افتتح الأربعاء أمس الأول بموسم الرياض بالمملكة العربية السعودية العرض المسرحى «تشارلى شابلن» للمخرج أحمد البوهى بطولة محمد فهيم؛ عماد اسماعيل؛ أيمن الشيوى؛ وداليا الجندى؛ ومن المقرر عودته للجمهور المصرى ليقدم على خشبة مسرح أركان خلال شهر فبراير المقبل؛ فى «شابلن» يطرح البوهى مع الكاتب مدحت العدل رؤية وشكلا جديدا للقطاع الخاص لم نعتاده من قبل بتقديم حالة مسرحية غنائية استعراضية استثنائية؛ عن العرض ومراحل الإعداد؛ قال البوهى فى هذا الحوار: ■ كيف جاءت فكرة تقديم عرض عن «تشارلى شابلن»؟ - كنت أعيش بالخارج وعدت إلى مصر عام 2019 حتى أقدم مشروعى الفنى؛ لأننى تركت المسرح منذ سنوات وانشغلت بعالم الأعمال؛ كان لدى هدف أن أكون جزءا من إنتاج هذا المشروع الفنى؛ وخلال رحلة البحث مع محمد فهيم لأنه رفيق عمرى من جامعة القاهرة؛ كنت أفكر فى كتابة شىء للدراما أولا؛ والمسرح بالنسبة لى خطوة تالية؛ لأننى أحلم بتقديم عرض ميوزيكال خاصة بعد مشاهدتى للعروض الغنائية الموسيقية فى لندن وبرودواى ودول أخرى؛ والميوزيكال صعب كموضوع فى فهمه؛ وليس تنفيذه فقط؛ تنفيذه صعب بالتأكيد لأننا لا نمتلك النموذج الأمثل لصناعته؛ كما أن هناك مشكلة فى فهم الميوزيكال من وجهة نظرى الشخصية. ■ لماذا؟ - فى الخارج بناء العمل والغناء اللايف هما العنصران الأساسيان لإقامة عرض موسيقى؛ ثم البطل النموذجى الذى يتقن الرقص والغناء والتمثيل بنفس الجودة غير موجود بشكل كاف؛ وفى جلسة مع المخرج السينمائى محمد ياسين كنا نتحدث فى هذا الأمر؛ لكننى ذكرت أمامه اسم محمد فهيم باعتباره يمتلك كل هذه المهارات بالإجادة نفسها؛ وقتها تحدثت إلى فهيم كى أبلغه ثناء محمد ياسين عليه؛ وفوجئت أنه يقترح علىَّ فكرة تقديم عرض موسيقى عن «تشارلى شابلن» فى يناير 2021؛ يومها سألته كيف.. ولماذا شابلن؟!.. أجاب بجملة كانت بالنسبة لى المفتاح الذى أرشدنى على الطريق.. قال: ليست هناك حارة فى العالم لا تعرف اسم شابلن بينما لا يعلم أحد عنه شيئا».. غرقت فى البحث معه لمدة تسعة أشهر؛ نبحث ونقترح؛ نشاهد ونقرأ ونكتب ملخصات كتب حتى وصلت إلى ورق تحقيقات تشارلى شابلن فى ال «إف بى آى» 3000 ورقة؛ حصلت عليها من الموقع الرسمى الخاص بهم لأن لديهم حرية المعلومات طبعت الورق؛ لكن كانت مشكلتى من أين أتناوله لأننى اكتشفت أن هذا الرجل لديه أوجه عديدة للغاية. ■ من أى جهة قررت تناول شخصية «تشارلى شابلن»؟ - كنت لا أحب تقديم الكوميديان الذى يعرفه الجمهور؛ أحببت تقديم ما وراء «تشارلى شابلن» فلسفته بجانب اكتشافى أنه صانع سينما؛ فهو مؤسس السينما بفضل وجوده وكذلك «اورسن ويلز» هما من صنعا السينما لولا وجودهما ما وجدت السينما؛ عندما اطلعت على هذه التحقيقات؛ اكتشفت شخصيات «إدجر هوفر» و«هيدا هوبر»؛ قرأت الورق لمدة ثلاثة أشهر ثم شاهدت فيلما وثائقيا عن صراعه مع «ادجر هوفر» وهو صراع يؤسس لدراما كاملة؛ وبالتالى حددنا الصراع ثم بدأنا فى وضع بناء للموضوع؛ «إدجر هوفر» كان رجلا خطيرا؛ لم يقدر عليه أحد؛ هذا الرجل الوحيد الذى لم يحال للمعاش بأمريكا؛ هو من اخترع فكرة بصمة البنى آدمين تؤخذ كدليل للجريمة؛ وهو يبلغ من العمر 29 عاما قرر تأسيس مكتب التحقيقات الفيدرالى بالولايات المتحدةالأمريكية؛ كان قويا للغاية ولديه ذكاء مختلف؛ بخلاف هذا الصراع كان لا بد أيضا أن اتناول شابلن كصانع سينما. ■ كيف وظفت شخصية شابلن بوصفه صانع سينما فى عرض مسرحى غنائي؟ - حياته ثرية جدا؛ درست أفلامه بشكل اعمق؛ اخترت الخمسة أفلام القريبة إلى قلبى؛ لأنها تحتوى على نقلات فى حياته اكتشفت مجموعة أفلام تأثر فيها بماضيه الشخصى؛ وعبر خلالها عنه بشدة؛ ثم بدأ فى طرح أفكاره بأفلام تالية؛ فى الفصل الأول قدمنا رحلة صناعة فيلميه «الطفل» و«السيرك» الذى تناول فيهما طفولته؛ بعد دخول أمه المصحة أصبح وأخاه سيدنى طفلين مشردين؛ سيدنى سافر؛ وهو عمل فى مجال النجارة فترة؛ ثم السيرك وأكثر ما أثر فيه خلال عمله بالسيرك عندما كان يرى المهرجون يبكون فى الكواليس على سوء معيشتهم أثناء لحظات استعدادهم للخروج لإضحاك الجماهير؛ كانت تسيطر عليه فكرة المهرج الذى توقف عن الإضحاك شغلته هذه الفكرة؛ كان يتصور أنه قد يأتى يوما وينتحر؛ أو يفقد عقله مثلما رأى بعض المهرجين؛ كان يرى مهنة اضحاك الناس مرهقة عصبيا ونفسيا؛ وأكبر كوابيسه أن تخلو القاعة يوما من الضحك أو الجمهور. ■ حدثنا أكثر عن مراحل بناء العمل فنيا؟ - كتبت سيناريو مسرحى؛ وضعت تصورى للحدوتة والقصة ثم كتب الدكتور مدحت العدل الحوار والأشعار؛ كنت أنوى الإنتاج عن طريق شركتى وبدأت بالفعل فى تجميع الفريق مع المهندس حازم شبل لأن الرؤية البصرية للعرض بالنسبة لى كانت صعبة ومعقدة؛ ثم نادر حمدى؛ ولولا دعم الدكتور مدحت العدل ما خرج «شابلن» للنور حاربنا حروبا كبيرة؛ بعد وضع تصورنا للعرض اكتشفت أنه أكبر من إمكاناتى على الإنتاج؛ قدمنى أحد زملائى لشركة «سى سينما» شرحت لهم رؤيتى الموسيقية للعرض تحمس لها أحمد فهمى للغاية وبدأنا البروفات فى شهر يوليو. ■ فى رأيك ما الفارق بين العروض الميوزيكال الكاملة وما نقدمه فى مصر من عروض غنائية استعراضية؟ - هناك فارق كبير بين التعبير عن الحدث بالرقص؛ وبين حكى الحدوتة بالأغنية والرقص؛ الفرق ضخم وغير مدرك للأسف؛ شكل العروض الموسيقية فى برودواى لها اسلوب وطريقة فى البناء؛ هناك نمرة افتتاحية أو الأغنية الإفتتاحية؛ لا بد أن يحكى فيها البطل هدفه الذى يريد الوصول إليه فى العرض؛ ثم تبدأ كل شخصية فى تعريف نفسها بالغناء مثل: «أنا زى القدر النافذ» لإدجر؛ «أنا هيدا هوبر».. «أنواع الحزن كتير».. سيدنى؛ الأغنية هنا تعبر عن عمق الشخصية؛ ثم أغنية الأم؛ ثم فيما بعد تأتى الأحداث الرئيسية لضبط ايقاع العرض. ■ كيف سارت عملية الكتابة؟ - كتبنا ملامح دقيقة لوصف كل شخصية بالعرض بشكل تحليلى نحو 70 ورقة لكل فرد؛ كانت لدينا مدرسة فى الكتابة والبناء الدرامى؛ الأحداث والشخصيات؛ ثم الشكل النهائى الذى سيخرج عليه العرض؛ قررت ان يكون لدى ثلاثة انواع من المشاهد الفانتزيا؛ جوانب حياته الحقيقية فلاش باك أو مشاهد الاستوديو؛ ثم مشاهد أفلامه؛ كل كلمة فى العرض جلسنا على تلحينها معا أنا وإيهاب عبد الواحد الذى أراه عبقريا كان يلحن كل صورة؛ وكل كلمة بإحساسها الدرامى؛ الأغانى تحمل صورا من العرض وهذا صعب ونادر؛ ثم عمرو باترك فى تصميم الاستعراضات احببت اخلاصه وتفانيه فى عمله؛ عمرو خرج من الشكل التقليدى لحركة الباليه؛ كنت حريصا على أن يحكى التعبير الحركى كل ما نريد؛ أصبحنا نعمل معا بشكل متواصل لمدة عام كامل؛ ثم صادف وجاء إلى مصر «شون بيرن» هو كوريجراف مينى ميوزيكال؛ أقام ورشة خاصة مع عمرو والراقصين؛ حتى ينقل لهم اللغة التى اريدها؛ لكنه لم يصمم حرفا بالعرض؛ فتح ذهن عمرو على تفهم معنى الميوزيكال؛ اشتركنا معا فى رسم الحركة بالحدوتة؛ حتى إن كل العناصر على كل المستويات كانت تسير بشكل متضافر فى وحدة واحدة لم يعمل شخص بمفرده؛ تعلموا خلال الورشة كيفية مزج الغناء بالحركة لمدة ثلاثة أشهر فى بروفات متواصلة عنيفة. ■ هل ترى أن الاستعراض كان بطل العرض؟ عمرو تعب بشدة فى هذا العرض؛ وقدم عمله بإخلاص وتفان كبير؛ لم يتوقف جهده عند التصميم الحركى فقط؛ بل كان له دور كبير فى إعداد وتجهيز محمد فهيم بدنيا كان عبقريا وكنت فخورا بعملى معه للغاية. ■ كيف أقدمت على مغامرة تقديم عمل بهذا المحتوى الفنى الثرى للقطاع الخاص؟ - نحن فى مصر لا نمتلك منتجا مسرحيا استثماريا؛ بمعنى أن المسرحية صعب تمنحنا مقابلا ماديا كبيرا؛ لأننا لا ندرك معنى فكرة المنتج؛ فى رأى الفن اصله التسلية والمتعة والقدرة على إثارة الدهشة؛ لأننى لن اذهب للجلوس فى غرفة مظلمة حتى أشعر بالضيق أو الملل؛ تعريفنا للفن يحمل نوعا من الخلط؛ إذا وضعنا التسلية قاعدة سنستطيع أن نضع خلالها كل الأفكار والمحتوى الفنى الذى نريده؛ لأن الفكرة الجيدة لا تتعارض مع المتعة؛ وبالتالى قررت تقديم عمل مسلى يحمل سيرك؛ أكروبات؛ ثم لحظات ضحك؛ ثم أخذ الجمهور فى رحلة يشعر مرة بالبهجة ولحظة أخرى قد يتأثر بالبكاء؛ هناك فرق بين تحريك المشاعر؛ وان اجعلك داخل الحدث فالعرض يحمل العمق الكافى ثم التسلية. ■ ألم تر أنها مخاطرة غير مأمونة بالقطاع الخاص؟ - بالتأكيد.. لكن الشركة اقتنعت والدكتور مدحت العدل منحنا دعما كبيرا؛ قدمت لهم خطة كاملة بالميزانية وتصورى عن احتمالات المكسب والخسارة من خبرتى بمجال الشركات؛ لأننى راهنت على تقديم منتج فنى محترم حتى إن العرض ليس به نجوم لكن العمل نفسه هو البطل؛ المهم تقديم الشىء بشجاعة ليس معنى التسلية الكوميديا؛ لأن الجمهور المصرى حتى ولو أمامه عمل درامى سيحب الخروج والمشاهدة إذا تحققت المتعة بلا ملل؛ كيف ظهرت عروض «الميوزيكال» فى أمريكا؟!.. لأنهم توصلوا فى أواخر العشرينات من القرن الماضى إلى أن المسرح الفن الوحيد الحى الناطق بدأ يتراجع مع ظهور السينما الناطقة؛ عندما تكلمت السينما هجر الجمهور المسرح؛ انتبه المسرحيون إلى أن المسرح أصبح غير قادر على منافسة السينما؛ وهذا ما يحدث لدينا اليوم؛ بدأوا فى دراسة الموقف واكتشفوا أن الموسيقى وسيط محبب للجمهور؛ ففى سيكولوجية التلقى عندما يتلقى الجمهور الموسيقى بين مجموعة وقعها يكون مختلفا على نفسية الفرد؛ وبالتالى قرروا ادماج الموسيقى بالمسرح؛ وهذا البناء الموسيقى للعروض أصبح يدرس بالعالم الآن؛ أتمنى أن يغير العرض شكل المسرح الموسيقى فى مصر الفترة المقبلة. ■ ماذا بعد العودة إلى مصر؟ - لدى خطة بعد ستة اشهر لتقديم عروض ماتينيه مثلما يحدث بالخارج؛ هذه العروض تقوم على تقديم نفس العرض بأبطال آخرين مجموعة من الشباب الموهوبين وبأسعار تذاكر مخفضة عن العرض الرئيسى؛ سيكون العرض مقيما؛ وأتمنى أن نصل لمرحلة تقديم نسخة هنا وأخرى بالسعودية؛ الافتتاح كان بالسعودية وقد تكون لدينا جولات مقبلة فى دول أوروبية.