ملعون هذا «الموساد» في كل كتاب.. وملعونة تلك «القاعدة» علي كل لسان.. لكنهما لا يمكن أن يكونا وراء كل أزمة، نحتار في فك طلاسمها.. أو نفقد القدرة علي التعاطي معها وعلاجها. لا «الموساد» ولا «القاعدة» هما اللذان أنتجا مهزلة انتخابات برلمان 2010 بكل ما أصبح معروفا عنها بالضرورة.. ففي تلك اللحظة لدينا برلمان من زمن الاتحاد الاشتراكي، يقف عاجزا عن التعامل مع كارثة «كنيسة القديسين» رغم تحريك عدة لجان لتقصي الحقيقة.. ونحن أمام الوزير – النائب – «مفيد شهاب» الذي لا يطيق كلام ولا رؤية الدكتور «رفعت السعيد» رئيس حزب التجمع.. ينفعل في وجه أي إعلامي يطرح عليه سؤالا، خلال مداخلاته التليفزيونية.. ووصلنا إلي لحظة نري فيها واحدا من أهم رموز مصر.. صاحب قيمة وقامة بحجم «بهاء طاهر».. يتعرض للدفع من رجال الأمن، لمجرد أنه خرج مع عدد من كبار المثقفين لإعلان إدانتهم لجريمة الإسكندرية ومحاولات تعميق الفتنة الطائفية.. عاملوه كما يعاملون الشباب الثائر والغاضب، الذي يصرخ ذبيحا من الألم دون قدرة علي فهم واستيعاب ما وصلنا إليه! لا «الموساد» ولا «القاعدة» هما اللذان خلقا أزمة الكتاب الخارجي في بداية العام الدراسي.. فصانعها هو وزير التربية والتعليم – دافعت عنه من قبل للأسف – ثم يستمر في ممارسة هواية صناعة العواصف، فيذهب إلي قرار تحويل المدارس القومية إلي تجريبية.. وحاول تحدي الطلاب وأولياء الأمور، الذين تظاهروا ضده ثم لجئوا للقضاء.. فكان أن سقط قراره من أول جلسة أمام محكمة القضاء الإدراي. لا «الموساد» ولا «القاعدة» هما اللذان حاولا تجريد الفقراء مما تبقي لهم من حقوق العلاج.. كما أنهما لم يحاولا ضم المستشفيات الجامعية إلي وزارة الصحة.. فالذي فعل هو وزير الصحة، ثم افتعل أزمة مستشفي العباسية لنكتشف بعدها أن الرجل يفكر في قرارات تجريبية.. كما وزير الثقافة الذي تساقط من حوله بضع قيادات.. واحد بعد الآخر.. في جرائم فساد.. وتم تسجيلهم في خانة الاختيارات التجريبية! لا «الموساد» ولا «القاعدة» هما اللذان حرما الدكتور «هاني الناظر» من جائزة الدولة التقديرية.. ولا هما اللذان عزلا الدكتور «محمد السعدني» عن قيادة أكاديمية مبارك، لمجرد أنه جرؤ علي الكلام.. ولا هما اللذان دفعا وزير التعليم العالي إلي تحدي كل موهوب في هذا الوطن، وصولا إلي حرمان طالب متفوق من منحة مجانية قدمتها له الجامعة البريطانية! لا «الموساد» ولا «القاعدة» هما اللذان هدما مصنع الإسكندرية للملابس، ليموت العشرات من الأبرياء.. وتفوح رائحة الفساد العطنة، ثم نسمع المحافظ يدافع عن نفسه بتصريحات فاسدة! ولا هما اللذان باعا أراضي الدولة بأبخس الأثمان، لتظهر فضيحة «مدينتي» وما بعدها من فضائح علي الطرق الصحراوية من القاهرة إلي الإسكندرية.. ومن القاهرة إلي الإسماعيلية وغيرها في البحر الأحمر وسيناء وتوشكي وباقي محافظات مصر.. كما أنهما لم يتآمرا علي العبارة التي راح أكثر من «ألف» ضحايا في كارثتها.. ثم أنهما لم يساعداه علي الهرب خارج مصر، حاملا حصانة برلمانية! لا «الموساد» ولا «القاعدة» هما اللذان صنعا أزمة أصحاب المقطورات ودفعوهم إلي الإضراب عن العمل لأيام طويلة.. ولا هما اللذان خدعا أصحاب التاكسي الجديد، فجعلوهم يتركون عملهم بحثا عن لقمة العيش ويقفون رافعين اللافتات – متظاهرين – يرفضون خديعة وزارة المالية. لا «الموساد» ولا «القاعدة» هما اللذان أفشلا مسألة تنظيم المرور في العاصمة وباقي مدن الوطن.. ولا هما اللذان تربصا بالمسئولين الذين عجزوا عن تنظيف هذه المدن للحد الذي جعلنا نصرخ كما المجانين نتمني العلاج من مرض.. عالجت الدنيا نفسها منه منذ أكثر من نصف قرن.. ولا هما اللذان تركا الحبل علي الغارب للفساد يمرح، حتي وصل «للركب» قبل عدة أعوام حسب قول الدكتور «زكريا عزمي» تحت قبة البرلمان.. وكلنا نعرف أين وصل الفساد في تلك اللحظة! لا «الموساد» ولا «القاعدة» هما اللذان اعتديا علي أرض ميدان التحرير ولا جزيرة آمون في أسوان.. ولا هما اللذان ورطانا في فضيحة بيع «عمر أفندي» وباقي أصول الدولة بطريقة جعلت الدنيا تصرخ من الدهشة.. ولا هما اللذان أنفقا عشرات الملايين علي جراج «رمسيس» الذي هدمناه دون محاسبة الذين أهدروا تلك الأموال. لا «الموساد» ولا «القاعدة» هما اللذان ورطونا في استيراد قمح فاسد ولحوم فاسدة.. ولا فضيحة أموال العلاج علي نفقة الدولة.. ولا هما اللذان جعلا حكومتنا تفشل في توظيف أكبر ترسانة إعلامية في الشرق الأوسط لإقناع الرأي العام أن لها إنجازات.. فالحكومة تنفق المليارات علي إعلام مرئي ومسموع، دون أن تحصل منه علي أي مردود إيجابي.. فتعالج فشلها وعجزها بإطلاق الصحافة الحكومية علي الإعلام الخاص لسبه وتشويهه ليل نهار. لا «الموساد» ولا «القاعدة» هما اللذان فرضا علينا أن نعاني من كل تلك الأزمات.. ولا هما اللذان حاصرا الأحزاب، ثم صرخا في وجهها بأنها عاجزة.. ولا هما اللذان قدما لنا المهندس.. الاقتصادي.. الكاتب الصحفي.. عبقري زمانه.. العملاق «أحمد عز»! إذا كان «الموساد» أو «القاعدة» يبذلان أقصي الجهد لزراعة الفتنة الطائفية في مصر.. فتلك حقيقة لا نقاش فيها.. لكنهما يجنيان ثمرة كل أداء فاشل وعاجز ومشبوه، يحرث لهما الأرض قبل إقدامهما علي ارتكاب أي جريمة نعلم أنهما متورطان فيها. ملحوظة: هذا المقال كتبته ونشرته قبل عام تقريبا.. وتحديدا يوم 6 يناير 2011.. بعد جريمة تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية.. هل حاكمنا أحداً من رموز النظام الساقط علي تلك الجرائم؟ الإجابة يمكنك أن تصل إليها دون حاجة لتوضيح من جانبي!