انطلقت أمس فى جوهانسبرج عاصمة جنوب إفريقيا قمة مجموعة دول «بريكس» فى مسعى لترسيخ دورها فى النظام الاقتصادى العالمى، وتتصدر مناقشاتها توسيع قاعدة الدول المنضمة إلى التحالف. وتضم مجموعة «بريكس -BRICS» كلا من البرازيلوروسياوالهندوالصينوجنوب إفريقيا والتى تشكل اقتصاداتها مجتمعة أكثر من 26% من الاقتصاد العالمى، فيما يشكل عدد سكان هذه الدول 40%، من سكان العالم. يأتى ذلك فى وقت نفى فيه منظمو القمة أى خطط لمناقشة إصدار عملة خاصة بالمجموعة، وهو ما كان قد طرحه الرئيس البرازيلى هذا العام كمقترح لوقف الاعتماد على الدولار الأمريكى. وأكدت أكثر من 30 دولة أخرى مشاركتها فى الاجتماع الذى يستمر ثلاثة أيام، وبالإضافة إلى ذلك، دُعى 67 سياسياً رفيع المستوى من إفريقيا والجنوب العالمى، وكذلك 20 ممثلاً عن الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقى والجماعات الاقتصادية الإقليمية فى إفريقيا وغيرها، بالإضافة إلى قادة دول المجموعة التى تضم كلا من البرازيلوروسياوالهندوالصينوجنوب إفريقيا. ومنذ تأسيسها فى العام 2009 تسعى مجموعة دول بريكس للتحول إلى قوة اقتصادية عالمية على غرار دول مجموعة السبع الصناعية وقد وقفت عقبات كثيرة فى وجه تحقيق هذا الحلم، لكن دول المجموعة قطعت أشواطاً لا بأس بها لفرض نفسها كقوة عالمية. ويأتى التوسع فى عضوية المجموعة على رأس جدول الأعمال، بعد أن تم تجاهل هذا البند فى القمم السابقة، وهناك حاليا 23 دولة تصطف للانضمام للمجموعة بما فى ذلك إندونيسيا والمملكة العربية السعودية ومصر. والهدف من توسيع المجموعة هو «البحث عن بدائل» لتوازن القوى العالمى الحالى، وفقاً لوزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدى باندور. أما الملف الثانى والمطروح بقوة للنقاش هو العملة المشتركة، حيث سيعيد التكتل إحياء فكرة تقليص هيمنة الدولار على مدفوعات التجارة العالمية، وقد عاد النقاش حول العملة الموحدة إلى الظهور بعد ارتفاع أسعار الفائدة والحرب الروسية الأوكرانية التى أدت إلى ارتفاع قوة العملة الأمريكية، إلى جانب تصاعد تكلفة السلع المسعرة بالدولار. ويقترح أعضاء فى مجموعة «البريكس» زيادة استخدام العملات المحلية فى التجارة البينية وإنشاء نظام دفع مشترك. وبالفعل بدأ العديد من دول «بريكس» فى تسوية صفقات تجارية ثنائية بالعملات المحلية. ومع ارتفاع التجارة البينية 56% إلى 422 مليار دولار على مدى السنوات الخمس الماضية، وبلوغ الناتج المحلى الإجمالى لدول البريكس نحو 26 تريليون دولار، أى أكثر من ربع الناتج الإجمالى العالمى، بدأ التفكير جدياً فى تعزيز دور بنك التنمية الجديد من خلال توسيع مصادر تمويله. البنك الذى أسسته مجموعة البريكس فى 2015 كبديل لصندوق النقد الدولى والبنك الدولي، تقلص دوره بسبب العقوبات الغربية على روسيا التى كانت تمثل أحد مصادر التمويل. بالإضافة إلى تمويل التنمية؛ سيكون الأمن الغذائى ملفاً رئيسيا على جدول أعمال قمة مجموعة «بريكس»، على خلفية الإجراءات التى اتخذتها الهندوروسيا والتى ساهمت برفع أسعار الغذاء عالميا. وقد فرضت الهند قيودا على تصدير الأرز لحماية سوقها المحلية، فيما انسحبت روسيا من اتفاق لضمان المرور الآمن لصادرات الحبوب الأوكرانية، وقد جعلت هذه الإجراءات الوضع الغذائى أسوأ فى الدول الفقيرة، التى لطالما تغنت مجموعة «بريكس» بدعمها والدفاع عن حقوقها. قال المدير السابق بمنظمة التجارة العالمية، عبدالحميد ممدوح، فى مقابلة مع «العربية» أمس، إن جهود تقليص الاعتماد على الدولار كعملة تسوية معاملات بين مجموعة دول «بريكس» من المحتمل أن تشهد تقدما من خلال التوصل لترتيبات دفع بديلة عن الدولار. وأوضح ممدوح أن الحديث عن إيجاد عملة جديد لمجموعة دول «بريكس» لتحل محل العملات الحالية هو أمر «غير واقعى». وأضاف أن نحو 80% من المعاملات الدولية تتم عبر الدولار والذى يحتل قائمة العملات المساهمة فى الاحتياطيات الدولية بنسبة 60%، فيما يمثل اليورو20%، والين والجنيه الإسترلينى 5% لكل منهما. وتابع: «الصين الدولة الوحيدة من مجموعة بريكس لديها حصة فى الاحتياطيات الدولية ونسبتها لا تتخطى 2.6%». وفيما يتعلق بانضمام دول جديد لمجموعة «بريكس»، قال المدير السابق بمنظمة التجارة العالمية، إنه أمر وارد حيث يوجد العديد من الدول النامية الراغبة فى الانضمام للمجموعة، لكن نرى غيابا للرؤية حيث لم يتم إعلان خطة عمل للمجموعة كما أن هناك اختلافا بين بعض الدول داخل المجموعة مثل الصينوالهند وهو ما يؤثر على التوجهات الاقتصادية. كما ستكون الأزمة الروسية - الأوكرانية على الأجندة، فقد اتحدت دول المجموعة منذ اندلاع الأزمة، البرازيل فقط صوّتت لصالح قرار الأممالمتحدة وقف الأزمة ومطالبة روسيا بالانسحاب، بينما امتنعت الصينوالهندوجنوب إفريقيا عن التصويت، بالإضافة إلى بحث آخر التطورات السياسية فى أزمة النيجر وانعكاساتها على أمن الساحل الغربى لإفريقيا.