لم تكن تعلم السيدة الرقيقة أنها على موعد مع القدر؛ رحلت شويكار «دلوعة السينما والمسرح» المبهجة الدافئة، أو كما يحب أن يطلق عليها الجميع عنوان أشهر وأنجح أعمالها المسرحية.. «سيدتى الجميلة»؛ هاتفتها منذ أسبوع مضى؛ كى أتشرف بإجراء لقاء صحفى طويل عن تجربتها فى المسرح والكوميديا؛ أجابتنى بعذوبتها المعتادة بترحيب كبير، وبدفء صوتها قالت.. «أهلا وسهلا أهلا..أنا بس تعبانة يا حبيبتى اليومين دول مش قادرة أقابل حد لكن لازم نتقابل».. وفى أقل من الثانية استدعت أحد المقيمين معها بالمنزل كى يأخذ بياناتى ويحتفظ بها لحين استرداد عافيتها، وعلى وعد بأنها ستعاود الاتصال بى لتحديد موعد للقاء قريب، اكتفيت «أنا» بهذه السعادة العابرة من هذا الحوار القصير فى انتظار الوعد الجميل؛ لكن القدر سبقنا! «سيدتى الجميلة» بينما أحيانًا قد يمن علينا القدر بأشياء لم نكن نتوقعها ولو كنا حرمنا منها لندمنا أشد الندم، كانت مسرحية «سيدتى الجميلة» كما يروى البعض على وشك ألا يتم تصويرها بسبب رفض شويكار إعادتها على المسرح فى ذلك اليوم، حتى أنه تم تصويرها تليفزيونيًا دون أن تعلم، وكذلك بسبب تخوف مدير المسرح من زيادة الإضاءة بداخله مما قد يؤدى إلى مشكلة أثناء التصوير فكان لابد من أن يحصل على موافقة من فؤاد المهندس وسمير خفاجى، استمر عرض المسرحية 3 أشهر و18 يومًا، وتم تصويرها فى مسرح الأوبرا بمدينة الإسكندرية؛ علاقة استثنائية جمعت بين ثنائى فنى غير متكرر «فؤاد المهندس» و«شويكار» وكأنهما الترجمة الحرفية لمصطلح «الكيمياء» هالة غير مرئية تحيطهما معا أثناء صعودهما على المسرح أو أمام كاميرا السينما يعتبران النموذج الأمثل للثنائية الفنية والعاطفية؛ يروى المنتج والمؤلف الراحل سمير خفاجى حكايات وقصصا مثيرة عن علاقته بشويكار وفؤاد المهندس لحظات الحب والفن والزواج والخلاف والعودة؛ قال خفاجى فى مذكراته «أوراق من عمرى» والتى أعدها للنشر الفنان محمد أبو دواود؛ عن هذا الثنائى وعمق صلته بهما.. لقاء شويكار والمهندس «كانت مسرحية «السكرتير الفنى» التى لم تقدم بنفس الاسم أبدا، والتى كتبها الكاتبان بديع خيرى ونجيب الريحاني؛ وهى مقتبسة عن مسرحية الكاتب الفرنسى مارسيل بانيول أطلق عليها الريحانى عدة أسماء أولها «الجنيه المصرى»، ثم قدمت باسم الأستاذ «ياقوت» و«ياقوت» هى الترجمة الحرفية لاسم الرواية، ثم أعيد تقديمها باسم «الدنيا ماشية كده»، أما اسم «السكرتير الفنى» هو الاسم الذى قدمت به المسرحية فى جمعية أنصار التمثيل والسينما، كانت ستقدم فى فرق التليفزيون بطولة سيد بدير وبرلنتى عبدالحميد ويخرجها حمدى غيث وحدث أن كلف السيد بدير بمهمة تستغرق وقتا طويلا فى أمريكا، فأسند الدور إلى فؤاد المهندس وتركها أيضا حمدى غيث بسبب انشغاله بعرض «الشوارع الخلفية»، ثم أسند الإخراج لعبد المنعم مدبولى فى أول تعاون بينه وبين مسرح التليفزيون، بدأت البروفات لكن بطلة العرض السيدة برلنتى عبدالحميد طلبت تعديلات كبيرة فى النص الذى اعتبره الأستاذ مدبولى افتراء على النص، طلب الأستاذ مدبولى حسن حلمى مدير مسرح التليفزيون وقتها، أخبره باستحالة التعاون بينه وبين السيدة برلنتى فلما سأله حسن حلمى عن البديل اقترح مدبولى اسم السيدة «شويكار» التى لم يكن يعرفها حسن حلمى فقال له أنها فتاة مجتمع تهوى التمثيل وقد سبق لها العمل فى مسرحيات قليلة فى فرقة أنصار التمثيل اضطر الأستاذ حسن حلمى على الموافقة وكان هذا أول لقاء بين «فؤاد المهندس» و«شويكار» الذى امتد طويلا بعد ذلك نجحت المسرحية نجاحًا منقطع النظير وأعيد عرضها مرات كثيرة وكون فؤاد المهندس وشويكار أنجح ثنائى ظهر على خشبة المسرح المصرى».
قصة الحب «بعد نجاح «أنا وهو وهى» الذى أحدث ضجة غير مسبوقة نشأت علاقة بين المهندس وشويكار الثنائى الأشهر، حدث ما كانت تخشاه السيدة زوجة فؤاد، ففى أثناء عرض المسرحية كانت نهاية الفصل الأول ينام الاثنان على الأرض متجاوران على بطنهما ويهزان أقدامهما ووجههما عكس اتجاه الجمهور وكان مدبولى يرى أن هذه اللحظة العاطفية يجب أن يصاحبها مقطوعة موسيقية ناعمة كى تساعد على إضفاء الجو العاطفى للمشهد.. وكان فؤاد لا يحب المؤثرات الخارجية من الموسيقى التصويرية، كما استقر فى نفسه فترة نجيب الريحانى الذى لم يستعمل الموسيقى التصويرية فى مسرحياته إطلاقا لكن فى نهاية عرض المسرحية فى الأوبرا فاجأ مدبولى فؤاد بالموسيقى فى هذا المشهد وكان مفعول الموسيقى كالسحر ليس بالنسبة للجمهور الذى أحس بدفء المشهد بينما بالنسبة لفؤاد وشويكار اللذين شعرا بالاقتراب من بعضهما وبدأت قصة الحب بينهما التى انتهب بالزواج وبدأ يكثر الخلاف بين فؤاد وزوجته الأولى الذى انتهى بالطلاق» غيرة المهندس «فى أحد الأيام كنا نقدم إعادة لمسرحية «أنا وهو وهى» نشأ خلاف حاد بين فؤاد المهندس وشويكار سببه غيرة فؤاد القاتلة عليها فقد كان يشك فى كل شىء، تدخلت بينهما أعدت المياه لمجاريها، لكننى فوجئت باختفاء فؤاد المهندس أكثر من يوم وفجأة وجدته فى منزل زوجته الأولى وحالته النفسية سيئة جدا ويريد مقابلتى قال أن حياته مع شويكار أصبحت مستحيلة وأنه قرر الانفصال عنها ولابد من أن يطلقها وكنت فى غاية الحرج كيف أقنعه أن يتريث فى اتخاذ القرار وهو فى منزل زوجته الأولى وفى حضورها.. لم استطع النطق ونحن فى هذا الشد والجذب، دخل الفنان صلاح ذو الفقار وهو صديق فؤاد الحميم وزميله منذ الصبا وجاره فى العباسية وزوجته صديقة زوجة فؤاد ووجدت معه شخصا غريبا علمت أنه مأذون العباسية وأن فؤاد قد أصر على أن يطلق السيدة شويكار غيابيا، حاولت الخروج من هذا المأزق بالانصراف، وكانت غلطة لا يمكن أن اغتفرها لنفسى بأن شهدت على الطلاق وكانت سقطة، ساءت حالة فؤاد النفسية بعد الطلاق ففؤاد حينما تزوج المرة الأولى كان ليس له أى تجارب وتزوج وكان زواجه لسبب غريب هو أن زوجته اختارها لشدة الشبه بينها وبين أم كلثوم، وبعد أن تزوج لم يعرف سيدة أخرى سوى شويكار ونشأت علاقة الحب بينهما وتزوجها وكان يحبها ويغار عليها وحينما طلقها كان ما يزال يحبها حبا شديدا وكان علاجه الوحيد للخروج من هذه الحالة السيئة، الححنا عليه أن يبدأ بروفات مسرحية فورا وكان لا يتصور أن تحل بطلة أخرى محل شويكار اقترحنا عليه الفنانة سناء جميل ووجد أنه اختيار جيد، ثم حدث شىء غريب كنت التقى بفؤاد يوميا وفجأة وجدته احتجب لفترة زادت الغيبة لأسبوعين ولم أجد لهذا الإحجاب مبررا ثم علمت السر من يحيى سليط قال لى اقولك سر عاد فؤاد لشويكار قال إن فؤاد لجأ للأستاذ سيد بدير الذى قام بدور حمامة السلام بينهما واستطاع الأستاذ سيد اذابة الخلافات بينهما وأحضر المأذون لردها إلى عصمة فؤاد مرة أخرى وكان شاهدا على العقد الأستاذ سيد بدير ويحيى سليط وأبلغنى سليط أن شويكار عاتبة على عتابا شديدا إذ أنى كنت شاهدا على الطلاق...!» «بعد 13 سنة» «شرعت فيما بعد فى كتابة مسرحية اسميتها «بعد 13 سنة» ولما انتهيت من كتابتها عرضتها على الأستاذ حماد الذى أعجب بها كانت بطولة المسرحية المطلقة نسائية، فالبطلة هى عمود المسرحية الفقرى ولابد أن تكون جميلة وكوميديانة، وجدت ان كل المقاييس المطلوبة متوفرة فى شويكار فأعطيتها المسرحية أعجبت بالدور وتحمست للقيام به وما إن علم فؤاد أن شويكار ترغب فى القيام بالدور حتى ثار ثورة عارمة ورفض رفضا تاما وحدثت مشكلة بينهما وكنت أنا سبب هذه الأزمة..بعد رفض فؤاد لعمل شويكار فى هذه المسرحية كان أمين الهنيدى من هذا الرفض ويقول أن فرصة فؤاد المهندس دائما هى الأعلى بفضل وجود شويكار إلى جانبه فى كل أعماله وقد حرص أمين الهنيدى على أن يتزوج بسيدة شديدة الشبه بالفنانة الكبيرة شويكار». ولدت شويكار بالإسكندرية عام 1936 من أب مصرى الجنسية وتركى الأصل وأم شركسية كان جدها ضابطا فى جيش محمد على باشا ولقب باللقب التركى «طوب صقال» اكتشفت موهبتها فى نادى سبورتنج بالإسكندرية قدمت ادوارا تراجيدية ثم اكتشفها المخرج فطين عبد الوهاب حيث وجد بها موهبة فنية خاصة فى مجال الكوميديا قدمت شويكار ثنائيا غير متكرر مع الراحل فؤاد المهندس قدما انجح أعمالهما معا سواء بالسينما او المسرح من أهم أعمالها الفنية «مطاردة غرامية»، «اجازة غرام»، «الزوجة 13»، «المجانين فى نعيم»، «كشف المستور»، «شنبو فى المصيدة»، «أخطر رجل فى العالم»، «العتبة جزاز»، «رجل لهذا الزمن»، «أنت اللى قتلت بابايا»، «شلة المحتالين»، «سفاح النساء»، «ربع دستة اشرار»، «عروس النيل»، «غرام فى أغسطس»، «الكرنك»، «فيفا زلاطة»، «المليونير المزيف»، «عريس بنت الوزير»، ومن أعمالها المسرحية «أنا وهى وسموه»، «السكرتير الفنى»، «سيدتى الجميلة»، «سك على بناتك»، «هاللو دوللى»، «أنا وهو وهى»، «حواء الساعة 12»، «إنها حقا عائلة محترمة»، «روحية اتخطفت»، «أنا فين وأنت فين».