم القبطى يحب الكثيرون تسميته بالتقويم الزراعى، فكل شهوره ارتبطت بأسماء معبودات ورموز زراعية، فبداية السنة مع شهر توت (المعبود جحوتى) ويقول أهلنا حتى الآن توت رى ولا فوت، بابة (با أيبت = عيد أمون) زرع بابة يغلب النهابة، هاتور (حتحور) الذهب المنثور وهو لون سنابل القمح، كيهك (كاحركا =ميلاد النماء والخير) فى يوم 12 كيهك ولد المعبود أوزيريس ونقول تعبيرًا عن الوقت كيهك صباحك مساك، طوبة (عبتى = الحنطة) وفيها يتوقف الرى لأن طوبة تخلى الشابة كركوبة، ثم تأتى العواصف من مخير رب العواصف وحرفت الخاء إلى شين فنقول أمشير أبو الزعابيب الكثير، ومن بعدها يبدأ الحصاد فنقول برمهات (بابر أمنحتب = أحد الملوك المؤلهين) فى برمهات روح الغيط وهات، برمودة (بارننوتت = ربة الحصاد) برمودة دق العمودة أى تبدأ التدرية، بشنس (باخنسو) ونقول بشنس يكنس الأرض كنس، ومن بعدها يتوقف الزرع والمحصول فيأتى بؤون (با إينت أى عيد الوادى) ونقول بؤونة حجر ينشف المية على الشجر، ثم يهل الفيضان فى أبيب تسمع للمياه دبيب، وينتهى العام مع مسرى (مسى رع = ميلاد الشمس) فنقول فى مسرى نسمع للمية عسرة.
هكذا كانت الزراعة وكان الفلاح المصرى والآن مع الجمهورية الجديدة تقوم الدولة بالعديد من المشروعات إلا أنها لم تغفل الزراعة فاستصلحت العديد من الأراضى الزراعية التى ستحقق مع الوقت بمشيئة الله الاكتفاء الذاتى من المحاصيل تحقيقًا لمبدأ أن من يملك غذاءه يملك حريته.
عاش الفلاح المصرى فى عيده، وعاشت أرض الخير والنماء كمت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.