باتت المعطيات تؤكد أن تركيا على أعتاب عزلة إقليمية فى منطقة الشرق الأوسط، وأن حربها فى ليبيا مصيرها الفشل، خاصة بعد الزخم العربى الدولى الذى عززته مبادرة القاهرة. إذ لازالت تتوالى الردود الدولية التى استثمرت المبادرة المصرية لرفض بلطجة النظام التركى، وتضييق الخناق عليه وتحجيم تحركاته مع حليفته حكومة الوفاق فى طرابلس، للتنقيب عن النفط قرب السواحل الليبية، حتى وجهت إيطاليا واليونان ضربتهم للرئيس التركى رجب طيب أردوغان بإعلانهما توقيع اتفاق تاريخى لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، بهدف استكشاف الموارد البحرية، بعد رفض دام 43 عاما. وتتمثل أهمية هذا الاتفاق فى إحباط تركيا عن التوسع فى عملياتها للتنقيب عن الغاز فى المتوسط بما يتضمن تعدى على المناطق الاقتصادية الخاصة بمصر واليونان وقبرص، كما أنه سيحمى أثينا من التهديد التركى فى انتهاك سيادتها البحرية بالتنقيب فى حقولها النفطية، كما سيحدد حق قبرص فى استكشاف الموارد النفطية فى المنطقة الاقتصادية الخاصة بها دون تدخلات تركية. ويؤكد هذا الاتفاق اتفاقاً سابقاً موقعاً عام 1977، يضمن حق الجزر فى أن تكون لديها مناطق بحرية، كما يؤكد يونانية الجزر فى مناطق اليونان البحرية، ويتيح الفرصة لليونان فى إعادة ترسيم الحدود البحرية مع البانيا، وتعزيز سبل التعاون فى الطاقة بين البلدين وتوسيع الشراكة فى مشروع أنابيب غاز المتوسط. قوبل هذا الاتفاق سابقا بالرفض والغضب الشديد من الجانب التركى، إلا أن هذه المرة لم يأت الرفض فى صورة تصريحات رسمية ولكنه جاء فى صورة أفعال همجية وإجرامية قامت بها جماعات إرهابية موالية لتركيا، هاجمت مليشيات مسلحة صباح أمس الأربعاء، مجمع غاز مليتة الإيطالى وقامت بطرد العاملين فيه وأوقفته عن العمل.