كتبت جماعات التمرد المسلح فى تشاد الفصل الأخير لمسيرة واحد من أبرز حكام الدول الأفريقية خصوصا فى منطقة الساحل والصحراء، حينما قامت باغتيال الرئيس التشادى إدريس ديبى أحد أطول الزعماء الأفارقة حكما، حيث حافظ على مقاليد السلطة على مدى 30 عاما. الرئيس التشادى ادريس ديبى الذى كان ملقبا باسم «الناجى العظيم» نظرا لتواجده الدائم فى خطوط المواجهة ونجاته من العديد من محاولات الإنقلات والتمرد على مدى عقود حكمه الثلاثة، كان حليفا قويا للغرب، وتحديدا فرنسا فى المعركة ضد التنظيمات الإرهابية بمنطقة الساحل الإفريقي، وعليه مثلت وفاته تهديدا جديدا فى منطقة الساحل الأفريقى ستمتد آثارها لأمن 5 دول جوار لدولة تشاد هى السودان وليبيا والنيجر ونيجريا وافريقيا الوسطى. لكن ردود الفعل على اغتيال ديبى ومشهد تشييع جثمان الرئيس الراحل الجمعة الماضية، بحضور 12 رئيس دولة على رأسهم الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، ربما يعكس صورة الدعم الغربى للإدارة الإنتقالية فى مواجهة التمرد المسلح، ذلك أن ماكرون وعد فى كلمته ونظرائه فى دول الساحل بتقديم الدعم للمجلس السعكرى برئاسة نجل ديبى؛ للحفاظ على «استقرار» حليفهم الاستراتيجى فى المعركة ضد الجهاديين فى المنطقة. التحدى الأساسى الذى يواجه المنطقة هو تأثير المواجهة مع حركات التمرد التشادية على دول الجوار خصوصا ليبيا والسودان، ذلك أن «جبهة الوفاق من أجل التغيير» المسئولة عن اغتيال ديبى تتخذ من الجنوب الليبى معقلا لها واستفادت من تحالفات مع تنظيمات موجودة بالداخل الليبي، وفى نفس الوقت تتحرك تلك الحركات فى الغرب السودانى وتحديدا فى منطقة دارفور. واعتبر العميد خالد عكاشة مدير المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتجية، أن ما حدث فى تشاد مؤشر خطورة فى أن تتمكن الجماعات المسلحة من خوض حروب ضد جيوش وطنية، وتصل لمرحلة محاصرة العاصمة، ووفاة الرئيس التشادى يضرب جهود مكافحة الإرهاب فى منطقة الساحل والصحراء. وقال إن الرئيس الراحل كان أحد الأعمدة الأساسية وجسر التعاون فى مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل، وأن حالة عدم الاستقرار فى تشاد ستؤثر بالتأكيد على أمن 5 دول جوار وهى دول مرتبطة بشكل كبير بمصر خصوصا ليبيا والسودان، حيث ستنتقل التنظيمات المسلحة للجنوب الليبى والغرب السودانى وهى مناطق استراتجية. وقال عكاشة إنه يتمنى أن ينجح الجيش التشادى فى السيطرة على الأوضاع هناك؛ لأن هناك تحالفات بين التنظيمات الإرهابية فى وسط وشرق أفريقيا ومنطقة الساحل، وهو ما يضاعف من حجم التحديات بالمنطقة.